قفزت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي أول أمس الثلاثاء إلى نحو 200 يورو لكل ميجاوات ساعة، وذلك لأول مرة منذ أوائل مارس الماضي، بالرغم من إقرار الاتحاد الأوروبي خطة لخفض الاستهلاك تحسبا لقرار روسيا بوقف إمداداتها كورقة ضغط ضد العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا.
وخلال التعاملات في البورصة الأوروبية للغاز الطبيعي ارتفع بعد ظهر الثلاثاء سعر الميجاوات ساعة تسليم أغسطس بنسبة 13.3 في المئة ليقارب 200 يورو، وذلك بالنسبة إلى العقود الآجلة لمؤشر “تي تي إف” الهولندي للغاز، والذي يعد المعيار المرجعي للأسعار الأوروبية.
وكان سعر الغاز الطبيعي في أوروبا قد ارتفع على نحو ملحوظ الاثنين وذلك بعدما أعلنت شركة غازبروم الروسية أنها ستخفض مرة أخرى وبشكل كبير إمدادات الغاز التي يتم ضخها عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 المار عبر بحر البلطيق من 40 في المئة إلى 20 في المئة اعتبارا من الأربعاء.
وبات خطر وقف توريد الغاز الطبيعي من روسيا آخذا في التزايد منذ اندلاع الحرب وفرض عقوبات مشددة على روسيا، وستؤدي هذه الخطوة إلى التأثير بقوة على الاقتصاد الأوروبي.
واتفق الاتحاد الأوروبي على خطة لخفض استهلاك الغاز الثلاثاء، في خطوة للتضامن مع ألمانيا والرد على استخدام روسيا الإمدادات سلاحا اقتصاديا.
وتلزم الخطة دول الاتحاد الأوروبي بخفض استخدامها الغاز بنسبة 15 في المئة خلال فصل الشتاء، مع وجود استثناءات لبعض الدول، إلا أن المجر كانت البلد العضو الوحيد الذي عارضها قائلا على لسان وزير خارجيته بيتر سيّارتو “هذا اقتراح غير مبرر وعديم الفائدة وغير قابل للتنفيذ وضار”. وأضاف أن هذا الاقتراح “يهدف إلى الحفاظ على مصداقية بعض السياسيين في أوروبا الغربية”.
لكن الخطة الأوروبية تواجه معارضة من عدة دول مثل بولندا وإسبانيا وكذلك إيطاليا واليونان والبرتغال.
وقال وزير الصناعة التشيكي جوزيف سيكيلا الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي “لقد أنجزنا خطوة كبيرة نحو تأمين إمدادات الغاز لمواطنينا واقتصاداتنا لفصل الشتاء المقبل”. وأضاف “أعلم أن القرار لم يكن سهلا لكنّني أعتقد في النهاية أن الجميع يفهم أن هذه التضحية ضرورية”.
وتطلب الخطة من الدول الأعضاء خفض استهلاك الغاز طوعا بنسبة 15 في المئة، بناء على معدّل خمس سنوات للأشهر المعنية، اعتبارا من الشهر المقبل وخلال الشتاء التالي حتى مارس.
وسيكيّف هدف 15 في المئة مع وضع كل بلد عبر سلسلة إعفاءات، مع أخذ مستوى المخزونات لدى كل منها في الاعتبار وإن كانت لديها خطوط أنابيب لمشاركة الغاز. وأعلنت غازبروم الاثنين أنها ستوقف تشغيل أحد آخر التوربينين العاملين بسبب “مشكلة تقنية في المحرّك”.
وأوضحت عبر حسابها على تلغرام “ستصبح القدرة الإنتاجية لمحطة الضغط بورتوفايا 33 مليون متر مكعّب في 27 يوليو”، أي نحو 20 في المئة من إمكانيات خط أنابيب نورد ستريم مقابل 40 في المئة حاليًا.
لكن مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون رفضت الأمر. وقالت “نعرف أنه لا يوجد سبب تقني للقيام بذلك”. وأضافت “هذه خطوة مدفوعة سياسيا وعلينا أن نستعد لذلك، ولهذا السبب بالذات يعد الخفض الاستباقي لطلبنا على الغاز استراتيجية حكيمة”.
ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دول الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد وبشكل عاجل لأسوأ سيناريو للغاز في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا عن خطط لزيادة خفض إمدادات الغاز إلى ألمانيا في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقالت فون دير لاين إن الدول الأوروبية التي لا تعتمد على الغاز الروسي تحتاج إلى إظهار التضامن مع تلك المضطرة للمشاركة في جهود الاستعداد لانقطاع إمدادات الوقود الوشيك. وأضافت “حتى الدول الأعضاء التي لا تشتري أيّ غاز روسي تقريبا لا يمكنها النجاة من آثار التوقف المحتمل للإمدادات في سوقنا الداخلية”.
أسعار الغاز تقفز بالرغم من إقرار خطة أوروبية لخفض الاستهلاك
الوسوم