«إنسانية للمشاطرة» لأحمد مسعاية

بيان24:> عبد العالي بركات
بدعم من وزارة الثقافة، وعن دار “ملتقى الطرق” للنشر صدر مؤخرا كتاب للدكتور أحمد مسعية بعنوان “إنسانية للمشاطرة”  UNE HUMANITE      A PARTAGERويشتمل هذا الإصدار الجديد على مجموعة من المقالات، لها قاسم مشترك، هو التعبير عن بلده المؤلف وموقعه على الصعيد العالمي، وعن نظرته لمواطني بلده وعلاقتهم مع العالم. في هذا الكتاب، حضور للصراع الأزلي في الشرق الأوسط، والتطرف، والعولمة الثقافية، ومشاكل الهجرة، والثراء الفاحش للشركات متعددة الجنسيات.
هذا، وفي مقال بعنوان “عبور”، ينقل لنا المؤلف الأثر الخاص الذي يخلفه فيه فضاء المطار، خصوصا بعد التحولات السلبية التي طرأت على العلاقات الإنسانية، حيث طغيان الفردانية بشكل مثير، إذ أن “الفردانية في عصرنا جعلت كل مواطن منغلقا في برجه العاجي، فالتواصل صار أكثر فأكثر غير محتمل”.
ويسافر بنا في مقاله المعنون بـ “الدار البيضاء- باريس بدون رجعة”، إلى الفضاء الباريسي، مترجما إحساسه وهو يتنقل عبر وسيلة نقل لا يرتاح إليها، هي المترو، حيث “يسود صمت ثقيل، بالنسبة إلي أنا الذي تعودت في بلدي على الأصوات المتعددة والمختلطة..”.
 كما يصف لنا في المقال نفسه الشعور بالخوف والتوجس من سلوكات بعض الركاب، والعنف اللفظي الذي يصدر عنهم والذي لم يستطع أن يظل لا مباليا نحوه، على اعتبار أن ذلك صادر عن مواطنين من بلده.
يستحضر المؤلف في مقاله الذي يحمل عنوان “أوديسيا البهلوانيين” حدث إنشاء المعهد الدولي للمسرح المتوسطي، وهنا بالذات يتعلق الأمر بالسعي “نحو تعزيز التقارب بين شعوب البحر الأبيض المتوسط عبر المسرح، بعيدا عن التصورات السياسية والتوترات الجيوستراتيجية التي تخلق البلبلة في المنطقة”.
كما يستحضر في المقال ذاته، تجربة الأوديسا، وهي تجربة “تقوم على تجميع شعراء ومسرحيين وفنانين من كل الآفاق، ومثقفين ومبدعين وفنانين تشكيليين، على متن باخرة حربية، جرى تحويلها إلى باخرة للسلام، لتبحر من ميناء متوسطي إلى آخر، من أجل مشاطرة خطاب السلام والأخوة عن طريق الفن..”.
 ويذكر في مقال بعنوان “التبادل الثقافي والعولمة”، كيف أن العولمة الثقافية حظيت بمعالجة خاصة من طرف بعض الدول التي عملت على فرض استثناء ثقافي من أجل حماية ثقافتها من التسلط الممارس من طرف القوى العظمى التي بلورت صناعات ثقافية جد قوية”.
ويصل المؤلف بهذا الخصوص، إلى خلاصة مفادها أنه في حاضرنا “أن يكون المرء حرا ومختلفا، وينصهر في الآخر مع الحفاظ على خصوصيته، يفضي إلى توتر في العلاقات وعدم التسامح بالنظر لغياب الحوار..”.
إزاء هذه الظروف، يلخص أحمد مسعية وضعية المثقف المغربي بالقول إنه يحارب على كل الجبهات “ويصارع المؤسسات التي من المفترض أن تتحمله، لكنها تتركه في الغالب تحت رحمة الحسابات الاستراتيجية للنمو الاقتصادي والاجتماعي. ويصارع كذلك مجتمعا يجهله، لأنه لا يفهمه، بالنظر إلى محدودية التربية الفنية من جهة، وبالنظر من جهة أخرى إلى الصورة التي ينقلها عن نفسه والتي لا تتناسب مع انتظارات الآخر”.
وتحت عنوان “فلسطين لي”، يوضح لنا المؤلف كيف أن العالم أصبح مجنونا، حيث أن ما يحدث في الشرق الأوسط لا يشرف أحدا.
 ويصل إلى القول إن فلسطينته “ليست تلك التي تقع في الشرق الأوسط، بل تلك المسجلة بداخل ألياف جسده”. ولا شك أنه بهذا الإحساس يريد أن يواسي نفسه.
يقع كتاب “إنسانية للمشاطرة” الصادر باللغة الفرنسية في 163 صفحة من الحجم المتوسط، وقد صدر ضمن منشورات ملتقى الطرق. ومعلوم أن الكاتب أحمد مسعاية يعد من نقاد المسرح النشيطين في تتبع الحركة المسرحية والثقافية ببلادنا، وكان يشغل سابقا مديرا للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وأصدر في أقل من سنتين كتابين في غاية الأهمية وهما: “دليل المسرح المغربي” و”الرغبة في الثقافة”..

Related posts

Top