احتفاء باليوم العالمي للمرأة، نظمت جمعية “نعمة للتنمية” يوم الأحد الماضي، أمسية فنية متنوعة تتويجا لمجهودات واشتغالات تواصلت على مدى سنة كاملة من مشروع “السينما في خدمة المساواة”، وذلك تحت شعار “من أجل حماية عاملات المنازل ومناهضة تزويج القاصرات”.
وهكذا احتضنت قاعة سينما النهضة بالرباط مجموعة من العروض الفنية المعدة لهذه المناسبة ومنها عرضان سينمائيان، وعرضان مسرحيان، ولوحات كوريغرافية راقصة، ومنوعات غنائية وشبابية.. بحضور جمهور غفير من الشباب والنساء، وبمشاركة فنانين محترفين أبوا إلا أن يساندوا جمعية نعمة في مسعاها المواطن.. ومنهم الفنان عبد الكبير نيشان مخرج فيلم “الطريق المجهول” والفنانة فاطمة الزهرة أحرار بطلة نفس الفيلم. وعمر ضنايا مخرج فيلم “مريم” وعدد من طلبة المسرح الجامعي والفنانين الشباب من الدار البيضاء والرباط وسلا للمساهمة في إحياء هذه الأمسية الفنية.
وفي نهاية الحفل تم توزيع الجوائز وشهادات التقدير على الفائزين المتوجين وعلى المشاركين. وخصت حفيظة بنصالح، رئيسة جمعية نعمة للتنمية، الفنانة والممثلة فاطمة الزهراء أحرار بالتفاتة تكريمية مميزة وسلمتها ذرع التكريم كعربون على المحبة والإعجاب والتقدير على مشاركتها الرائعة في فيلم “الطريق المجهول”، وعلى حضورها الوازن في العمل الجمعوي وانخراطها الواعي في أنشطة المجتمع المدني والاستجابة لدعواته بمختلف جهات البلاد، وكذا لمساهماتها المتتالية، من خلال المسرح والسينما، في دعم ومساندة نضالات المرأة المغربية والفتاة المغربية من أجل تحقيق الحقوق والكرامة…
هذا وفي مستهل هذا الحفل تناولت الكلمة المناضلة حفيظة بنصالح رئيسة جمعية “نعمة للتنمية” لتؤكد أن هذا اللقاء يشكل لحظة “لقطف ثمار هذا المشروع بعد مجهود عام كامل عملنا خلاله على السفر مرة أخرى من خلال السينما واستعمالها كأداة من أدوات التحسيس بأهمية تحقيق المساواة في هذا المجتمع الذي لا يزال يصر على تكريس النظرة الدونية للمرأة ويقدمها في صورة نمطية خاصة في الأعمال السينمائية التي لا تزال رغم كل شيء تصر على حصرها في المركز الثاني بعد الرجل بل وككائن يسير في ظل الرجل”.
وأضافت بنصالح أن اختيار هذا الموضوع “يأتي في ظل النقاش الدائر حاليا حول ضرورة العمل من أجل الضغط لتغيير مواد مدونة الأسرة بكاملها التي مر على إقرارها ما يقارب 20 عاما، وهي المواد التي أبانت الممارسة عدم تماشيها مع تطلعات الحركة النسائية في تحقيق المساواة ورفع الظلم والحيف الذي لا يزال يطال الكثير من النساء، ومنهن القاصرات اللواتي لا زلن عرضة للتزويج في سن مبكرة خاصة في البوادي والقرى، حيث لا تزال الأعراف المجتمعية هي التي تتحكم في زواج القاصرات بعيدا عن القانون، بل إن الواقع يؤكد على أن مدونة الأسرة ورغم تحديدها لسن زواج الفتاة في 18 عاما، إلا أن التنصيص على بعض الاستثناءات التي وضعت في يد القضاء حول هذا الاستثناء إلى قاعدة مما يستدعي العمل من أجل منعها نهائيا حتى يتم وضع حد لهذا الواقع وحتى لو تطلب الأمر إقرار عقوبات حبسية رادعة في حق المخالفين من أجل وقف استمرار نهش أجساد بريئة من طرف بعض الرجال باسم مؤسسة الزواج”.
