اختتام الدورة الأولى للملتقى الدولي للشباب المنظم من طرف الشبيبة الاشتراكية

دعا الملتقى الدولي للشباب كافة الفعاليات والتنظيمات الدولية المتشبعة بالفكر التنويري إلى تضافر جهودها لتقاسم مخرجات لقاء طنجة والترافع عنها لدى مختلف الأوساط السياسية والمدنية والحقوقية والنقابية والاقتصادية.
وشدد الملتقى، ضمن هذه المخرجات، على ضرورة استخلاص الدروس من جائحة كورونا عبر تعزيز البناء الديمقراطي، وإعادة النظر في سياسات الدول، وإعادة ترتيب الأولويات.
كما دعا الملتقى، في اختتام أشغال دورته الأولى التي نظمتها الشبيبة الاشتراكية؛ أيام 27 و28 و29 ماي 2022 ، الشباب إلى الترافع والانخراط الفعال في كل المبادرات الرامية لتشكيل عالم متعدد الأقطاب، و والمشاركة الفعلية في صنع السياسات التنموية المركزة على البعد الاجتماعي.
وأوصى الملتقى بإبداع إبداع آليات سلمية لحل النزاعات والخلافات تبنى على أسس الواقعية السياسية مثل مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لحل النزاع المفتعل في جزء من ترابه.
فيما يلي النص الكامل لنداء طنجة:

نحن شباب وأطر أعضاء الملتقى الدولي للشباب؛ ممثلو كل قارات العالم؛ المجتمعون بملتقى البحرين عروسة افريقيا مدينة السلام والتعايش طنجة المغربية؛ ضيوف منظمة الشبيبة الاشتراكية؛ خلال الدورة الأولى للملتقى المنعقدة أيام 27 و28 و29 ماي 2022. تباحثنا بشكل معمق عبر ندوات وورشات موضوعاتية؛ في سبل إرساء عالم جدير بشبابه؛ عالم بدون نزاعات ولا حروب؛ عالم متعدد يسع جميع الثقافات والاثنيات والأعراق والهويات.
لقد تبادلنا الأفكار والرؤى حول إشكاليات الديمقراطية؛ والهوية؛ والمعرفة؛ والعولمة؛ والتنمية المستدامة، والمناخ؛ والأوبئة؛ والتسامح؛ والتطرف؛ والتعصب، والعنف؛ والإرهاب؛ والانصاف والعدالة؛ والمساواة؛ وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. كما تبادلنا تجارب مساراتنا النضالية. وقد عرفت نقاشاتنا وحواراتنا الجماعية والثنائية تفاهمات وتوافقات وتقاطعات واسعة النطاق. وما يثلج صدورنا مشاعر الود والدفء والصدق التي ميزت هذه النقاشات المثمرة والغنية؛ بالرغم من اختلاف ثقافاتنا ولغاتنا ولون بشرتنا ومرجعياتنا وتباعد أوطاننا.
لقد أفرز تفكيرنا الجماعي خلال هذه الدورة التي نعتز بالنجاح الباهر الذي حققته والذي عبرت عنه الوفود المشاركة من خلال تمثيلياتها النوعية المخرجات الآتية:
أولا: كشفت جائحة كورونا؛ المصير المشترك لدول المعمور؛ دون تمييز بين غني أو فقير؛ أو حاكم ومحكوم؛ حيث تجاوز انتشار الفيروس كل الحدود الممكنة. مما وجه انتباه العالم لضرورة الحرص على ضمان حق الحياة. الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في سياسات الدول؛ وإعادة ترتيب الأولويات؛ إذ عليها الاهتمام أكثر بالقطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والبحث العلمي والحماية الاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة. فمعدلات النمو ذات الطابع الاقتصادي لن تجدي نفعا في غياب مقاربات تنموية تجعل الانسان محور اهتمامها.


