أفيلال: 90 في المائة من الكوارث الطبيعية لها ارتباط بالماء

قالت شرفات أفيلال، الوزيرة المكلفة بالماء، إن 90 بالمائة من الكوارث الطبيعية لها ارتباط بالماء، مشددة على “أن تغير المناخ صار، بإجماع الجميع، يشكل أحد أكبر المخاطر التي تهدد مستقبل البشرية، كما باتت آثاره المدمرة تشكل مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي، خصوصا أنه ليس بوسع أي بلد، الإفلات منها، ولا مكافحتها لوحده.”
وأضافت الوزيرة، خلال افتتاح المؤتمر الدولي للماء الذي انعقد على مدى يومين تحت شعار “الأمن المائي من أجل عدالة مناخية، أن الإقرار بارتفاع درجة حرارة الأرض، بوتيرة مهولة، يجب أن يستنهض همم الجميع، لمواجهة الوضع بحزم، وبمسؤولية جماعية، ليس فقط حماية لبيئتنا، بل أيضا ضمانا لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، بشكل طبيعي.
وأشارت أفيلال، في كلمتها التي ألقتها أمام العديد من الوزراء العرب والأفارقة والعديد من الفاعلين من مختلف دول العالم المشاركين في هذا المؤتمر، إلى أن الأرض، اليوم، أصبحت مهددة بفعل التقلبات المناخية، خصوصا مع أولى التغيرات التي باتت تلوح في الأفق كالجفاف القاسي والتصحر، والفيضانات المهولة، إضافة إلى الخصاص المائي، وانتشار الأوبئة، مؤكدة على أن هذه التغيرات تبرهن على حجم الكوارث الإنسانية المرتبطة بالماء، والتي تتسبب في التوترات والنزاعات والهجرة، والنزوح الجماعي لملايين الأفراد عبر العالم
وأوضحت شرفات أفيلال أن التحديات المطروحة على المجتمع الدولي كبيرة فيما يتعلق بالأمن المائي وما يرتبط به من استقرار للشعوب، إذ أن نجاعة السياسة المائية، في ظل التغيرات المناخية التي تلقي بظلالها المخيفة على راهن ومستقبل البشرية، تقول الوزيرة، صارت مسألة حيوية، ترهن التنمية البشرية، وترهن إرساء دعائم اقتصاد تنافسي قوي ومتضامن، يجعل الإنسان محور اهتماماته.
وفي هذا الصدد، ذكرت أفيلال أن أكثر القضايا استعجالا والتي تتطلب مواصلة الترافع القوي من أجل عدالة الحق في الماء، هي الحصول على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، إذ على الرغم من التقدم الذي أحرز في إطار الأهداف الإنمائية للألفية المعتمدة سنة 2000، والتي همت 15 سنة الماضية، فإنه لا يزال نحو 750 مليون شخص محرومين من إمدادات المياه، وهو ما يبين، حسب أفيلال دائما، حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الفاعلين بالقطاع والمجتمع الدولي بصفة عامة.
وفي حديثها عن المؤتمر قالت شرفات أفيلال “إن اختيار تنظيم هذا الملتقى الدولي كان اختيارا، إراديا، الهدف منه إعطاء نفس إفريقي مميز وبارز حول الماء بناء على أسباب وجيهة ومشروعة”، والتي حددتها الوزيرة في التقلبات المناخية التي تعاني منها القارة الإفريقية أكثر من غيرها، إذ تعد الضحية الرئيسية لاختلالات المناخ. “الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي، وخاصة الدول المصنعة، استحضار المسؤولية تجاه الوضعية الهشة لدول جنوب الصحراء، إزاء مخلفات التغير المناخي الذي نواجهه نحن في إفريقيا دون أن نكون مسؤولين عنه” – تضيف الوزيرة – .
وبالأرقام، ذكرت شرفات أفيلال أن أزيد من 330 مليون مواطن إفريقي يفتقدون لمورد مائي صالح للشرب، وأكثر من 500 مليون شخص في وضعية الهشاشة، نسبة كبيرة منهم يعيشون تحت عتبة الفقر، كما أن نسبة الساكنة الإفريقية التي تعاني من سوء التغذية تبلغ نسبا مرتفعة، مقارنة مع ما يتم تسجيله في جميع باقي مناطق العالم. وأضافت أن هذه القارة لا تتوفر سوى على نسبة 5 بالمائة من الأراضي الفلاحية المسقية، في حين أن 95 بالمائة المتبقية كلها أراضي بورية.