وفي حديثها عن طبيعة اشتغال الجمعية بخصوص ثيمة السينما، قالت حفيظة بنصالح “لقد وقفنا على مجموعة من التصورات غير المنطقية الراسخة في الأذهان حول المرأة في السينما، وحز في نفوسنا أن يتم تكريسها أيضا حتى في المقررات المدرسية ولدى الأجيال الصاعدة، خاصة عندما التقينا، تؤكد المتحدثة، بشبان وشابات من الموهوبين والموهوبات والطلبة والطالبات وبتلميذات وتلاميذ بعض الثانويات، والذين يعيدون ويجترون ما هو معروف عن صورة المرأة في السينما دون قراءتها أو محاولة استنباط الرسائل الخفية وراء تلك الصور، فكان همنا طوال المشروع أن نحارب هذه الصور ونناقش من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة يمكننا من خلالها أن نضع تصورا لما نريده وما هو ممكن على أرض الواقع”.
هذا وتضيف رئيسة جمعية نعمة للتنمية أنه “كان من بين الوسائل التي اعتمدناها إلى جانب ورشات في إنتاج فيديوهات تتحدث عن المساواة، إطلاق مسابقة للمبدعات والمبدعين الشباب حول موضوع “السينما في خدمة المساواة” وذلك ضمن برنامج المشروع الذي عملنا على تنفيذه، وهي المسابقة التي مكنتنا من التعرف على طرق تفكير هؤلاء وكيف ينظرون إلى المساواة، خاصة وأن الأعمال المتوصل بها كانت ذات حرفية وتعكس استعداد الشباب لتحويل الأفكار إلى واقع، خاصة بعد أن نجحوا، وخاصة الأعمال التي تم تتويجها، في طرح رؤيتهم سينمائيا لكيفية توظيف السينما في خدمة المساواة ورفع الحيف الذي يطال عددا كبيرا من النساء خاصة في البوادي، كما تم الوقوف على مجموعة من الأفكار الخلاقة التي عمل من خلالها المبدعون والمبدعات الشباب المشاركون والمشاركات على طرح رؤيتهم ووضع سيناريوهات مختلفة مكنتنا في النهاية من التوفر على مجموعة من القصص الملهمة في هذا المجال والتي بدون شك ستساهم في إغناء خزانتنا داخل الجمعية كما سنعمل على إيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور من خلال صفحاتنا في مواقع التواصل الاجتماعي.”
هذا وتقدمت رئيسة جمعية نعمة للتنمية بخالص الشكر والتقدير لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هذا اللقاء، وخاصة منظمة اوكسفوم باعتبارها شريكا للجمعية في هذا المشروع وكذا كل أطر جمعية نعمة للتنمية الذين ساهموا بشكل كبير في إقامة وإنجاح هذا المشروع خاصة أعضاء المكتب الذين كانوا على تواصل دائم وشبه يومي من أجل مناقشة كافة التحديات التي كان يطرحها المشروع والذي، تؤكد المتحدثة، “نعتقد أننا نجحنا في كسب رهانه مرة أخرى خدمة لفضيلة المساواة التي ستبقى مطلبا ملحاحا حتى يتحقق مطلبنا الأول والأساسي والدائم هو المساواة والمساواة ثم المساواة التي بدونها لن يكون مجتمعنا قائما على أية أسس ما دام هناك خلل واختلال في موازين القوى”.
وخلصت حفيظة بنصالح إلى أن الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس هو مناسبة للوقوف على كل ما تم تحقيقه لصالح النساء المغربيات خاصة في المجال القروي الذي لا تزال المرأة تعاني فيه اجتماعيا واقتصاديا… داعية باسم جمعية نعمة للتنمية إلى ضرورة تكتل الجمعيات النسائية وفعاليات المجتمع المدني المؤمنة بالتغيير وضرورة ضخ دينامية جديدة في نضالات الحركة النسائية لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي بدونه لا يمكن إقرار المساواة في أفق إقرار المناصفة في كل المجالات لتحقيق الرقي والتقدم لمجتمعنا. وفي الأخير عبرت الرئيسة عن متمنياتها في “أن ننجح من خلال هذا اللقاء في ملامسة جوانب أخرى من هذه الظواهر وأن تكون مفتاحا آخر يمكننا من خلاله فتح باب من الأبواب المقفلة التي ستمكننا من بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي وتحقيق المناصفة”.
بيان اليوم