اختتام أشغال الملتقيات الأولى لدار المناخ المتوسطية

أمسى المغرب الذي آلت إليه رئاسة دار المناخ المتوسطية مطالبا بالنهوض بدور أساسي في هذا المجال. فالمغرب الذي جعل من تغير المناخ مسألة رئيسية في جدول أعماله التنموي، يتواجد في مفترق طرق حوض البحر الأبيض المتوسط والقارة الأفريقية، اللذين يعتبران من بين أكثر المناطق تضررا من آثار تغير المناخ، بحيث تتأثران وستتأثران، بشكل خاص، بارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات المياه، وتفاقم الظواهر الجوية القاسية بل واختلال أنظمة تساقط الأمطار. وستضطلع دار المناخ بدور هام في مجال حكامة المناخ، مما يمكن الفاعلين في المنطقة من الاضطلاع بدورهم كاملا في مكافحة تغير المناخ.

اختتمت أول أمس السبت بطنجة، أشغال الملتقيات الأولى لدار المناخ المتوسطية، بدعوة المشاركين إلى التزام بتعزيز العمل والمبادرات لجعل دار المناخ المتوسطية “مركزا إقليميا مناخيا”، وتمكينها من السبل والإمكانات الضرورية لوضع مخططات مناخية ترابية، وتقوية القدرات في مجال نقل التكنولوجيات وتمويل المناخ والشفافية. ومن أجل الرد على تحدي الرهانات المناخية، شددت توصيات هذه الملتقيات المنظمة على مدى ثلاثة أيام تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، على دعم “دار المناخ المتوسطية” لكي تغطي كل الجوانب العلمية والتقنية والسياسية المتعلقة بالمرونة المناخية، وكذا التحرك لتوسيع مجال تدخلها لكي تشمل حوض البحر المتوسط والقارة الإفريقية، ومختلف جوانب المرونة بالمناطق الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، خاصة بالمنطقة الأورو- متوسطية، وكذا إيلاء أولوية للبلدان السائرة في طريق النمو، وتكثيف المبادرات الإقليمية والمحلية، وتشبيك الجمعيات والاتحادات الموجودة، بهدف تمتين العمل من أجل المناخ.
وأشار المشاركون خلال هذه التظاهرة إلى أنه لتحقيق الأهداف المناخية المسطرة لدار المناخ المتوسطية، فإنه يتعين أن تكون هذه الأخيرة في مستوى توفير مجال ملائم لحكامة مناخية متوسطية جيدة، وتعزيز الثقة، ودعم تنفيذ السياسات والإجراءات الترابية والاستفادة لأقصى حد من منافع التعاون الدولي خاصة في مجال التمويل المناخي.
كما اتفق المشاركون على ضرورة دعم مبادرات الشباب من أجل المناخ بالمتوسط، فضلا عن تطوير مشاريع مشتركة بين العلماء وتشجيع البحث والابتكار في مجال التأقلم المناخي. وترمي”دار المناخ المتوسطية”، إلى ضمان ديمومة العمل لأجل المناخ في الحوض المتوسطي، وخلق الفرص الاقتصادية المواتية والمنضبطة لتوصيات الحفاظ على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية”.
وتميز الحفل الختامي بالتوقيع على أربع مذكرات تفاهم بين مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة والجمعية الجهوية والمحلية الأورومتوسطية والجمعية المغربية لرؤساء الجماعات المحلية، ومجموعة الطاقات المتجددة والبيئة والتضامن، والمعهد الوطني للاقتصاد الدائري، لتعزيز العمل من أجل المناخ، وتقوية قدرات الجماعات المحلية على تنفيذ المشاريع البيئية المبتكرة.
وشكلت هذه الملتقيات مناسبة للتشاور والتداول والتوافق حول سبل مجابهة التحديات المناخية بما يجعل من دار المناخ المتوسطية ركيزة من أجل القضايا المناخية، مثل الاقتصاد الأخضر والشغل وتمويل المشاريع المناخية تماشيا مع توصيات مؤتمري المناخ “COP21” بباريس و”COP22 “بمراكش.
وتميز افتتاح هذه الملتقيات يوم الجمعة الماضي بكلمة لكاتبة الدولة المكلفة بالماء شرفات أفيلال، قالت فيها: “إننا نواجه اليوم تحديا كبيرا، بسبب تغيرات كونية من قبيل التغيرات المناخية التي قد تفاقم حدة الظواهر الكبرى (الفيضانات والجفاف)، وبسبب تغيرات إقليمية من قبيل النمو الديموغرافي والضغط السياحي على المناطق الساحلية، والإفراط في استعمال المياه بالمناطق الحضرية، والزراعة والطاقة والصناعة”، مضيفة :” أن الرد على تحدي التدبير المستدام والدائم للماء بالكوكب يكمن في بناء مجتمع عالمي جديد ومتضامن، من أجل مواجهة التهديدات البيئية المرتبطة بالهشاشة الاجتماعية بعدد من مناطق العالم”.
واعتبرت المتحدثة، أن هذه التظاهرة الخاصة بدار المناخ تشكل صلة وصل وملتقى لتبادل الأفكار بين مختلف الفاعلين المتدخلين في المناقشات حول المناخ، لافتة إلى أن الجهات صارت مدعوة إلى أن تلعب دورا أساسيا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ودعم الاستقرار بالمتوسط، مشيرة إلى أن الماء كمورد نادر ومهدد، يشكل قطاعا أفقيا يتقاطع مع جل مجالات التنمية، ينبغي أن يتيح رفع التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي وضمان صمود المدن في وجه التغيرات المناخية.
وأضافت أفيلال أن المتوسط هو مهد الحضارات حمل منذ أمد قضية الماء إلى صلب الانشغالات، بهدف استدامة تنميته والحفاظ على السلم والاستقرار بحوض المتوسط، مشيرة إلى أن هذه المنطقة تتميز بعدم التكافؤ في توزيع الموارد المائية، كما اتسمت بفترات جفاف متكررة على مدى العقود الماضية.
وفي هذا السياق، لاحظت أن وضعية الولوج إلى الماء الصالح للشرب والتطهير بحوض المتوسط “غير مرضية”، معتبرة أن حوالي 180 مليون من سكان المنطقة يعانون اليوم من “شبح ندرة المياه”.
وأكدت من خلالها أن الجهات تضطلع بدور أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، من خلال الحكامة المناخية وتعبئة المنتخبين حول القضايا والتحديات البيئية.
وشارك في الملتقى أزيد من 360 مشاركا من 13 بلدا من حوض البحر الأبيض المتوسط، من بينهم رؤساء جهات وحكومات محلية ومستثمرين ومانحين وخبراء وأكاديميين.

