البرلمان الذي نريد

باختتام أشغال دورة أبريل في غرفتي البرلمان، تكون قد انتهت آخر دورة تشريعية عادية في مسار إعمال دستور 1996، وأعطيت الانطلاقة للاستعداد للانتخابات التشريعية المتوقع أن تفرز أول برلمان في عهد دستور 2011. إنها أيضا نهاية مرحلة، وإعلان حلول مرحلة جديدة ستتم صياغة عناوينها الأساسية أثناء الدورة البرلمانية الاستثنائية المرتقبة منتصف الشهر القادم من أجل إقرار القوانين الانتخابية التي ستؤطر الاستحقاقات المقبلة.
بغض النظر عن الحصيلة الإيجابية، بصفة عامة، لدورة أبريل، فإنها تزامنت أساسا مع السياق السياسي العام الذي أنتج تحولات تاريخية أبرزها التصويت على الدستور الجديد، والشروع في الإعداد لانتخابات جديدة، ومن ثم فإن المغاربة يتطلعون اليوم إلى نوعية البرلمان القادم، خصوصا أن القانون الأسمى للمملكة أسس لهندسة جديدة له ولصلاحيات واسعة، كما أنه جعل التشريع حصريا لدى مجلس النواب، وكل هذا وغيره يجعل البلاد وطبقتها السياسية اليوم أمام رهان جوهري يوجب التوفر على مؤسسة تشريعية تتكون من كفاءات سياسية وطنية حقيقية بإمكانها النهوض بممارستنا البرلمانية.
إن برلمان 2011 لن يكون ضحية عبثية الترحال، ومن ثم لابد أن ينعكس هذا المقتضى على نوعية البرلمانيين وعلى مستوى التزامهم السياسي.
إن برلمان 2011 لا يجب أن يسمح باستمرار فراغ قاعة الجلسات واللجان من البرلمانيين، وبتصويت عشرات منهم فقط على نصوص في غاية الحساسية والأهمية.
إن برلمان 2011 يجب أن تتحول جلساته واجتماعات لجانه إلى لحظات متميزة للنقاش السياسي وللجدل الساخن والمنتج بين الحكومة والبرلمان…
إن برلمان 2011 يجب قبل كل شيء أن يجسد تمثيلية واسعة وحقيقية للأمة، ومن خلال ذلك يمتلك سلطة فعلية غير مطعون فيها.
إن برلمان 2011 يجب أن ينبثق عن انتخابات نزيهة وغير مشكوك فيها، ما سيكسبه مصداقية أكبر وشرعية أوضح…
إن برلمان 2011 يجب أن يعبر عن مصداقية التغيير الذي يعيشه المغرب، ويجب أن يقوي ثقة شعبنا في المؤسسات وفي الإصلاح، ويحفزه على الانشغال بقضايا الشأن العام، ويعيد للسياسة نبلها وللأحزاب الجادة محوريتها في الحياة السياسية والمؤسساتية الوطنية.
وكل هذه الأشياء لن تتحقق لوحدها أو بوحي يوحى، إنما الأمر يتطلب إرادة واضحة من لدن الدولة وإشارات ملموسة من الآن، كما يفرض تعبئة الأحزاب الجادة ودعمها، وأيضا انخراط أوسع فئات شعبنا بالتسجيل في اللوائح وبالتصويت المجدي وبمحاربة المفسدين وسماسرة الانتخابات وفضحهم واختيار النزهاء من المرشحين والكفاءات من النساء والرجال.
الانتخابات المقبلة لا يجب أن تحدث الإحباط والخيبة عند شعبنا وشبابنا.

[email protected]

Top