بلغ الإنتاج النهائي من الحبوب الرئيسية الثلاثة (القمح، الشعير، الذرة) بالنسبة للموسم 2019-2020 ما مجموعه 32 مليون قنطار، بانخفاض يقدر بـ 57 في المائة مقارنة بمعدل سنة متوسطة، إبان مخطط المغرب الأخضر (75 مليون قنطار)، وبانخفاض بنسبة 39 في المائة مقارنة بالموسم السابق، الذي اعتبر سنة متوسطة في إنتاج الحبوب (52 مليون قنطار).
وفي سياق متصل، أوضح عبد القادر العلوي رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن، أنه منذ سنوات والمغرب يعيش جفافا، مبرزا أن الموسم الفلاحي 2019-2020، ليس من عرف إنتاجا ضعيفا فقط، بل موسم 2018-2017 أيضا، والذي كان الإنتاج فيه متواضعا لم يتجاوز 50 مليون قنطار.
وعزا عبد القادر العلوي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، هذا الضعف في الإنتاج إلى شح الأمطار، التي لم تأتي في وقتها، ولم تكن موزعة على جميع المناطق المغربية سواء في الزمن أو المكان، مؤكدا على أن هناك إشكالا في نقص وضعف المياه، وهو ما جعل السنة الفلاحية ضعيفة جدا.
وشدد العلوي في تصريحه، على أن هذه المردودية لم يعرفها المغرب منذ سنة 1981، مستطردا “وبالتالي هناك ضرر كبير على الفلاحين، لأن الضرر على سنتين متتاليتين يؤزم الوضع خصوصا في ظل جائحة كورونا… الفلاح المغربي مع هذا الإنتاج لديه مشاكل مادية كبيرة، وغرق في القروض البنكية”.
وتابع العلوي أن الفلاح عندما يزرع يقوم بكل شيء تستلزمه الزراعة، من الحبوب المختارة، ووسائل الإنتاج الضرورية من أسمدة وأدوية، قائلا: “يقوم بكل ما عليه، لكن مع كامل الأسف عندما لا يكون الماء المجهود يذهب سدى”.
وأشار رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن إلى أن بعض المناطق المغربية اعتمدت تقنية جديدة تتمثل في الزرع المباشر الذي يكون لديه مردودية أفضل.
ولتجاوز هذا المشكل خلال السنوات القادمة، شدد المتحدث ذاته على أن الأمر يبقى اختيارا، “هل سنعطي الأسبقية لزراعة الحبوب بالمناطق السقوية ويكون هو الحل، لأن هذه البرامج التفكير فيها ليس وليد اليوم، بل تم التفكير فيها منذ سنوات، وذلك لتأمين 60 مليون قنطار سنويا كيفما كانت الظروف، يعني يجب أن يتم الاعتماد على السقي التكميلي، وبالتالي التركيز على المناطق الصالحة التي تعرف وفرة في المياه الجوفية، حتى إذا عرفت السنة جفافا يتم الاعتماد على السقي التكميلي”.
ودعا إلى تنظيم أيام دراسية يجتمع فيها الخبراء لتحديد الأولويات، “هل يجب أن نعتمد على زراعة وإنتاج الحبوب أم نريد أن نكون بلدا منتجا للفواكه والخضر وغير ذلك”، موضحا “مثلا خلال فترة كوفيد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مشكل التموين، لأن المغربي ليس لديه مشكل إن لم يجد الليمون أو الموز لكن إن لم يجد الخبز يصبح وقتها المشكل كبيرا، وهذا ما تمت ملاحظته خلال بداية الجائحة، حيث انكب المواطنون على شراء القمح وجميع مشتقاته، لأن المغربي منذ القدم يخزن الدقيق والزيت والسكر، وما تبقى بالنسبة له مواد تكميلية”.
وأكد عبد القادر العلوي على ضرورة اتخاذ خيارات إستراتيجية، من قبيل تخصيص مائتي ألف هكتار على الأقل بالمناطق السقوية للحبوب، مبرزا أن هذا الاختيار سيضمن الحد الأدنى للإنتاج على الأقل.
وحذر العلوي من تخصيص بعض المساحات الشاسعة لزراعة الشمندر وقصب السكر دون الاهتمام بالقمح، مشددا على أن أهمية الأخير لا تقل عنهما.
ونبه رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن إلى أن المغرب سيصبح من الدول الجافة “ويجب وضع اختيارات تستجيب لأولويات المواطنين، بما أن الخبز هو الأساس لدى المغربي فبتالي يجب أن يكون ضمن الأولويات توفير هذه المادة”.
أما فيما يخص التأثير الاقتصادي لهذا الإنتاج الضعيف، أكد على أن التأثير الكبير يقع على المنتج وليس على المواطن، مشيرا إلى أنه في حالة تم الاستجابة سابقا لدعوات إلغاء عيد الأضحى كان 5 أو 6 مليون من الكسابة سيسقطون في الهاوية، مشيرا إلى أن المستهلك ليس لديه أدنى مشكل، لأن الدقيق متوفر، والمطاحن لديها إنتاجية تفوق الطلب بالضعف، وبالتالي المواطن لا يستشعر هذا النقص، مؤكدا على أن مشكل الخصاص غير مطروح، لأن هناك استيراد، والمتضرر الأول والكبير هو المنتج.
هذا وأفاد بلاغ لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أنه تم التوصل إلى النتيجة المشار إليها آنفا بناء على بحث قامت مديرية الإستراتيجية والإحصاء بوزارة الفلاحة عبر الهاتف لمحصول الحبوب، وذلك تماشيا مع إجراءات تقييد الحركة التي وضعتها الدولة المغربية للحد من انتشار فيروس كورونا، مضيفا أن هذا البحث مكن من جمع ما يقارب 6400 تسجيل لمحاصيل حقول الحبوب عبر مختلف جهات المملكة وإحصاء إنتاج الحبوب لموسم 2019-2020.
وأوضح البلاغ أن إنتاج الحبوب بلغ حسب النوع 17.7 مليون قنطار من القمح الطري و 7.9 مليون قنطار من القمح الصلب و 6.4 مليون قنطار من الشعير، مضيفا أن مساحة الحبوب المزروعة بلغت خلال هذا الموسم 4.34 مليون هكتار.
وذكر البلاغ أن التساقطات المطرية خلال الموسم الفلاحي 2019-2020 حتى نهاية شهر ماي 2020، تقلصت لتبلغ 239 ملم، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 31 في المائة مقارنة بمعدل 30 سنة (348 ملم) و19 في المائة مقارنة بالموسم السابق (295 ملم) خلال نفس الفترة.
كما اتسمت التساقطات المطرية في هذا الموسم -يضيف البلاغ- بسوء التوزيع الزمني بحيث استفادت مرحلة بزوغ الحبوب فقط من التساقطات المطرية الكافية، بينما تأثرت مراحل النمو والصعود من فترات الجفاف، على التوالي 20 و40 يوما، وهو ما أدى إلى انخفاض في المساحة المحصودة ، مشيرا إلى أن النقص المسجل في التفريع والصعود تجلى في الانخفاض المسجل في محصول المساحات التي قاومت نقص التساقطات.
وخلص البلاغ إلى أن التساقطات المتأخرة لشهري أبريل وماي مكنت محليا من ملء الحبوب في المناطق الجبلية، دون أن تسهم في أي تأثير ملحوظ على المناطق الهامة في زراعة الحبوب، والتي كانت فيها دورة الإنتاج منتهية سابقا.
عبدالصمد ادنيدن