دار المناخ المتوسطية ..أهداف واضحة وطموحات قوية

تشكل دار المناخ المتوسطية، بأهدافها الواضحة، والتي ستستضيف الأمانة العامة لمؤتمرات ميدكوب المقبلة، فضاء للقاء العديد من الفاعلين، من أجل إثارة التحديات والرهانات الرئيسة.
يجب أن تصبح دار المناخ المتوسطية و”مشروعها الحضاري”، كما وصفه جلالة الملك محمد السادس مكانا للتوافق حول أهداف “المناخ”. وستشكل “مركزا” تقصده الجماعات الترابية والمقاولات الصغيرة والمتوسطة والمستهلكين والمستثمرين والمساهمين، ومن العالم التربوي… كما ستشكل همزة وصل بين الفاعلين غير الحكوميين، والدول والمواطنين.
وستلعب هيكلتها دور المسرع للتحولات اللازمة لمكافحة تغير المناخ والتكيف معه. وستكون أيضا فضاء لإنتاج أشكال جديدة من الشراكات متعددة الفاعلين لضمان التأثير على نطاق واسع بزخم التضامن (التبادل والتجميع) والتكامل (تجمعات حول مشاريع). كما ستشكل فضاء للتوفيق بين العمل الفردي والجماعي، مع دوافع مشتركة ذات أولوية: الاقتصاد الأخضر والتشغيل، وتمويل المشاريع.
إنها فضاء في خدمة الفاعلين الذين يعملون يوميا لمكافحة التغيرات المناخية، والذين يشكلون في ذات الوقت مركزا للموارد، ولبناء القدرات، ولاحتضان ومواكبة المشاريع. وتستند هذه المبادرة على شراكات غنية، ضمن منطق فيدرالي تحركه الطموحات المشتركة والرغبة في توطيد تدابير كل الأطراف.
وتحمل دار المناخ المتوسطية ​​ طموحات قوية. فهي فضاء للخدمات، وللقاء الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين؛ دار لا ترغب في أن تصبح شبكة جديدة أو “شبكة الشبكات” بل “فضاء للتجميع” مرن في خدمة المناخ. ويشكل سياسيو وتقنيو السلطات المحلية، ومنظمات تمويل المناخ، والمقاولات-الصغيرة والمتوسطة-والمنظمات غير الحكومية والباحثون، الفاعلين الرئيسيين في دار المناخ المتوسطية.

