ماذا تعني استقالة فؤاد عالي الهمة من رئاسة لجنتي الانتخابات والتتبع في المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة؟ وهل ما يحياه حزب الجرار هو نفسه ما تعيشه هيئات أخرى هذه الأيام من مشاكل تنظيمية وتوترات داخلية؟
لقد جاءت استقالة الهمة عقب غياب حزبي وعمومي دام على الأقل منذ افتتاح الدورة البرلمانية، وجاءت أيضا في خضم صراعات داخلية بين المتحلقين حوله لم يعد أحد منهم يخفيها، وجاءت ثالثا بعد طول قطيعة بين فؤاد والكثير من صحبه، وجاءت رابعا بعد كثير لافتات وشعارات في الشارع وداخل البرلمان…
واعتبارا لكل هذا فهي ليست على الإطلاق خطوة تعني صاحبها وحده، أو أنها نتاج وضع حزبي يشبه الأوضاع في باقي الأحزاب، إنما يتعلق الأمر بنهاية فكرة، وفشل مشروع سياسي.
لا يتعلق الأمر هنا بأي «تقطار» للشمع، إنما،على العكس، فإن التفاعل مع نبض المجتمع، والاقتناع بما كانت تقوله كثير من الأحزاب الديمقراطية بخصوص رفض الحزب الهيمني، هو فضيلة، وبلا شك سيساعد بلادنا على إضفاء المعنى على صيرورتها الإصلاحية.
إن استقالة الهمة اليوم من مركز صنع القرار في حزبه، تعني أن «مزاجية سياسية» سادت لفترة، وكانت تقسم الخريطة كما تشاء وترسم للبلاد سيناريوهات كما تريد، قد انتهت اليوم وفشلت وبلغت…الجدار.
جرار البام ارتطم إذن بحائط الحقيقة، وعلى جهابذة الإفتاء في داخله أن يستخرجوا الدروس، ويضعوا نقطة النهاية.
البام كان نتاج رؤية و»فتوى» رسمت مستقبل الحقل الحزبي كما تمنته وحلمت به، وهي اليوم فشلت، وأي سعي إلى النفخ في قربة مثقوبة سيكون لعبا جنونيا بلا فائدة، كما أن التفاعل مع استقالة المؤسس بواسطة تجييش الأغلبيات وخلق انشقاقات، سيكون التفافا على الرسالة الحقيقية، وهي أن الفكرة فشلت من أصلها، فهل أنتم مقتنعون ؟؟؟
إن أحسن خدمة يمكن لشيع وقبائل البام أن تقدمها للبلاد اليوم هي مساعدة المؤسس على إصلاح الخطأ في الفكرة الأصلية وفي الصيرورة وفي السلوكات…
لو كان في إمكان عدد من هؤلاء «الجهابذة» بناء شخصياتهم السياسية، أو تدبير حزب حقيقي مستقل، من دون الهمة، لما اضطر هذا الأخير إلى ضرب الطاولة، وإغلاق هاتفه عليهم، ولهذا فليساعدوه اليوم على الأقل كي يضع نقطة النهاية لفكرة باتت اليوم مرفوضة في الشارع أيضا وفي مضمون الشعارات التي ترتفع إلى السماء مطالبة بالرحيل.
نهاية الفكرة المذكورة ستكون بداية حقيقية لتعزيز التعددية الحزبية والسياسية في بلادنا، وإعلانا قويا عن الشروع في تأهيل حقلنا الحزبي وتخليقه والقضاء على ما عانى منه من انحرافات في السنوات الأخيرة.
لتتحلوا ببعض الشجاعة إذن..