ثانيا: إن الملتقى الدولي للشباب؛ وهو يحلل الوضع الدولي القائم وما يميزه من توترات ونزاعات وصراعات وحروب ليعزوها للنظام الإمبريالي أحادي القطبية والتوجه الذي يتغذى على الحروب واختلاق الأزمات ونهب ثروات الشعوب واستلاب الانسان وتبضيعه. إذ أن وضعه اليوم في ظل هذا النظام جعله فاقدا لذاته وغريبا عنها. مما يجعل المسؤولية ملقاة على عاتقنا في الترافع والانخراط الفعال في كل المبادرات الرامية لتشكيل عالم متعدد الأقطاب؛ قائم على العمل الجماعي والمشترك؛ والاحترام المتبادل والتسامح ونبذ التطرف؛ والانصاف والعدل؛ والمساواة. والكسب المشترك. عالم متسلح بالتثقيف ومتملك للمعرفة النافعة التي تخدم إنسانية الانسان وتحقق كرامته وتصون حقوقه التنموية بشكل مستدام.
ثالثا: إن التعاون الذي تمليه ضرورة مواجهة هذه التحديات؛ يقتضي انهاء احتلال الدول كفلسطين الحبيبة والعراق والأحواز العربية المحتلة وكذلك عدم المساس بسيادة الدول على أراضيها؛ وعدم التدخل في شؤونها الداخلية؛ لأن من شأن ذلك تقويض السلم العالمي والاستقرار الأمر الذي يقحم الدول في نزاعات مسلحة يذهب ضحيتها الأبرياء وخاصة الشباب التواق للحياة والحرية. فالمطلوب اليوم هو إبداع آليات سلمية لحل النزاعات والخلافات تبنى على أسس الواقعية السياسية مثل مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لحل النزاع المفتعل في جزء من ترابه. ومن شأن هذه المبادرات خلق أجواء الثقة والتعايش السلمي في كل بؤر التوتر عبر العالم.
رابعا: إن راهنية العيش المشترك؛ تقتضي الإيمان بأن الهوية متعددة الأقطاب ولا محدودة؛ ومتوازنة من حيث الحقوق الفردية والانتماء الكوني، هوية غير ثابتة ولا متعالية ولا مستعلية، بل هوية تثمن تعدد الثقافات وغناها وانفتاحها حتى يتعزز الأمن والاستقرار والغنى الحضاري الخلاق.
خامسا: من الدروس المستقاة من كوفيد-19 ضرورة تعزيز البناء الديمقراطي؛ كخيار استراتيجي لا يتأثر بالأزمات والأحداث الفجائية. ولا يلزم صورة نمطية واحدة بل يتلون بالخصوصيات الهوياتية والتقاليد التاريخية والثقافية المتعددة والمتباينة، والذي يسمح للشعوب باختيار النموذج الأنسب لها ولا مجال هنا لإعطاء الدروس وجعل الديمقراطية براءة اختراع لدى بعض الدول. فالديمقراطية هي ارث حضاري ساهم فيه الشرق والغرب على حد سواء. ورغم هذا التعدد فالثابت فيها هو الاحترام التام لحقوق وحريات الانسان وكرامته.
سادسا: إننا نعيش في عصر الثورة الرقمية التي جعلت من انسان اليوم كائنا مغتربا عن واقعه؛ فاقدا لخصوصيته، لكن من إيجابيات هذه الثورة تمكنَنَا من التواصل والتعارف فيما بيننا لبلورة مبادرات فعلية جادة ومسؤولة كمثل وجودنا في ملتقى طنجة ومشاركة أزيد من مائتي وخمسين (250) شابا وشابة يمثلون كل قارات العالم. الذين يدعون من طنجة المغرب لضرورة انخراط الشباب ومشاركته الفعلية في صنع السياسات التنموية لبلدانهم المركزة على البعد الاجتماعي الذي يعيد للدولة حضورها الحيوي لتحقيق تحديات الشباب وتطلعاته لغد مشرق ينعم فيه الجميع بالرفاه والحياة السعيدة.
سابعا: إن الحياة السعيدة تلك لن يكتب لها التحقق في غياب تنمية مستدامة تستحضر حقوق الأجيال اللاحقة وعلى رأسها التوزيع العادل للثروات، والمحافظة عليها في نظام ايكولوجي متوازن.
ثامنا: إن روح الملتقى الدولي للشباب في دورته الأولى المنعقدة بطنجة؛ المفعمة بالحب والصداقة والأخوة والتفاهم والتسامح تأمل في أن تشكل انطلاقة حقيقية لشباب العالم لمزيد من التفكير الجماعي والحوار المسؤول الرامي لتشكل تكتل شبابي عالمي، في مواجهة التوجهات المتطرفة المضادة لنبل تلك القيم.
تاسعا: يدعو الملتقى الدولي للشباب؛ كافة الفعاليات والتنظيمات الدولية المتشبعة بالفكر التنويري القائم على العلم والمعرفة والتعايش والتسامح والديمقراطية والمساواة والانصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية؛ إلى تضافر جهودها لتقاسم هذه المخرجات والترافع عنها لدى مختلف الأوساط السياسية والمدنية والحقوقية والنقابية والاقتصادية؛ وتجويدها في النسخ المقبلة من أجل بناء عالم جدير بشبابه.
وختاما: يوجه الملتقى الدولي للشباب؛ عظيم امتنانه؛ وشكره لمنضمة الشبيبة الاشتراكية المغربية بكل مكوناتها على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم كما نشكر كل الجهات الرسمية في المملكة المغربية التي دعمت هذا الملتقى في دورته الأولى.

حرر بطنجة المغربية بتاريخ 29 ماي 2022
انتهى النداء

Related posts

Top