“قوة ناعمة” للسلطات المحلية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمواطنين والمعارف

إنها فضاء لبناء “القوة الناعمة” للسلطات المحلية والفاعلين الاقتصاديين، والفاعلين الاجتماعيين والمواطنين والمعارف (تعبئة الشبكات التربوية وشبكات التعليم العالي والبحث، ومرجعا “للمعطيات”، وإضفاء الطابع الموضوعي على التقدم المحرز في مجال المناخ)، والعمل المشترك بينهم.
وستحتضن دار المناخ المتوسطية، أيضا، الأمانة الدائمة لـ”ميدكوب” المناخ. ويتعلق الأمر بتنسيق يعتمد على اللجان العلمية والتنظيمية والبرنامجية. مقرها في طنجة، نتهج حكامة جماعية، وتحدد الخطوط التوجيهية ودفتر تحملات مؤتمر “ميدكوب” الذي ستنظمه الجهة المضيفة له في استقلالية كبيرة.

حكامة جماعية وفاعلون متعددون

وفي إطار البحث عن التجميع بين الفاعلين العموميين والخواص، ستستهدف دار المناخ المتوسطية عدة جهات:
– الجهات (والسلطات المحلية الأخرى) والمدن الكبرى
– المقاولات التي ترغب في العمل وتطوير التكنولوجيات
– الفاعلون الماليون (الذين يبحثون عن مشاريع للتمويل)
– الخبراء والشبكات والسياسيون
-الفاعلون الاقتصاديون المستهدفون (الزراعة الأفريقية، والاقتصاد الأخضر، الخ)
– البحث
– المواطن كمتعاون في مشروع يهمه.
وينبغي أن تكون دار المناخ الصوت الموحد للشباب المتوسطي. حيث ستستهدف الشباب بصفة خاصة، من خلال إجراءات ترمي إلى:
– توعيتهم بقوتهم في السوق كمشتر، ومستهلك، ومستعمل…
– بناء القدرات وتعزيز دوائر اتخاذ القرار
– التكوين، التشغيل، والتنقل، والفضاء المخصص للشبكات، وأداة للمرافعة، واتخاذ المبادرات والولوج إلى المعلومات والخبرات…
وللقيام بذلك، تتوفر دار المناخ المتوسطية ​​على هيكلة قانونية وإدارية ومالية مستقلة وحكامة جماعية، ويتعلق الأمر بـ:
لجنة التوجيه الاستراتيجي: وتتكون من أهم المدعمين المؤسسيين والممولين الرئيسيين، وتجتمع مرتين في السنة. كما تعتبر بمثابة مجلس للإدارة. حيث تحدد الطموح والأهداف والاستراتيجية.
الرئاسة: ينتخب الرئيس من قبل المجلس الإداري لولاية من ثلاث سنوات. ويحدد الرئيس وسائل العمل لتنفيذ قرارات مجلس الإدارة. يختار المدير. ويمثل الدار المتوسطية للمناخ أمام مختلف الهيئات. ويقدم تقريرا إلى مجلس الإدارة حول تحقيق الأهداف والتمويل. ويرافقه أمين للمال.
اللجنة العلمية: تتكون من حوالي عشرين عضوا تقترحهم لجنة التوجيه الاستراتيجي. تقترح هذه اللجنة على المجلس الإداري أولويات العمل وتشرف على التقارير التي تنتجها دار المناخ المتوسطية.
دار المناخ المتوسطية نقطة
تحويل نحو أفريقيا

