حفاظا على صحة وسلامة السجناء لتفادي إصابتهم بفيروس كورونا
تم أول أمس الاثنين، بجميع المحاكم المغربية، الشروع في عقد جلسات المحاكمة عن بعد، في احترام تام لضمانات المحاكمة العادلة وبتعاون مثمر بين المسؤولين القضائيين والقضاة والمحامين وكتاب الضبط والمسؤولين عن المؤسسة السجنية التي يتواجد فيها المتهمون.
وفي هذا الإطار، أعطيت الانطلاقة الرسمية لجلسة محاكمة عن بعد بابتدائية سلا، بحضورمصطفي فارس الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، و محمد بنعبد القادر وزير العدل ومحمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة وعدد من المسؤولين القضائيين وبالإدارة المركزية.
وبالدار البيضاء، وبالضبط بمحكمة الاستئناف، تابع الرئيس الأول للمحكمة عبد العزيز الفتحاوي رفقة الوكيل العام للملك بذات المحكمة نجيم بنسامي، وعمر ودرا رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب وحسن بيرواين نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، جلسات هذه المحاكمة التقنية، بكل القاعات التي تستعمل تقنية SKYPE .
ويأتي العمل بالمحاكمة عن بعد، في إطار مساهمة السلطة القضائية في تنزيل التدابير الصحية المتخذة لمكافحة تداعيات وباء فيروس كورونا، وسعيا إلى ضمان شروط الصحة والسلامة لكافة مكونات العدالة، كما أن اعتماد المحاكمة عن بعد، فرضته الظروف الاستثنائية التي تعرفها بلادنا، وهو تصور إستراتيجي يوفر الجهد ويضمن الأمن والسلامة لمختلف الفاعلين في منظومة العدالة، والنزلاء بالمؤسسة السجنية، لاسيما في ظل تصاعد الأرقام المسجلة يوميا بشأن الإصابة بفيروس كورونا.
وكان النقيب حسن بيرواين نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، قد وجه منشورا، يوم 25 ابريل الجاري إلى كل المحامين والمحاميات، بخصوص “التقاضي عن بعد”، اعتبر فيه أن التقاضي عن بعد في المادة الزجرية (قضايا المعتقلين) هو تدبير احترازي، واستثنائي ومؤقت، ينتهي بانتهاء حالة الطوارئ الصحية، وأن هذا النوع من التقاضي هو اختياري وليس إلزاميا ، وأن الأمر يعود للمحامي باتفاق مع موكله .
وأضاف نقيب المحامين في ذات المنشور، أن المرجعية المعتمدة في هذا التوجيه، هي الفقه الإسلامي والأحكام العدلية، وما جرى عليه العمل من مذهب الإمام مالك، ودستور المملكة والمواثيق الدولية وأعراف المهنة وتقاليدها والقسم المهني، داعيا المحامين إلا الانخراط في هذا التدبير الاحترازي، إذا لم يكن في ذلك ضرر للموكلين، لأن ضمان صحة الإنسان وسلامته وحياته هو الهدف المنشود ، ولا يعلوه أي هدف آخر .
كما شرعت محكمة الاستئناف بالرشيدية والمحاكم الابتدائية التابعة لنفوذها، في نفس اليوم، في اعتماد تقنية المحاكمة عن بعد، وذلك في إطار تدابير مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). ويأتي نظام المحاكمة عن بعد، الذي يستخدم تكنولوجيا التواصل مع المؤسسات السجنية من جهة والقضاة والمحامين في المحاكم من جهة ثانية، في إطار الإجراءات الاحترازية وتعزيز الأمن الصحي لنزلاء المؤسسات السجنية وكافة مكونات أسرة العدالة، التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية بالمملكة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد. وتهدف هذه العملية، التي تعتمد أيضا في المحكمتين الابتدائيتين بالرشيدية وميدلت، إلى ضمان استمرارية العمل داخل المحاكم، وفرض احترام القانون في ظل هذه الظروف التي تجتازها المملكة.
وتجري هذه الجلسات في احترام تام للتدابير الصحية الموصى بها للتصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد، مع أخذ جميع الاحتياطات المتعلقة باحترام مسافة الأمان وارتداء الكمامات الواقية.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرشيدية، عبد الغني الشاغ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الجلسات لقيت ترحيبا من طرف نقابات هيئة المحامين بالمغرب، مضيفا أنها تأتي في إطار المحافظة على الصحة والسلامة الخاصة بالسجين لكي لا يكون عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد عند نقله إلى المحكمة.
وأشار الشاغ إلى أن هذه التقنية تعتمد حاليا في القضايا الزجرية الخاصة بالمعتقلين، في حين تنحصر الملفات المدنية في القضايا الاستعجالية سواء بالنسبة للمحكمة الابتدائية بالرشيدية أو المحكمة الابتدائية بميدلت، وكذا القضايا الاستعجالية التي لا تحتمل التأخير. وأبرز أن أهمية هذه التقنية تكمن في المحافظة على صحة وسلامة المعتقلين المتواجدين بالسجن، موضحا أن جلسات المحاكمة عن بعد تضمن حقوق المعتقلين المنصوص عليها في القانون.
من جهته، أكد عبد الرحيم الطاهري، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالرشيدية، في تصريح مماثل، أن المحكمة شرعت اليوم في اعتماد تقنية المحاكمة عن بعد، وذلك تنزيلا للتوجيهات الصادرة عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، ووزير العدل. وذكر أن اعتماد هذه التقنية أملته الحاجة والاجتهاد والظروف التي يمر منها العالم برمته، والمغرب على الخصوص، نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد وظهوره في بعض سجون المملكة. وشدد على أن هذه التقنية تضمن حماية المتهمين وجميع المتعاملين مع قطاع العدالة، من قضاة ومحامين، وهيئة كتابة الضبط، مضيفا أنه يتم من خلال هذه التقنية اعتماد الحضور الالكتروني للمتهم بدلا من الحضور الفعلي أمام هيئة المحكمة، وتوفير جميع ضمانات المحاكمة العادلة التي يتمتع بها المتهم في المحاكمة العادية.
يذكر أن نظام المحاكمة عن بعد، المطبق على الصعيد الوطني، يروم إرساء مقومات المحكمة الرقمية، بما يضمن تقوية البنية التحتية التكنولوجية للإدارة القضائية، وتوفير الأنظمة المعلوماتية الآمنة والبرامج المتعلقة بإدارة القضايا والمساطر.
حسن عربي