أسود الأطلس تغادر كأس العرب في مرحلة الربع

لم يجانب كل من المدرب الحسين عموتة، والعميد بدر بانون، الصواب عندما كانا السباقين إلى الاعتراف بأن أداء المنتخب المغربي الرديف لم يكن أبدا في مستوى المواجهة المثيرة، أمام منتخب جزائري كان الأفضل طيلة أطوار المباراة، واستحق إلى أبعد الحدود المرور إلى دور نصف بطولة كأس العرب لكرة القدم “فيفا 2021”.

ظهرت العناصر الوطنية مرتبكة، عاجزة، مشتتة التفكير، غير جاهزة من الناحية الذهنية، كما لم تمتلك القدرة على فرض أسلوبها في اللعب، مما سمح لأصدقاء ياسين براهمي بممارسة الضغط العالي، والتحكم في وسط الميدان، وهو العامل الذي سمح لهم بفرض مراقبة صارمة على مجريات المواجهة.

ولولا الضربات الثابتة التي تعتبر نقطة واضحة في أداء “الثعالب”، لما تمكن “أسود الأطلس” من العودة في النتيجة، وكسب التعادل مرتين عن طريق استغلال جيد لضربتي خطأ، تحولتا إلى هدفين، برأسيتين مركزتين، بواسطة المدافعين محمد الناهيري وبانون.

فمنذ البداية، فاجأت العناصر الوطنية الجميع بارتباك وغياب التركيز، وضياع الكرة بطريقة غريبة، والعجز الكلي عن الاحتفاظ بالكرة، وعدم التمكن من بناء الهجمة، إذ كان الجزائريون أكثر استباقا للكرة، وأكثر ربحا لأغلب النزالات الثنائية وإبطالا لمفعول مفاتح اللعب في أسلوب عموتة.

ساد الاعتقاد أن أسبوع الراحة الذي استفاد منه لاعبو المنتخب المغربي، عكس نظيره الجزائري الذي خاض مواجهة قوية ضد المنتخب المصري في آخر جولة عن دور المجموعات، عامل سيلعب لصالح أشبال عموتة، إلا أن العكس هو الذي حصل، ولم يحدث ذلك الفارق المنتظر على المستوى البدني، رغم تجاوز المباراة وقتها القانوني، والوصول إلى الشوطين الإضافيين.

هناك بطبيعة الحال أسباب وراء هذا الإقصاء الذي كان نتيجة منطقية، إلا أنه كان صعب التقبل والهضم بسهولة، فالضغط الذي عاشه أفراد المنتخب طيلة الأسبوع، كان له تأثير بالغ على أداء العناصر الوطنية، أضف إلى ذلك أن قراءة عموتة المسبقة لمجريات المباراة لم تكن أبدا موفقة، خاصة على مستوى وسط الميدان، وذلك بالاعتماد على عنصر ارتكاز واحد، وهو يحيى جبران.

هناك أيضا التأخر في إجراء تغييرات، والإبقاء على لاعبين استنزفوا بدنيا كعبد الإله الحافيظي ووليد الكرتي هذا الأخير الذي انهار كليا، وطالب بالتغيير الاضطراري، دون أن ننسى محاباة لاعبين معينين، وفي مقدمتهم أشرف بنشرقي غير الجاهز لا بدنيا ولا ذهنيا، على حساب سفيان رحيمي المتألق بالدوري الإماراتي.

كلها أخطاء كان لها تأثير واضح على أداء المنتخب المغربي، مما ساهم في ترجيح كفة الجزائيين، ورغم ذلك فإن الحسم كان بواسطة الضربات الترجيحية، وليس ضربات الحظ كما يقال كمبرر، لأن هذه المرحلة يتم الاستعداد لها، والاختيار الأنسب للاعبين الذين سيتولون تنفيذها بدقة وفعالية، لا يتم بطريقة عشوائية، كما حدث في حالة كريم البركاوي الذي ظهر عليه ارتباك واضح قبل عملية التنفيذ، ليهدي الكرة على طبق من ذهب للحارس رايس مبولحي، صاحب التجربة الكبيرة.

وإذا كان الإقصاء قد حدث، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال، أن نلغي حقيقة واضحة، وتتجلى في الاعتراف بالمجهود المبذول من طرف كل مكونات الفريق الوطني، من لاعبين ومدرب وأطقم تقنية وطبية.