وشددت أفيلال على أن دول إفريقية، واستنادا إلى تفعيل مبدأ الإنصاف، وتجسيدا للحق في إقرار عدالة مناخية في تفعيل اتفاق باريس، مدعوة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد موقفها، من أجل ترافع قوي ومؤثر، دفاعا عن قضاياها المصيرية المشتركة، والتي يعد الحق في الماء في طليعتها، مبرزة أن  الوقت قد حان للكف عن  النظر  إليها كمصدر  للمخاطر والمشاكل، أو كموضوع للتعاون الدولي الطوعي فحسب، بل يتعين، بالأحرى، اعتبارها والتعامل معها على أساس أنها فاعل أساسي في صنع الاستقرار والتنمية المستدامة مشيرة إلى أن للقارة الإفريقية، كما لغيرها، الحق في أن تتطلع إلى استكمال شروط التنمية، وإلى إقلاع تنموي شامل، ومن واجبها أن تتشبث بالأمل في مستقبل أفضل، تنعم فيه ساكنتها بالأمن والاستقرار  والتقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، في تناغم وانسجام تامين مع بيئتها. حيث دعت إلى ضرورة مواكبة البلدان الإفريقية في مباشرة تنفيذ برامج التخفيف والتكيف مع آثار التغيرات المناخية.
وسجلت أفيلال خلال كلمتها أيضا الحضور القوي للمملكة المغربية في قمم المناخ السابقة، حيث ساهمت بفعالية، في كل الدورات والمراحل التي مهدت لاتفاق باريس، والذي شكل منعطفا تاريخيا، من حيث القرارات والتعبئة. مؤكدة على أن المغرب اليوم، يواصل بكل حزم وجدية مسيرة الدفاع عن قضايا المناخ، خصوصا وأنه يستعد ويهيئ، على قدم وساق، لاحتضان حدث الدورة 22 لمؤتمر المناخ، بمراكـش، والتي يسعى، بالعمل الجاد، لأن يجعل منها قمة للعمل بامتياز، ومحطة عالمية بارزة لتفعيل اتفاق باريس، بشكل متوازن ومنصف، عبر التزامات مضبوطة وملموسة، تجسد مسؤولية المجتمع الدولي في إقرار عدالة مناخية، وفي إقرار حق الشعوب في استكمال أوراشها التنموية. مشيرة إلى أن استضافة المغرب ورئاسته للدورة المقبلة للكوب 22، بوصفها قمة العمل والتفعيلوالمبادرات، لم يتأت نتيجة الصدفة، بل انعكاس طبيعي لالتزامه القاطع، وحرصه الشديد على مواجهة التغير المناخي، من خلال خطوات حازمة وجريئة ورائدة، تحت قيادة الملك محمد السادس ومن بينها، الإصلاحات الدستورية، التي ارتقت بالحق في الماء والعيش في بيئة سليمة، ليصير حقا دستوريا تعاقد عليه الشعب المغربي.
وقالت الوزيرة إن المملكة المغربيـة، رفعت من سقف طموحها، من خلال استراتيجية طاقية رائدة عالميا، تهدف إلى بلوغ نسبة 52 في المائة مـن الطاقات المتجددة، مـن مجموع الحاجيات الوطنية، فـي أفق 2030، وذلك تجسيدا لهذه التعبئة، وتأكيدا لالتزاماتها المتقدمة.
وأكدت أفيلال على أن المغرب شرع في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للماء، واستكمال بلورة المخطط الوطني للماء، آخذ بعين الاعتبار، المعطى الهيكلي لتغير المناخ، والسعي نحو التحكم في الطلب على المياه، وتنمية وتنويع العرض، عبر دعم اللجوء إلى الموارد المائية غير التقليدية، التي أصبحت موردا لا بديل عن اللجوء إليه في بعض المناطق، وإرساء حكامة مائية جهوية، تقوم على التدبير المندمج واللامركزي للموارد المائية.
وفي ختام كلمتها قالت أفيلال إن الهدف من وراء هذا المؤتمر الدولي هو إصدار توصيات تروم حسن فهم إشكالية المياه، للترافع القوي عن الحق في الماء، كحق كوني إنساني اعترفت به، وأقرته جميع الأمم والشعوب.
 محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top