نظرت المحاكم المغربية خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة فيما لا يقل عن 640 قضية زجرية صحفية من أصل خمسة عشر ألف قضية زجرية. (وقد بلغت قضايا الصحافة ذروتها خلال سنوات 2008 و2009 و2010 و2011)، مع الأخذ بعين الاعتبار القضايا الصحفية التي تقرر فيها الحفظ من طرف النيابة العامة لأسباب تتعلق إما بالدعوى العمومية (التقادم، التنازل عن الشكاية أو وقوع الصلح، انعدام الإثبات…) أو في إطار تفعيل سلطة ملاءمة المتابعة المخولة لها قانونا، أو بسبب ممارسة آلية الاستدراك والحق في الجواب المنصوص عليها في إطار أحكام قانون الصحافة؛
كما أن جل القضايا المسجلة خلال هذه العشرية، تم تحريك الدعوى العمومية بشأنها بناء على الشكايات المباشرة المقدمة من طرف المتضررين إلى رئاسة المحكمة بمجموع 352 قضية مقابل 44 قضية تم تحريكها من طرف النيابة العامة عن طريق الاستدعاء المباشر. وصدرت بشأن القضايا المذكورة حوالي 437 حكما قضائيا توزع منطوقها وفق ما يلي: 212 حكما قضائيا قضى بالإدانة؛ 37 حكما قضائيا قضى بالبراءة؛ 07 أحكام قضائية قضت ببطلان المتابعة؛ 108 حكما قضائيا بعدم قبول الشكاية المباشرة؛ حكمان قضائيان بعدم الاختصاص؛ 73 حكما قضائيا بسقوط الدعوى العمومية.
وعلى ضوء هذه القضايا المسجلة، تراكم عمل قضائي مغربي هام في مجال قضايا الصحافة والنشر ساهم في بلورته عدة معطيات كان على رأسها تطور مجال الصحافة ببلادنا وتطور العمل القضائي المغربي وانفتاح القضاة المغاربة على ذخيرة القضاء الفرنسي وتجربته الهامة في قضايا الصحافة منذ صدور قانون الصحافة الفرنسي الصادر بتاريخ 29 يوليوز 1881.
كما أن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، باعتبارها هرم التنظيم القضائي بالمغرب ساهمت بشكل كبير، في إصدار عدة اجتهادات في قضايا الصحافة، أصبحت ملزمة للمحاكم التي تنظر في قضايا الصحافة. وفي هذا الإطار، تنشر بيان اليوم بعض الاجتهادات القضائية في الموضوع تعميما للفائدة.
القرار عدد 595القرار عدد 595الصادر بتاريخ 05 ماي 2010في الملف الجنحي عدد 5890/6/3/2009
صحافة – جنحة القذف ونشر خبر زائف – متابعة المشارك دون الفاعل الأصلي.
