لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في تنظيم الاحتجاجات التي حظيت بدعم فرنسيين مستائين من إصلاحات ماكرون وأسلوبه في الحكم، من غير المنضوين في أحزاب سياسية أو نقابات
قُتلت متظاهرة وجُرح المئات (17/11)، خلال تصدي الشرطة الفرنسية لحملة نظمها متظاهرون أطلقوا على أنفسهم «السترات الصفر»، لإغلاق طرقٍ في فرنسا احتجاجاً على زيادة الضرائب على الوقود، وتنديداً بسياسة «ظالمة» تمارسها الحكومة ضد الفقراء.
وأغلق المحتجون طرقاً سريعة في مدن كثيرة، مطالبين باستقالة ماكرون. وواصل بعضهم غلق طرق ومخارج وساحات في الأيام التالية، وسط دعوات إلى استمرار التظاهرات في مئات المواقع.
وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير، إن 288 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات في 2034 موقعاً بفرنسا. وأشار إلى أن حوالى 3500 شخص ظلوا في الشوارع طيلة الليل، مضيفاً أن الشرطة استجوبت 282 متظاهراً، أودع 157 منهم قيد حجز احتياطي. وتحدث عن «ليلة مضطربة»، شهدت «اعتداءات ومشاجرات وحوادث طعن» مع سائقين محبطين حاولوا تفادي الطرق المغلقة، كما قال.
وحسب كاستانير، أسفرت التظاهرات عن جرح أكثر من 400 شخص، بينهم 28 عنصراً من الشرطة ورجال الإطفاء، علماً أن محتجة عمرها 63 سنة قُتلت صدماً في حادث عرضي خلال الاحتجاج.
وخرج المتظاهرون في إطار حركة شعبية تُعرف بـ«السترات الصفر». وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في تنظيمها، وحظيت بدعم فرنسيين مستائين من إصلاحات الرئيس إيمانويل ماكرون وأسلوبه في الحكم، من غير المنضوين في أحزاب سياسية أو نقابات.
وكانت الحكومة أقرّت رفع الضرائب على الوقود أواخر العام 2017، ضمن خطة تستهدف «تشجيع السائقين على قيادة سيارات أكثر مراعاة للبيئة»، حيث أعلنت «زيادة المساعدات المخصصة للأكثر فقراً، كي يتمكّنوا من تغيير سياراتهم أو دفع فواتير الوقود»، بيد أنّ الاحتجاجات لم تقتصر على هذا الأمر، بل أتت في إطار صدام بين الرئيس ماكرون وفئات فرنسية تعتبره ممثلاً للأثرياء وتتهمه بفرض ضرائب على الفقراء وتقديم امتيازات للأغنياء.
ورفعت متظاهرة لافتة كُتب عليها «أغيثوا أمّة في خطر»، وقالت: «هذا هو الشعب، نحن صغار العاملين، لم يعد في مقدورنا أن نعيش». وشدّد متظاهر آخر على أن «الحركة غير سياسية وغير نقابية. إنها صرخة عامة لشعب فقد طاقته على الاحتمال»!.
ومنذ انتخابه رئيساً قبل 18 شهراً، تعهّد ماكرون (40 سنة) القيام بتغييرات اقتصادية وتطبيق إصلاحات جذرية تطال المؤسسات والعديد من الشركات العامة، ومنها شركة السكك الحديد المملوكة للدولة، وواجه معارضة من نقابات عمالية، علماً أن شعبيته تراجعت إلى أدنى مستوياتها مؤخراً.
تهاوي شعبية ماكرون
ومع الاحتجاجات الأخيرة، سجّلت شعبية الرئيس الفرنسي تراجعاً إضافياً، حيث أظهر استطلاع للرأي أعدّته مجموعة «إيفوب» للبحوث ونُشر أخيراً، انخفاضاً في شعبية ماكرون بأربع نقاط في الشهر الجاري مقارنة بالشهر الماضي. ويبيّن الاستطلاع أنّ نسبة الراضين عن أداء الرئيس تراجعت إلى أقل من 30 %. مقابل أكثر من 70 % كانوا بين غير راضين، و«غير راضين أبداً».
وأظهر استطلاع آخر أن 62 % من المشاركين قالوا إن على الحكومة إعطاء الأولوية لسياسات مساعدة الأسر الفقيرة، ولو عنى ذلك تحقيق تقدّم أبطأ في ما يتعلّق بخطة الطاقة الصديقة للبيئة.
كما أظهر استطلاع أعدّه معهد «إيلابي» أن حركة «السترات الصفر» تحظى بدعم 73 % من الفرنسيين. وقال مسؤول في المعهد، إن «54 % من ناخبي ماكرون أنفسهم يدعمون هذه الحركة أو يتعاطفون معها». واعتبر أن رفع سعر البنزين ليس سوى «صاعق تفجير، إذ إن الاستياء عام».
وذهب محللون حدّ القول: إنّ «هذه الانتفاضة أخطر من سابقاتها، لأنها قد تتسع لتشمل أربعة أخماس المجتمع. مشيرين إلى استفحال تراجع شعبية ماكرون، ووجود قاعدة ملائمة ووقود جاهز للتفجير»!.
فيصل علوش