إشكالية الخطاب الإعلامي واللغة العربية في الحقل التنموي اللغوي

تطرح جمعية العلامة الجمالية إصدارها الجديد المعنون ب “الإذاعة والتنمية اللغوية: أي علاقة بين الخطاب الإعلامي واللغة العربية؟” للدكتورة الإعلامية شفيقة العبدلاوي عن مطبعة جسور في طبعته الأولى لعام 2021، بصورة غلاف للفنان التشكيلي محمد بنحمزة، والكتاب بذلك يحتل الرتبة العاشرة ضمن منشورات الجمعية الفردية، والأول بالنسبة للمؤلفة، ويعد جزءا من أطروحة الدكتورة شفيقة العبدلاوي أعدتها في موضوع “اللغة العربية في وسائل الإعلام السمعية المغربية إذاعة وجدة أنموذجا”، والتي تمت مناقشتها عام 2021 برحاب كلية الآداب والعلوم الانسانية بوجدة، جاء الكتاب في228 صفحة من الحجم المتوسط، يشتمل على مقدمة وستة عناوين وخاتمة ولائحة للمصادر والمراجع، إضافة إلى ملحق تضمن أسماء الإذاعات المحلية والجهوية وعناوينها ومواقعها الالكترونية.
يأتي طرح الباحثة لهذا الموضوع من منطلق الممارسة المهنية للصحافة التي بدأت عام 1996 بإذاعة وجدة الجهوية، وهي ترى أن “وسائل الإعلام وإن حققت فيما مضى نفعا للغة العربية وخدمتها من حيث الانتشار والتداول، إلا أنها في عصرنا سببت لها إفسادا بالغ الخطورة يكمن في الترويج للعاميات، واتخاذها أسلوبا للحوار والنقاش، وإقحام اللغات الأجنبية على حساب مساحة من اللغة العربية، فضلا عن الأخطاء الشائعة التي تجري على لسان الصحفيين والمذيعين…” المقدمة ص: 5
وبناء على هذه الإشكالية، ناقش الكتاب العديد من المحاور، منها النظرية المتعلقة بتتبع نشأة الإعلام السمعي عالميا وعربيا ووطنيا، ثم تخصيص الحديث عن نشأة الإذاعة الوطنية والإذاعات الجهوية، كما ناقش الكتاب أهم الوظائف التي تؤسس لعلاقة الإذاعة بالمواطن، وقد حصرتها الباحثة في ثلاث وظائف، وهي التواصلية والترفيهية والتثقيفية، وعمدت الباحثة إلى تركيز التوصيف والدراسة والتحليل على موضوع واقع الاستعمال اللغوي للعربية في الإذاعات الجهوية بين المفهوم والتداول، مركزة على تجليات الاستعمال اللغوي للعربية على مستوى البرمجة والاختيارات الموضوعاتية، ومراتب المستمعين، وعلى مستوى البرامج المقدمة وغيرها من المستويات، إضافة إلى البحث في أمر اللغة العربية على مستوى الإعداد والإنتاج والتلقي، وقد عززت الباحثة شفيقة العبدلاوي مواقفها بالعديد من الاستبيانات والجداول والإحصاءات التي استقتها من أرشيف إذاعة وجدة الجهوية والمكتبة المغربية، إضافة إلى حواراتها المباشرة مع مؤسسي الصرح الإعلامي الوطني والجهوي، وخلصت الباحثة إلى أن الارتقاء بالخطاب الإعلامي هو مسؤولية جماعية تشترك فيها مؤسسات الدولة ووسائل الاعلام ومراكز البحوث، كما دعت إلى ضرورة إعطاء اللغة العربية مساحة أكبر في البرامج المقدمة للمواطنين، مع إقامة وتنظيم دورات تكوينية لمحرري الصحف والمذيعين لتقوية لغتهم وتدريبهم على السلامة اللغوية، على أن تكون اللغة العربية أصل البرامج الموجهة للأطفال وغيرها من التوصيات.
جاء كتاب “الإذاعة والتنمية اللغوية، أي علاقة بين الخطاب الإعلامي واللغة العربية؟” للدكتورة شفيقة العبدلاوي، ليعزز المكتبة المغربية عموما وبيبليوغرافيا المكتبة الإعلامية على وجه التحديد في ظل محدودية الإصدارات التي تقارب هذا الحقل المعرفي الذي لا يزال في حاجة ماسة إلى البحث والتوثيق ثم الدراسة والتحليل، وهو بهذا إضافة نوعية أيضا في مسيرة جمعية العلامة الجمالية في استراتيجيتها الهادفة إلى الانفتاح على حقول تواصلية ومعرفية وفنية مختلفة، وكسب الرهان لخدمة الثقافة والمعرفة المغربية محليا ووطنيا ودوليا.

> إلهام الصنابي

Related posts

Top