أعباء الأسرة والتمثلات الثقافية والاجتماعية التقليدية تحول دون ولوج النساء لسوق الشغل

أفادت المندوبية السامية للتخطيط، في دراسة مقطعية حول مشاركة النساء في سوق الشغل المغربي، بأن عدم نشاط المرأة يظل متأثرا بشكل كبير بعبئ الأسرة والاعتبارات الثقافية والاجتماعية التقليدية.
وأوضحت الدراسة التي أجريت في إطار شراكة المساعدة التقنية – آلية تقديم الخبرة، أنه حتى وإن كانت المرأة شابة وحاملة لشهادة التعليم العالي، فإن عدم نشاطها يظل متأثرا بشدة بعبئ الأسرة والاعتبارات الثقافية والاجتماعية التقليدية.
ومع ذلك، فإن احتمال عدم النشاط هذا بين صفوف النساء المتزوجات الحاصلات على شواهد، وإن كان مرتفعا، لا يزال أقل من احتمال وجود أنماط أخرى للنساء المتزوجات غير الحاصلات على شهادات أو الحاصلات على شهادة متوسطة المستوى.
وأبرزت المندوبية السامية للتخطيط أن النساء المتزوجات، اللواتي تتراوح أعمارهن بين 25 و34 سنة، واللواتي لديهن شهادة متوسطة أو غير حاصلات على أي شهادة يمثلن أعلى احتمالات عدم النشاط، مشيرة إلى أن احتمال عدم نشاط هؤلاء النساء يتراوح بين 87.7 في المائة و90.9 في المائة.
ولا يبدو أن وجود الأطفال في الأسرة يؤثر بشكل كبير على قرارات المشاركة لهذه الأنماط خاصة. في الواقع، يحدد الأثر التراكمي للزواج والسن والمستوى التعليمي إلى حد كبير الدرجة المحدودة للغاية لولوج هؤلاء النساء إلى سوق الشغل.
وبالموازاة، تختلف أنماط الرجال الأكثر عرضة لعدم النشاط بشكل ملحوظ عن النساء. إذ أن الرجال غير المتزوجين، الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و59 سنة، غير الحاصلين على شهادة أو الحاملين لشهادة متوسطة، يمثلون أعلى احتمالات عدم النشاط، والتي تتراوح من 31.2 في المائة إلى 49.7 في المائة.
وبالنظر إلى الأنماط الأقل احتمالا أن تكون غير نشطة، تشير النتائج إلى أنه بالنسبة للنساء، يرتبط كل من العزوبة ومستوى التعليم العالي باحتمالات منخفضة تتراوح بين 13.4 في المائة و18.2 في المائة، لا سيما بالنسبة للنساء البالغة أعمارهن بين 25 و44 سنة.
وأوردت المندوبية أنه على عكس التحليل أحادي السبب، فإن الحصول على درجة التعليم العالي لا يعتبر مرادفا لاحتمال منخفض لعدم النشاط بالنسبة لجميع أنماط النساء.
وبالنسبة للنساء الحاصلات على درجة تعليم عال، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و44 سنة، لكنهن متزوجات، يزداد احتمال عدم نشاطهن بشكل كبير إلى 36 في المائة مقابل النساء اللاتي ليس لديهن أطفال في الأسرة، وإلى 53 في المائة للاتي الذين لديهن أطفال في الأسرة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن النمط الأكثر عرضة لخطر عدم النشاط بين صفوف النساء الحاصلات على شهادة تعليم عال هن الشابات المتزوجات، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و34 سنة، ولديهن طفل واحد على الأقل في الأسرة، ويصل احتمال عدم نشاطهن إلى 60 في المائة.
أما بالنسبة للرجال، تظهر النتائج أنه، على عكس النساء، اللاتي يظل تعليمهن معيارا مهما لعدم نشاطهن، فإن الزواج وإنجاب الأطفال في الأسرة هما العاملان الرئيسيان اللذان يقللان من خطر عدم النشاط.
من بين المجموعات التي تمثل الاحتمالات الأقل في معدلات عدم النشاط، يبرز الرجال المتزوجون الذين لديهم أطفال في الأسرة، والذين تتراوح أعمارهم بين 25 و44 سنة، بتسجيل احتمالات منخفضة بشكل ملحوظ لعدم النشاط ، تتراوح بين 0.5 في المائة و1.6 في المائة.
وتشير هذه النتائج إلى أن مشاركة الرجل في سوق الشغل، على وجع العموم، تحددها أساسا الالتزامات الأسرية، بما في ذلك الحاجة إلى توفير الدعم المالي في المنزل. وعلى عكس النساء، فإن الحصول على شهادة تعليم متوسط أو عال لا يؤثر على عدم نشاط الرجال.
وتروم هذه الدراسة تحديد أنماط النساء متعددة الأبعاد اللاتي يرجح عدم مشاركتهن في سوق الشغل، فضلا عن إبراز التفاعلات بين الإكراهات الفردية والاجتماعية والسياقية التي يواجهنها.
كما تسلط الضوء على تعقيد الإكراهات التي تخضع لها مشاركة المرأة في سوق الشغل المغربي من خلال مقاربة مقطعية متعلقة بالنوع الاجتماعي، تجمع بين منهجيات البحث الكمية والنوعية.

Top