لابد من استخلاص الدروس، من أجل تفادي تكرار الأخطاء مستقبلا، إلا أن عملية التقييم لابد أن تتسم بالموضوعية، وعدم المبالغة في ردود الفعل، والانفعال اللحظي، فاستخلاص الدروس لا يعني المطالبة بهدم كل شيء، والمطالبة بنسف المجهود المبذول على أكثر من صعيد، من أجل جعل كرة القدم الوطنية تحتل المكانة التي تستحقها جهويا وعربيا وقاريا، وحتى دوليا.

وإذا كان هناك من يستحق التحية، رغم هذه الخسارة القاسية، فهو الجمهور الرياضي المغربي الذي حضر بكثافة، رغم الظروف الصعبة التي يمر منها العالم.. هتف، شجع، غنى، ردد النشيد الوطني بكثير من الاعتزاز والافتخار، وحمل الأعلام والألوان الوطنية، وأظهر روحا رياضية عالية، واحترم الخصم بطريقة مثالية، تحية تقدير لكل فرد إناثا وذكورا، ونقول لهم في الأخير:

“برافو.. وخيرها في غيرها…”.

تصريحات

* الحسين عموتة: الجزائر كانت أفضل منا واستحقت التأهل

“العناصر الوطنية لم تقدم المستوى المطلوب في المباراة التي جمعتها بالمنتخب الجزائري وهذا أثر على عطاء اللاعبين في الملعب خاصة على الصعيدين التكتيكي والتقني. في النهاية ورغم كل هذه المشاكل إلا أن المنتخب المغربي نجح في التعادل والوصول بالمباراة إلى الضربات الترجيحية التي آلت نتيجتها للمنتخب الجزائري. المنتخب الجزائري كان أفضل من المنتخب المغربي واستحق التأهل اليوم”.

* مجيد بوقرة: قدمنا لقاء كبيرا وكنا في أعلى درجات التركيز

“سعداء بتحقيق الفوز والحصول على بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي. كانت مواجهة صعبة كما توقعنا وشهدت محاولات لكل المنتخبين حيث خلقنا عدة فرص لم نتمكن من ترجمتها إلى أهداف. كان هناك مجهود بدني كبير في المباراة وكنا مطالبين بأن نكون في أعلى درجات التركيز لأن مثل هذه المباريات تلعب على جزئيات صغيرة جدا. قدم اللاعبون لقاء كبيرا وكانوا في أعلى درجات التركيز المطلوبة في هذه المواجهات الحاسمة والصعبة، تمتعنا بطول النفس وتقدمنا مرتين واستقبلنا التعادل ونجحنا في حسمها عبر ضربات الترجيح”*

*بدر بانون: لم نكن في المستوى ولا نستحق التأهل

“لم نكن في المستوى ولا نستحق التأهل، قدمنا أداء متواضعا، ولم ندخل المباراة منذ بدايتها وتركنا الفرصة للمنتخب الجزائري الذي كان أفضل. دفعنا ثمن قلة التركيز وعدم حضوره الجيد خلال اللقاء. لا ننسى أننا واجهنا منتخبا قويا ولاعبين لديهم خبرات كبيرة، لكني أستطيع أن أقول أننا هزمنا أنفسنا بأنفسنا، لأننا لم نستغل إمكانيتنا التي كانت بين أيدينا. لا أعتقد أن التركيز من أسباب إقصائنا، لأن كل اللاعبين لديهم خبرات كبيرة. كان من الممكن أن نفوز، لدينا الآن مجموعة أكدت أنه رغم وداع كأس العرب فالمغرب لديه منتخب قادم ومجموعة من اللاعبين الجيدين”.

 *يوسف بلايلي: خضنا مباراة مميزة وحققنا التأهل عن جدارة

“هذا الفوز الذي جاء بعد تعب وجهد كبيرين. خضنا مباراة مميزة، وحققنا التأهل عن جدارة، أتمنى التوفيق للمنتخب المغربي الشقيق، في التحديات المقبلة. المباراة كانت صعبة للغاية، أمام منتخب مغربي قوي، شكل لنا عدة صعوبات، لكننا عرفنا كيف ننهي المباراة لصالحنا. سعيد جدا بتسجيل الهدف الثاني، وأهديه لكل الشعب الجزائري، عائلتي، وأنصارنا الذين وقفوا معنا منذ بداية البطولة. الآن علينا أن نواصل الاحتفال بهذه المباراة، وبعد ذلك سنبدأ الإعداد لمواجهة المنتخب القطري في نصف نهائي، وسنفعل ما في وسعنا للعبور والفوز باللقب”.

 محمد الروحلي < تصوير: أ. ف. ب

Related posts

Top