البطالة

أعلن الاتحاد العام لمقاولات المغرب أول أمس الثلاثاء، عن تصور الباطرونا المغربية لمعالجة معضلة البطالة، وهو التصور الذي تمت صياغته في عشرين تدبيرا، ستشكل أساسا لبناء حوار مستفيض بغاية الرفع من فرص التشغيل بالمغرب. إن البطالة في بلادنا لم تعد منذ سنوات لصيقة بذوي السواعد فقط، إنما صارت متفشية وسط حملة الشهادات الجامعية، حتى أن هاجس إيجاد شغل للأبناء صار الانشغال الأكبر للأسر المغربية.
وبالرغم من أن التحولات والأزمات التي يشهدها العالم في العقدين الأخيرين دفعت في اتجاه مزيد من التفقير والفوارق الاجتماعية، فإن مشكل البطالة في بلادنا، بدأ يتفاقم، في الحقيقة، انطلاقا من 1982، وتحول اليوم إلى مشكلة اجتماعية واقتصادية حقيقية، ولا تخلو من انعكاسات سياسية، وبالتالي فإن المعضلة لم تعد مجرد استعصاء تقنوي أو إحصاءات، وانخراط  المقاولين المغاربة اليوم في التفكير بهذا الشأن، يؤكد أن الأزمة حقيقية، وأن البحث عن آفاق لحلها هو مسؤولية الجميع، الدولة والفاعلين الاقتصاديين.
من المؤكد أن السلطات الحكومية بذلت جهودا مهمة في السنوات الأخيرة لتوفير فرص شغل لعديد من شبابنا، بما في ذلك وسط خريجي الجامعات والمعاهد، ولكن الصورة بقيت مع ذلك تراوح مكانها، واستمرت الساحة المقابلة للبرلمان في الرباط عنوانا بليغا يحيل على أن الظاهرة تكاد تكون بنيوية، وأنه أمام التراكم المتزايد للأفواج المتخرجة، وأمام تواصل الاعتصامات، فإن كل المناصب المعلن عنها تصير كما لو أنها قطرة في بحر من الحاجة، وهنا يبرز أمام الكل أن الأزمة توجد في التعليم أساسا.
لقد صار التعليم اليوم في بلادنا كما لو أنه يدفع نحو تكريس العطالة وإنتاج امتداداتها، وعندما يكون هناك خريجون بالآلاف لا يجدون عملا، وفي نفس الوقت يفتقر سوق الشغل لتخصصات ومهارات تتطلبها مقاولاتنا ويحتاجها نسيجنا الاقتصادي، فهنا المعضلة في التكوين، وبالتالي في السياسة، تماما كما كانت سياستنا الاقتصادية والمالية هي السبب في مستهل الثمانينات وراء توالد هذه الكارثة التي تفاقمت اليوم، ولم تعد تخلو من مخاطر.
الحاجة واضحة اليوم إلى حوار وطني صريح ويتميز بالجرأة والشجاعة من أجل حل مشكلة البطالة، ومن أجل تطوير حقيقي للتعليم، وبالتالي من أجل جيل جديد من الإصلاحات على صعيد الاستجابة للانتظارات الاجتماعية لشعبنا.
إن مطالبة اتحاد المقاولات اليوم بإشراكه في دينامية إحداث الشغل، ينم عن وعي بدأ يتنامى وسط جيل جديد من المقاولين، ولا بد من تشجيعه، وتأطير الدينامية كلها في تفكير وطني تشاركي لخدمة مصلحة البلاد ومستقبل شعبها.

[email protected]

Top