في حفل حقوقي بامتياز، حضره ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان، وعدد من وجوه الحركة النسائية، وأكاديميون ونساء ورجال الإعلام، اعتلت خمس نساء مغربيات منصة التتويج التي أقامتها على شرفهن منظمة العفو الدولية، بمناسبة اليوم العالمي للمدافعات عن حقوق الإنسان، الذي يصادف تاريخ 29 نونبر من كل سنة، احتفاء بمساراتهن النضالية على درب الدفاع عن حقوق الإنسان، وإقرارا بمساهمتهن في ترسيخ قيمها.
خمس نساء اختلفت مساراتهن ودروبهن النضالية، لكن التقت كلها في مدار حقوق الإنسان والدفاع عنها، إذ ساهمت كل واحدة من موقعها بكل جرأة وشجاعة لرفع صوت من لا صوت لهن، حيث نجد نضالا كان منطلقه الانتماء السياسي وتمثله المناضلة رشيدة الطاهري، التي تعد إحدى رائدات الحركة النسائية. فقد ساهمت في تأسيس الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، لتساهم بذلك في تجربة تمثل بنات أفكار نساء خبرن النضال والعمل السياسي وانطلقن نحو عوالم إحقاق الحقوق وتملكها بالنسبة للنساء.
مسار هذه المناضلة لم يرتبط أو يتوقف على هذه التجربة، فقد سبقتها تجربة درب الانتماء السياسي، حيث كانت إحدى العضوات النشيطات في حزب التقدم والاشتراكية، وخاضت أيضا تجربة أخرى كبرلمانية خلال ولاية سابقة، لتكون من ضمن اللواتي أسسن لمجموعة المساواة داخل المؤسسة التشريعية ولشبكة البرلمانيين والبرلمانيات لمناهضة عقوبة الإعدام.
كما تضم لائحة النساء اللواتي اختارتهن أمنيستي للاحتفاء بهن كمدافعات عن حقوق الإنسان، إلهام بنشقرون، التي اختارت الكتابة والبحث كبوابة للدفاع عن حقوق الإنسان عموما والنساء خصوصا، فهي تعمل طبيبة متخصصة في العلاج النفسي، وتنشط كجمعوية معروفة بالتزامها في مجال مكافحة الرشوة والتمييز ضد المرأة، واشتغلت أيضا بمجال الإبداع الروائي.
وشملت لائحة المحتفى بهن زليخة أسبدون، الصحفية المصورة التي تعد أولى النساء اللواتي حملن الكاميرا واقتحمن مجالا كان حكرا على الرجال، حيث جعلت الصورة مقالها اليومي في الجريدة، يشهد على محطات من نضالات الحركة الحقوقية والنسائية بالمغرب.
وأضافت أمنستي إلى النساء اللواتي شاركن في النضال من أجل الحقوق الاجتماعية، أساسا في حراك الريف السلمي، الناشطة نوال بنعيسى، باعتبارها ناشطة لم يرهبها اقتحام مساحات النضال الميداني، وخرجت للشارع للاحتجاج، حيث تعرضت للاعتقال أربع مرات، كما تعرضت للترهيب والمضايقات المتكررة بسبب مشاركتها في مسيرات الحراك الشعبي في الحسيمة.
وأبت منظمة العفو الدولية، فرع المغرب إلا أن تضم لائحة المتوجين بهذه المناسبة، الشابة
زينب فاسيكي، رسامة كاريكاتير ومهندسة ميكانيكية، والتي اختارت أن تجعل موهبتها الفنية في خدمة قضية المرأة، حيث سلطت الضوء على أشكال التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وفضحت الممارسات الدونية التي تطال النساء والفتيات من خلال تفكيك الصور النمطية والتقليدية للمرأة.
وفي كلمة ألقتها بالمناسبة، دعت نجاة مغراوي، منسقة مجموعة النساء بمنظمة العفو الدولية، فرع المغرب، الحكومة المغربية إلى تعزيز حقوق النساء، والحرص على تفعيل إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة، الصادر سنة 1993، والقرار الأممي الخاص بالمدافعات عن حقوق الإنسان.
وقالت مغراوي إن الاحتفاء بالنساء الخمس كمدافعات عن حقوق الإنسان، هو احتفاء بكل نساء المغرب واحتفاء بمساهمتهن في التغيير المجتمعي الإيجابي، خاصة وأنهن ساهمن، وفي ظروف اشتغال صعبة، بجرأة وبكل شجاعة في رفع صوت من لاصوت لهن في الشارع.
أما فاطمة الزهراء ياسين، رئيسة منظمة العفو الدولية، فرع المغرب، فقد اختارت في كلمة ألقتها بالمناسبة، أن تركز على ما تحمله اللغة المستعملة نفسها من مظاهر التمييز والغبن اتجاه النساء، وأكدت على المؤازرة غير المشروطة التي ينبغي أن تحظى بها المدافعات عن حقوق الإنسان، اللواتي اخترن كسر أغلال التنميط في قوالب التقاليد العتيقة، ولعبن دورا محوريا في ترسيخ حقوق الإنسان.
< فنن العفاني