يجب أن تشكل دار المناخ المتوسطية نقطة تحويل نحو أفريقيا. أكيد أنه لا يوجد حتى الآن محورا متوسطيا، لكن هناك شرعية ممكنة لدعم الدول المعنية، التي تراقب العملية باهتمام ولكن أيضا بقليل من انعدام الثقة.
ومع وجود دولي قوي، يجب أن تشكل هذه الدار مصدر إلهام لمزيد من المشاريع المماثلة الأكثر محلية، والتي يمكن لها الولوج إلى فضاء التبادل والتعاون. وسيكون من الأولويات، أيضا، إيجاد نقط الالتقاء الجيدة بين مختلف الأجندات المناخية. كما سيكون لها دور هام تؤديه على مستوى أنظمة SIRE لإثرائها من حيث البيانات والإجراءات المتعلقة بتغير المناخ.
وتهم تدابير التخفيف المناسبة على الصعيد الوطني، التي اقترحها المغرب، جميع جهات المغرب، كما يمكن لدار المناخ في طنجة تصدير هذه المعرفة إلى مناطق أخرى من البحر الأبيض المتوسط وبعض البلدان الأفريقية.
ودار المناخ المتوسطية هي في المقام الأول الأمانة الدائمة لمدكوب المناخ. وهي، بالتالي، فضاء للموارد بالنسبة للمنتديات الكبرى ومختلف المناطق المعنية. وتحقيقا لهذه الغاية، تقترح دفتر تحملات على لسلطات المنظمة. وبالإضافة إلى ذلك، تبلور الأدوات اللازمة لفعالية ميدكوب: رصد شبكات الفاعلين والمشاريع، وإنتاج إطار مشترك لتتبع وتقييم الاستراتيجيات المناخية.
ويجب تحديد القيمة المضافة لدار المناخ المتوسطية ​​تحديدا دقيقا لتجنب الافتقار إلى الرؤية والتنافس مع جهات فاعلة أخرى. وستشكل المجالات الترابية، والابتكار، والأرخبيلات الاقتصادية (الزراعة الأفريقية، والطاقات الجديدة، والاقتصادات الخضراء…) وبناء قدرات المواطنين، الركائز الأربع للأبحاث الإجرائية لدار المناخ المتوسطية.
ويتعلق الأمر ببناء قدرات النساء والرجال، والعمل، وإنتاج المعارف، وخلق ظروف عمل الفاعلين من أجل تحقيق أفضل تأثير على المناخ، كما يتعلق بتسريع تعبئة التمويل. ومن هذا المنظور، ستقوم دار المناخ المتوسطية بوضع هندسة للمشاريع، وخاصة من أجل التجريب ونقل الخبرات.
يمكن أن تكون دار المناخ المتوسطية نقطة محورية لمبادرة إنشاء سلسلة بلوك تشين (سلسلة الثقة) للمناخ المتوسطي، وبذلك تصبح منطقة البحر الأبيض المتوسط، بفضل هذه المبادرة، المنطقة الأولى في العالم التي تسمح فيها تقنية بلوك تشين (إما عمومية أو كونسورتيوم) بتتبع:
التقدم المحرز في تنفيذ التزامات الفاعلين
الأثر على خفض ثاني أكسيد الكربون المنتج في المنطقة
تحسين الأداء في بعض المجالات مثل الطاقة والمدن الذكية والمباني الذكية ومساهمتها في تحقيق الأهداف.
وتتمثل مبادئ تكنولوجيا بلوك تشين في: اللامركزية وتوزيع الإجماع، واستبعاد الوسطاء، والأمن، والشفافية والاستقرار، والتعقب، والمصادقة، والتوثيق
وتلبي تقنية بلوك تشين عددا من الحاجيات منها:
– تخزين المعطيات
– التفاعل بين عدة مشاركين
– مراعاة المصالح المتباينة أو انعدام الثقة
– إرادة أو ضرورة عدم المرور عبر طرف ثالث موثوق به
– الحاجة إلى قواعد لمراقبة المعاملات
– القدرة على تحديد من هم المصادقون
– إنشاء نظام تمويل تشاركي، تمويل جماعي

> مبعوث بيان اليوم إلى طنجة – سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top