اعتقالات تطال شخصيات وازنة بتونس في بانتظار توضيحات رسمية حول دوافعها

مرت الساعات الماضية ثقيلة على عدد من الشخصيات والقيادات السياسية في تونس، على خلفية حملة الإيقافات التي شهدتها البلاد، وشملت شخصيات وازنة ولها نفوذ مؤثر طيلة العشر سنوات التي أعقبت سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

كشفت وسائل إعلام تونسية، مساء الأحد، عن إيقاف كل من وكيل الجمهورية الأسبق للمحكمة الابتدائية بتونس والقاضي المعفي البشير العكرمي، والرئيس الأوّل الأسبق لمحكمة التعقيب والقاضي المعفي الطيّب راشد.

وكان نشطاء تونسيون توقعوا أن تكر سبحة الإيقافات التي حصلت السبت وطالت رجل أعمال مؤثر، وقيادات تابعة ومحسوبة على حركة النهضة الإسلامية، المزيد من الإيقافات خلال الأيام المقبلة.

ورجح محامون أن تكون تهمة التآمر على أمن الدولة وراء حملة الإيقافات الأمنية التي شملت رجل الأعمال كمال لطيف الذي يصفه كثيرون بأنه “رئيس حكومة الظل” في تونس، بحكم علاقاته وارتباطاته بالأوساط السياسية والحكومات المتعاقبة بعد 2011.

ولم تعلن حتى الآن النيابة العمومية في تونس عن دوافع هذه الإيقافات، الأمر الذي يخلق حالة من الضبابية.

ولايعرف بعد ما إذا كان إيقاف كل من العكرمي وراشد يأتي في سياق القضية ذاتها.

وطالت إيقافات السبت خيام التركي الناشط السابق في حزب “التكتل من أجل العمل والحريات” الذي شارك مع حزبي “حركة النهضة الإسلامية” و”المؤتمر من أجل الجمهورية” في الائتلاف الحكومي بعد أول انتخابات أعقبت سقوط نظام بن علي.

وكان اسم خيام التركي قد برز على الساحة التونسية في العام 2012 حينما خضع إلى التحقيق القضائي بسبب شبهات فساد مالي إثر شكوى تقدمت بها شركة إماراتية. واقترحت حركة النهضة وحزب قلب تونس في العام 2020 التركي لتولي رئاسة الحكومة.

وأوقفت قوات الأمن التونسي أيضا عبدالحميد الجلاصي النائب السابق لرئيس حركة النهضة قبل استقالته في العام 2020، وقالت الحركة الإسلامية وهي أبرز المتضررين من مسار الخامس والعشرين، إن قوات الأمن قامت بمداهمة منزل الجلاصي وتفتيشه ومن ثم اقتياده إلى جهة مجهولة.

وبحسب وسائل إعلام محلية فقد تم توقيف دبلوماسي سابق وعسكري متقاعد، دون الكشف عن اسميهما.

ورجح المحامي غازي الشواشي عضو هيئة الدفاع عن التركي، في تصريحه لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن تكون الأسباب ذاتها وراء الإيقافات وهي “التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق من أجل تغيير هيئة الدولة”.

ويقول الرئيس قيس سعيد، الذي أعلن في الخامس والعشرين من يوليو 2021 جملة من التدابير الاستثنائية بينها حل البرلمان السابق، ووضع خارطة طريق سياسية أفضت الى مؤسسات دستورية بديلة، إنه يعمل على مكافحة الفساد وتعقب المتورطين في ذلك.

وغالبا ما يلمح في خطاباته إلى وجود “مؤامرات تحاك ضد الدولة”، ويحث القضاء على ضرورة الاضطلاع بدوره في مواجهة ما يحاك.

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “الإيقافات بدأت منذ فجر السبت، وجاءت على خلفية اجتماع عقد في بيت الناشط السياسي خيام التركي يستهدف وضع خطط لتجويع الشعب وتقليص المواد الأساسية في السوق”.

وقال الرابحي في تصريحات صحفية “لا بدّ من محاسبة كل من أجرم في حقّ هذا الوطن مهما كانت صفته السياسية”. وتابع “رجل الأعمال لطيف يمثل الدولة العميقة، ويبدو أن مصالح النفوذ فقدت كل ما لديها بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 ولا غرابة في أن تتحد اليوم لمحاربة المسار”.

وتعاني تونس خلال الأشهر الماضية من فقدان للمواد الأساسية، ويتهم الرئيس سعيد أطرافا دون أن يسميها بالوقوف خلف هذا الأمر، بهدف تأجيج الأوضاع.

وقال الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان “إلى حد هذه اللحظة لم يصدر أي بيان رسمي يفسّر ما جرى، ومن السابق لأوانه أن يكون هناك تقييم لنتائج تلك الإيقافات”.

وأضاف الترجمان “وضع هذه الإيقافات في إطار سياسي يفقد السلطة مصداقيّتها وهي ليست في حاجة إلى ذلك، لأن إيقاف هؤلاء يعود إلى ما تملكه النيابة العمومية من أدلة”.

وأوضح المحلل التونسي “علينا أن ننتظر نتائج التحقيقات حول تفاصيل هذه الإيقافات ومن أكبر الأخطاء أن يكون هناك موقف مسبق مع أو ضدّ هؤلاء، ومن الضروري أيضا أن تكون هناك مساحة للقضاء لمحاسبة من تورّط في التآمر على الدولة” مشددا “نرفض المحاكمات الشعبية للمتهمين”.

Related posts

Top