إن متابعة المشارك في الفعل الجرمي أو إدانته غير مشروطة بمتابعة الفاعل الأصلي، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت بإدانة الطاعن من أجل جنحة المشاركة في القذف ونشر خبر زائف إنما طبقت مقتضيات المادة 68 من قانون الصحافة التي تعتبر كاتب المقال مشاركا وليس فاعلا أصليا، وأن هذه المادة لا تشترط متابعة الفاعل الأصلي لمتابعة المشارك.رفض الطلبباسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع من المطالب بالحق المدني (م.ر) بمقتضى تصريح أفضى به بتاريخ 17/10/2008 بواسطة الأستاذ ادريس خوليل لدى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بمراكش الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية لدى نفس المحكمة المشار إليها في القضية عدد 3393/08 وتاريخ 08/01/2009 والقاضي بعد التعرض بتأييد الحكم المستأنف المحكوم عليه بمقتضاه من أجل جنحة المشاركة في القذف ونشر خبر زائف بعد إعادة التكييف بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة 1000 درهم نافذة وتعويض قدره 60000 درهم لفائدة المطالب بالحق المدني (م.ر) وبنشر الحكم بست (06) جرائد وطنية.إن المجلس/ بعد أن تلا السيد المستشار محمد بن حم التقرير المكلف به في القضية.وبعد الإنصات إلى السيدة أمينة الجيراري المحامية العامة في مستنتجاتها.وبعد المداولة طبقا للقانون، ونظرا للمذكرة المدلى بها من طرف الطاعن أعلاه بواسطة الأستاذ ادريس خوليل المحامي بهيئة المحامين بمراكش المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى، المستوفية للشروط المتطلبة بالمادتين 528 و530 من قانون المسطرة الجنائية. في شأن وسيلة النقض الوحيدة المتخذة من خرق مقتضيات الفصول 442 و443 و444 من القانون الجنائي والفصلين 67 و68 من قانون الصحافة، ذلك أن العقاب في قانون الصحافة يقوم بالأساس على أن الضرر إن كان ثابتا فهو يأتي من النشر وليس من الكتابة، على اعتبار أن إذاعة المقال على القراء هو ما يشكل قذفا علنيا، وأنه لا يمكن أن يتابع كاتب المقال ما لم تتم متابعة الناشر أو مدير الجريدة. وأن القرار المطعون فيه قبل الشكاية المباشرة رغم أنها مبتورة وغير مقبولة لأنها لم توجه أساسا ضد الناشر أو مدير الجريدة، فمتابعة الطاعن بالمشاركة في الأفعال المذكورة دون متابعة الناشر يشكل خرقا للقانون. فالطاعن لم يقم بنشر ما نسب إليه، وإنما هو كتب مقالا عاديا وعرضه على المسؤول عن النشر الذي بقيت له صلاحية قبول نشره أو رفضه. ومن جهة أخرى فإن الشكاية رفعت من طرف محررها مباشرة إلى المحكمة الابتدائية بمراكش، وأن المشتكي سجل اتهاماته ضد الطاعن مباشرة ولم يتحدث عنه كمشارك، وأن المحكمة أعادت تكييف الأفعال المنسوبة للطاعن وقضت بإدانته من أجل المشاركة في القذف ونشر خبر زائف رغم أن أي أحد لم يطلب منها ذلك. ورغم أن الأمر يتعلق بشكاية مباشرة، وأن المحكمة لما تغاضت عن النقض الذي يشوب الشكاية المذكورة وأعادت التكييف، تكون قد مست بمبدأ الحياد مما يجعل قرارها منعدم الأساس ومنعدم التعليل الموجب للنقض.حيث من جهة أولى، فإن متابعة المشارك في الفعل الجرمي أو إدانته غير مشروطة بمتابعة الفاعل الأصلي، وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت بإدانة الطاعن من أجل جنحة المشاركة في القذف ونشر خبر زائف إنما طبقت مقتضيات المادة 68 من قانون الصحافة التي تعتبر كاتب المقال مشاركا وليس فاعلا أصليا، وأن هذه المادة لا تشترط متابعة الفاعل الأصلي لمتابعة المشارك. ومن جهة ثانية، فإن إعادة تكييف المحكمة للأفعال المنسوبة للطاعن واعتباره مشاركا لا فاعلا أصليا رغم أن الشكاية المباشرة لم تنص على ذلك، ليس فيه أي مساس بمبدأ الحياد، ما دام أنها لم تشدد من وضعية الطاعن ولم تضف أية أفعال أو وقائع أخرى لم تتضمنها الشكاية المباشرة، وبذلك فالقرار المطعون فيه لم يخرق أي مقتضى قانوني والوسيلة على غير أساس. من أجـلـهقضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
الرئيس: السيد محمد الحبيب بنعطية – المقرر: السيد محمد بن حم – المحامي العام: السيدة أمينة الجيراري.
> إعداد: حسن عربي