تشغل إذاعة طنجة الأمواج الرئيسية للإذاعة الوطنية خلال البث الليلي، طيلة أيام الأسبوع، ما عدا يوم الأحد الذي تتكلف به إذاعة العيون.
هذا الوضع قائم منذ الأزل.
البث الإذاعي على هذا المستوى إذن، موزع بين الشمال والجنوب، ممثلا بمدينتين، هما طنجة والعيون. لكن المغرب له شرقه وغربه ووسطه كذلك، وكان يمكن على الأقل أن تكون كل جهة من هذه الجهات، ممثلة بمدينة معينة.
ولماذا ينبغي أن تكون جهة كاملة ممثلة بمدينة واحدة؟ سيكون مهما ومفيدا جدا، أن يتم الحرص على التناوب بين المدن والجهات على حد سواء.
والآن لنلق نظرة على خريطة برامج إذاعة طنجة خلال البث الليلي الذي تحتكر فيه الأمواج الرئيسية للإذاعة الوطنية، هناك البرنامج الحواري، الذي يعد المادة الرئيسية والأساسية، وهو يشغل المساحة الزمنية بين الثانية والثالثة صباحا، غير أن المواضيع التي يتطرق إليها، غالبا ما تكون خاصة بطنجة ونواحيها، وبعض هذه البرامج الحوارية تكاد لا تضيف شيئا، سيما وأن منشطها يعول على استقبال مكالمات المستمعين لأجل حديث روتيني.
ومن بين البرامج القارة بهذه الإذاعة التي ما فتئت تشنف أسماعنا بذلك الشعار الذي لا يخلو من معنى قدحي، وهو طنجة العالية، هناك برنامج ترفيهي بعنوان: “بسرعة ومن غير تردد”، ويبدو أن هذا البرنامج قد انتهى عمره الافتراضي، إلى حد أن منشطه يلجأ أحيانا إلى سرد القائمة الطويلة والمملة للأسماء الافتراضية الموجودة ضمن قائمة أصدقائه على صفحة البرنامج بموقع التواصل الاجتماعي. هل يعقل هذا؟
دون إغفال الإشارة إلى الحصة الخاصة بالدراما الإذاعية، غير أن هذه الحصة عادة ما تكون معادة، منها ما يتم جلبه من الإذاعة المركزية نفسها، بعد أن تكون هذه قد استهلكته.
يبقى هناك برنامج واحد أسبوعي، يمكن القول إنه يستحق الحيز الزماني الذي يشغله بالرغم من قصره، لا يتعدى النصف الساعة، من الساعة الرابعة صباحا إلى الرابعة والنصف، اعتبارا لكونه يعنى بشرح بعض البنود القانونية من خلال استضافة خبير في هذا المجال.
ينضاف إلى كل ذلك أن مجموعة من الإذاعيين المرموقين الذين كانوا يشكلون الركيزة الأساسية لهذه الإذاعة، قد غادروها لهذا السبب أو ذاك، ولم يتم لحد الساعة إيجاد خلف لهم، من شأنه أن يحافظ على المستوى الراقي لهذه الإذاعة.
بالنسبة لإذاعة العيون، فهي الأخرى لها نقط الضعف؛ فهناك حصص ينبغي أن يعاد النظر فيها، خاصة تلك التي لا تزال تحافظ على نهجها القديم، والتي تعتمد على تلاوة مراسلات المستمعين وأقوال من التراث العربي، من جهة أخرى فإن المختارات الغنائية عادة ما تكون لفنانين من خارج المنطقة، ومن خارج المغرب كذلك، في حين أن دور هذه الإذاعة هو أن تقربنا من الحياة الثقافية والفنية التي تميزها عن باقي الجهات.
لهذه الاعتبارات وغيرها، من الضروري أن يتم التفكير في جعل البث الليلي للإذاعة الوطنية الذي يتم عبر الأمواج الرئيسية، موزعا بالتناوب بين الجهات والمدن، ولا شك أن ذلك ستكون له فائدة جمة، من جوانب عدة، ثقافية وعلمية وحتى ترفيهية.
بقلم: عبد العالي بركات