السؤال الأكثر انتشارا هذه الأيام وسط شعبنا بكل مجالس الحديث وفِي مواقع التواصل الاجتماعي، هو: متى سيصل اللقاح؟
هذا الانشغال الشعبي والمجتمعي يعتبر طبيعيا بحكم تطلع الجميع إلى الخروج من الوضعية الصعبة والعودة إلى الحياة الطبيعية، وأيضا بسبب ما تخبر به وسائل الإعلام حول شروع عدد من البلدان في تلقيح مواطنيها…
وبدل الجواب على أسئلة الناس وطمأنتهم، تركوا فريسة الإشاعات والتخمينات، وفِي كل مرة ينتشر موعد جديد عبر مواقع التواصل ثم يتأكد أنه غير حقيقي، ويبقى شعبنا داخل دوامة لا تنتهي، ويعيش تحت وقع الانتظار والترقب.
يمكن أن تكون هناك مبررات موضوعية للتأخير، ويمكن أن تحدث إكراهات القوة القاهرة، كل هذا وارد في سياق الحرب المشتعلة بين الدول حول اللقاح، ولكن غير المفهوم هو هذا الصمت الرسمي المطبق، وانعدام التواصل مع الشعب.
عندما يصرح وزير الصحة ويبرز التطلع إلى تحقيق مناعة جماعية واسعة، فإن الخرس التواصلي الحالي يساهم في إضعاف تعبئة شعبنا، ويؤثر بشكل سلبي على النفسية العامة، ويزيد من تفاقم الشك والتوجس، وكل هذا ستنجم عنه صعوبات حقيقية في جعل الناس يقبلون على التطعيم أو الثقة في العملية برمتها.
لا يمكن أن نجد مبررا قويا لإقناع المغاربة اليوم بهذا التبرم الحكومي الفاضح من الحديث والتواصل معهم، أو إخبارهم وتنويرهم بما يقع.
الأمر يتعلق بصحة الناس، وبأزمة صحية ومجتمعية قاسية وغير مسبوقة، ويتعلق كذلك بتطلع المغاربة للخروج من شلل اقتصادي وارتباك كبير في كل مناحي الحياة، ومن ثم يعتبر التواصل الحكومي وتمتين الحضور الإعلامي والسياسي للحكومة في المشهد الوطني أساسيًا ومحوريا.
لماذا لم يتسلم المغرب بعد شحنات اللقاح؟ ومتى سيتم ذلك؟ ومتى ستبدأ عملية التطعيم؟ وكيف ستتم؟ وما هي مختلف مراحلها وإجراءاتها التنظيمية والميدانية؟ وماهي ضمانات الأمان والسلامة؟
كل هذه الأسئلة لا يجوز الصمت بشأنها من طرف السلطات الصحية والحكومية، ومن غير المقبول ترك المغاربة عرضة لأجوبة الدجل والتضليل بخصوصها من طرف ما ينشر حواليهم من لدن أي كان.
لقد أحس المغاربة بكثير من الاعتزاز والاطمئنان وهم يتابعون مساعي المملكة لحجز واقتناء اللقاح، وأيضا وهم يسمعون أن البلاد وفرت كل الشروط والتجهيزات اللوجيستيكية الضرورية لتسلم هذه الشحنات وتخزينها واستعمالها، كما بقوا مطمئنين لخبرة الأطقم الطبية والتمريضية والإدارية الوطنية وقدرتها على إنجاح العملية برمتها، وقيل، منذ مدة، بأن البلاد في المراحل الأخيرة لإكمال شروط وإجراءات الترخيص والتزود، ولكن فجأة كل هذا توقف، وصار الشك سيد المكان، وعاد الخوف والتوجس ليسيطر على العقول والنفوس، ورغم ذلك لم تر حكومتنا الموقرة أي أهمية لشرح ما وقع، ولم تلاحظ كل هذا الارتباك الشعبي، ولم تبال بضرورة الجواب على أسئلة الناس وطمأنتهم.
صمت وزارة الصحة خطأ، صمت الحكومة ولامبالاتها خطأ، والمطلوب اليوم المبادرة إلى تنوير المغربيات والمغاربة وطمأنتهم، والسعي إلى تقوية ثقتهم في مؤسسات بلادهم، وفِي نجاعة عملية التطعيم المنتظرة، وفِي قرب انتهاء هذه المحنة الصحية والمجتمعية القاسية.
<محتات الرقاص