إنجاز تاريخي حققه أسود الأطلس، مساء أول أمس السبت، بالعاصمة الايفوراية ابيدحان، بعد تحقيق فوز قادهم مباشرة نحو مونديال كرة القدم بروسيا 2018.
الانتصار جاء مستحقا، بعدما بادرت العناصر الوطنية، منذ الدقيقة الأولى، إلى تشكيل ضغط على الفريق الخصم، مما مكنها من كسب السبق، بعد الوصول إلى تسجيل هدفي الامتياز، أمام ذهول وحيرة فيلة الكوت ديفوار.
بداية مثالية لم يكن أشد المتفائلين يتوقعونها، الشيء الذي يؤكد أن المنتخب المغربي بكل مكوناته، كان مستعدا بما فيه الكفاية للعبور نحو روسيا، وتجاوز كل المصاعب والتحديات، بما في ذلك القوة المحتملة للإيفواريين بميدانهم، والذين كانوا أبرز مرشح على الورق لكسب تذكرة المجموعة الثالثة، خاصة بعدما احتلوا لعدة جولات المرتبة الأولى، وبفارق نقطتين عن الأسود الأطلس.
فانطلاقا من الجولة الثالثة، أظهر الفريق الوطني إصرارا كبيرا على العودة بقوة للمنافسة على الرتبة الأولى، فكان الانتصار المدوي وبحصة 6 مقابل 0 على حساب مالي، وبعده تعادل سلبي بباماكو، مع تضييع ضربة جزاء من طرف زياش، بعد ذلك عاد الأسود ليحققوا انتصارا باهرا بثلاثة لصفر أمام الغابون بالدار البيضاء، ليعطوا مؤشرات قوية على أنهم قادمين بقوة لمنافسة الكوت ديفوار بعقر دارها.
فكان موعد الحسم هو السبت 11 نونبر، على الساعة الخامسة والنصف بملعب هوفيت باونيي، وأمام حضور جماهيري مغربي وازن، خلق الحدث ومنح الدعم الضروري للعناصر الوطنية، والأكثر من ذلك، دفع بها نحو تحقيق الحلم، الذي راود الجميع، ألا وهو العودة مجددا لأعراس المونديال، بعد غياب قاس دام عشرين سنة كاملة.
سيكون الفريق الوطني المغربي، إذن، حاضرا الصيف القادم ضمن صفوة كرة القدم العالمية، وهذا إنجاز كبير، يجب استثماره على نحو الأفضل، وهذا هو التفكير المستقبلي الذي جاء به الرئيس الجديد للجامعة فوزى لقجع، الذي اعتبر مشروع التأهل للمونديال، مجرد مرحلة تمكن من خلق الأجواء الايجابية، تسمح في ظروف هادئة، بتحقيق المشاريع المبرمجة الهادفة إلى إعادة إصلاح المنظومة، وإنجاح كل المشاريع التي تطمح إلى جعل كرة القدم المغربية قادرة على احتلال مركز الريادة قاريا، ومؤهلة بقوة للمنافسة على أعلى مستويات دوليا، مع ضمان تلك الاستمرارية المطلوبة التي بحثنا عنها طويلا وبنفس الفعالية ونفس القوة.
فتأهيل كرة القدم الوطنية، وجعلها قاطرة للرياضة الوطنية، من شأنه جعل القطاع يساهم بقوة في النموذج التنموي الجديد، الذي تحدث عنه جلالة الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الخريفية يوم 13 أكتوبر الماضي، على اعتبار أن الرياضة تعتبر في الكثير من البلدان المتقدمة، رافعة أساسية للتنمية، إلى جانب القطاعات الأخرى الحيوية كالتعليم، والصحة، والسكن، والخدمات الأساسية، في إطار الانتقال الفعلي للجهوية المتقدمة.
وما العودة القوية لكرة القدم الوطنية إلى الواجهة الإفريقية، واحتلال أهم مراكز القرار على الصعيد القاري، إلا مساهمة فعالة في إطار الدينامية التي شهدها تواجد المغرب على أعلى مستوى بالقارة الأفريقية، تواجد يعكس عمق سياسة المغرب الاقتصادية جنوب- جنوب، وانفتاحه في السنين الأخيرة على القارة بشكل قوي، وأضحى من العوامل الرئيسية لخلق نموذج تنموي جديد، يستجيب، من جهة، للمطالب الضرورية للمواطنين، ومن جهة أخرى، يعكس فعليا سياسة الشراكة ما بين المغرب وهذه الدول، وما خلق شركات متعددة بين الجامعة المغربية لكرة القدم، والعديد من الاتحادات الإفريقية، إلا نموذج لهذا الارتباط الناجح، وفهم عميق للرسالة الملكية من وراء العودة القوية للمغرب على الواجهة الأفريقية.
محمد الروحلي