الأدباء والمال

كيف هي علاقة الأدباء بالمال؟ ألح علي هذا السؤال الطريف، على إثر الجدل الذي أثاره بعض الفائزين بجائزة المغرب للكتاب، حين اتفقوا على رفض مناصفة القيمة المالية للجائزة، مطالبين الحصول عليها كاملة غير منقوصة.
الكثير من الأسئلة يمكن إثارتها بخصوص هذه النازلة:
ما هو الأهم؟ الجائزة في حد ذاتها، باعتبارها قيمة رمزية؟ أم القيمة المالية للجائزة؟
لا ننسى أننا بصدد الحديث عن جائزة خاصة بالكتاب، الكتاب باعتباره منتوجا فكريا وأدبيا وإبداعيا.
منذ الإعلان عن الإصدارات الفائزة بهذه الجائزة، قبل عدة أسابيع، لم يتم إثارة النقاش حول هذه الإصدارات، حول قيمتها المعرفية والإبداعية، لم يبلغ إلى علمنا أن طبعتها الأولى قد نفدت نتيجة الاعتبار الذي حظيت به من لدن لجنة تحكيم محترمة، وتتويجها بجائزة رفيعة، إن لم أقل أرفع جائزة بلادنا.
لقد جرى النقاش حول قيمتها المالية، أو بتعبير آخر: حول وسخ الدنيا، في الوقت الذي كان يجب وضع تلك الإنتاجات الفائزة على طاولة النقاش، وتقييمها والقيام بمقاربة نقدية لها، وهذا هو المغزى من إنشاء مسابقة خاصة بالكتاب.
أصحاب هذه الإنتاجات بدورهم، يبدو أنهم لا يولون اعتبارا لما سيقال أو يكتب عنها، بدليل أن لا أحد منهم عبر عن احتجاجه على المصير الذي تؤول إليه.
الاحتجاج الوحيد الذي بلغ إلى علم الجميع من لدن هؤلاء الفائزين، أو البعض منهم على الأقل، هو المتعلق بالمال، أو كما يسميه مطربو الراب: اللعاقة.
هذا النوع من النقاش، من شأنه أن يؤدي إلى ابتذال جائزة تقديرية، كانت قد نالتها أسماء مرموقة في مختلف أصناف الأدب والفكر والمعرفة، لم نسمع من أي أحد منهم أنه أثار ذكر القيمة المالية المرتبطة بهذه الجائزة، هل فعل ذلك على سبيل المثال: أحمد اليابوري؟ محمد برادة؟ عبد الفتاح كيليطو؟ .. وغيرهم من الأسماء المحترمة؟ قطعا لا، بالنظر إلى أنهم يثقون في قدراتهم الفكرية والإبداعية، ويعون حق الوعي أن المال شيء زائل وتافه وأن منتوجهم هو الأهم والأبقى.
ربما غاب عن المطالبين بالحصول على القيمة المالية للجائزة كاملة وليس مناصفة، أن هناك جوائز عالمية، لا تكاد تذكر قيمتها المالية، على سبيل المثال: جائزة الغونكور الفرنسية التي لا تتعدى قيمتها المالية عشر أوروات، يعني مئة درهم مغربية تقريبا، لكن في المقابل يعاد طبع الإصدارات الفائزة بهذه الجائزة، مرات عديدات، كما تترجم إلى لغات عدة، وهذا هو المغزى من إنشاء أي جائزة من هذا القبيل.
لقد تم خلق من هذا الموضوع المرتبط بجائزة المغرب للكتاب؛ إشكالية، إلى حد أن إحدى مؤسسات المجتمع المدني اقترحت نفسها للتوسط لأجل إيجاد حل يرضي الوزارة المانحة للجائزة ويرضي كذلك الفائزين بها.
بات من المؤكد أن المال في وقتنا الحاضر، صار يعد أهم من المنتوج الفكري والأدبي، يا للأسف.

> عبد العالي بركات

Related posts

Top