البطل موحى أوحمو الزياني صانع بطولات وأمجاد معركة الهري لقبائل زيان والقبائل المجاورة بالأطلس المتوسط

يعد بحق علما من أعلام الجهاد ببلادنا، ورمزا من رموز الكفاح الوطن الذي هب منذ تنامي الأطماع الاستعمارية على بلادنا، إلى تحفيز وتعبئة الفلاحين وساكنة أعالي نهر أم الربيع حتى السهول الأطلسية، تمكن من استقطاب وحشد طلائع المجاهدين المناهضين للتدخل الأجنبي، والذين هلوا ووفدوا من كل المناطق المجاورة لقبائل زيان لتعزيز صفوف المقاومة بروح يغمرها الحماس الديني والوطني وتحركها قيم وخصال الشجاعة والشهامة والإباء والغيرة الوطنية وروح التضحية والمسؤولية.

يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة مدينة خنيفرة  يومه الاثنين 28 مارس 2022 الذكرى الواحدة بعد المائة لاستشهاد أحد أبطال المقاومة والتحرير، الذي يسجل له التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز مواقفه البطولية وصموده الكبير في وجه القوات العسكرية الأجنبية الغازية، المدججة بترسانة من الآليات العسكرية والأسلحة الحربية الفتاكة.

إنه الشهيد موحى أوحمو الزياني، بطل معركـة الهري المجيدة التي خاض غمارها المقاومون الأشاوس في3 نونبر من سنة 1914، وسجلوا خلالها انتصارات باهرة على الجيوش الغازية التي تكبدت خسائر فادحة في العدة والعتاد والجنود.

والشهيد موحى أوحمو الزياني يعد بحق علما من أعلام الجهاد ببلادنا، ورمزا من رموز الكفاح الوطني، نستحضر بإحياء ذكرى استشهاده ملاحم البطولة وتضحيات شهداء الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، تجسيدا لقيم الوفاء لأرواحهم الطاهرة، وإشادة بأعمالهم الجليلة ونضالاتهم المريرة والمستميتة من أجل عزة الوطن وكرامته، والدفاع عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية، ومقوماته التاريخية والحضارية.

ففي يوم السابع والعشرين من شهر مارس سنة 1921، استشهد الوطني الغيور والمجاهد الجسور موحى أوحمو الزياني الذي هب منذ تنامي الأطماع الاستعمارية على بلادنا، إلى تحفيز وتعبئة الفلاحين وساكنة أعالي نهر أم الربيع حتى السهول الأطلسية، ويمم سنة 1908 صوب بلاد الشاوية لمؤازرة قبائلها والتصدي لجيش الاحتلال الفرنسي، ومن الشاوية إلى سهول سايس، وخاض معارك طاحنة بزمور وزعير، منها على سبيل المثال، معركة تافودايت في أبريل 1912 ببلاد زمور، ومعركـة أكوراي ببـلاد كـروان جنـوب مكنـاس فـي مـاي من نفـس السنة، ومعركة الزحيلكة بتراب زعير، ومعركة إيفران بسيدي عبد السلام، بتراب بني مطير في يونيو 1912، ومعركة وارغوس سنة 1913 بناحية وادي زم.

لقد تمكن البطل موحى أوحمـو الزياني من استقطاب وحشد طلائع المجاهدين المناهضين للتدخل الأجنبي، والذين هلوا ووفدوا من كل المناطق المجاورة لقبائل زيان لتعزيز صفوف المقاومة بروح يغمرها الحماس الديني والوطني وتحركها قيم وخصال الشجاعة والشهامة والإباء والغيرة الوطنية وروح التضحية والمسؤولية.

وتجلت مقاومة البطل موحى أوحمـو الزياني بقوة غداة محاولات المستعمر لبسط سيطرته على خنيفرة سنة 1914 حيث وقف بصمود منقطع النظير في مواجهته والتصدي لمخططاته، فخاض غمار معارك بطولية ضارية تحتفظ ذاكرة التاريخ وذاكرة هذه الربوع الأبية من الوطن بأمجادها وروائعها.

إن أكبـر انتصـار حققــه البطل موحـى أوحمـو الزيانـي، هو الانتصـار الذي انتزعـه فـي معركـة الهـري الخالـدة فـي 13 نونبر1914 ، هذه المعركة التي كان لها صدى عميق، ليس فقط في المغرب، بل كذلك في فرنسا. وبالرغم من التعتيم الإعلامي، فقد استطاع أن يحطم جيش الكولونيل “لافيردور” تحطيما كاملا، وأن يحوله إلى جثث من القتلى وأجسام من الجرحى، انتشرت على أرض قرية الهري الصغيرة، وأن يغنم كميات من المدافع والرشاشات، وعددا كبيرا من البنادق وقطع الأسلحة.

وقد حاولت إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية استمالته بشتى الإغراءات، لكن لم يفلح أي وسيط أو مبعوث في إقناعه، وكان جوابه دائما حسب ما وثقته المصادر: “لن أرى مسيحيا إلا من خلال فوهة بندقيتي وأصبعي على زناد الرمي”.

ذلكم صانع أمجاد وبطولات معركة الهري الخالدة التي خاضها أبناء هذه الربوع المجاهدة من الأطلس المتوسط وماتلاها من أحداث ومعارك نضالية حاسمة في مواجهة الاحتلال الأجنبي، أبلى فيها الشهيد موحى أوحمو الزياني البلاء الحسن، مناضلا صامدا وشامخا في سهول خنيفرة وفوق ضفاف نهر أم الربيع إلى أن التحق بالرفيق الأعلى شهيدا وأسلم الروح إلى باريها راضيا مرضيا في معركـة أزلاك نتزمورت بجبل تاوجكالت يوم 27 مارس 1921، مسجلا أروع صور الإيمان القوي والتشبث المستميت بمقدسات الوطن وثوابته ومقوماته، ليظل مغربنا شامخا مرفوع الرأس وعالي الشأن ومهاب الجانب.

وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير، إذ تخلـد الذكرى الواحدة بعد المائة لاستشهاد البطل موحى أوحمو الزياني، في أجواء من الحماس الوطني والتعبئة الشاملة، لتؤكد على واجب الوفاء والبرور بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها الغر الميامين. وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل البليغة والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم الروحية والوطنية والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة لتتشبع بأقباسها وتغترف من ينابيعها، ما به تتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت القيادة المتبصرة والحكيمة لجلالة الملك محمد السادس لبناء وإعلاء صروح المغرب الجديد، مغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة والدامجة والتضامن والتكافل الاجتماعي.

وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تستحضر بفخر وإكبار هذه الملحمة التاريخية الغنية بالدروس والعبر والطافحة بالمعاني والقيم، تجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية ومغربية الأقاليم الصحراوية المسترجعة، وتؤكد وقوفها ضد مناورات خصوم وحدتنا الترابية ومخططات المتربصين بسيادة المغرب على كامل ترابه المقدس الذي لا تنازل ولا مساومة في شبر منه.

وستظل بلادنا متمسكة بروابط الإخاء والتعاون وحسن الجوار والسعي في اتجاه بناء الصرح المغاربي وتحقيق وحدة شعوبه، إيمانا منها بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي ومتفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية.وفي هذا النطاق، تندرج مبادرة منح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية في ظل السيادة المغربية.

وهو ما أكده جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء حيث قال جلالته:

“إن قضية الصحراء هي جوهر الوحدة الوطنية للمملكة. و هي قضية كل المغاربة.

وهو ما يقتضي من الجميع، كل من موقعه، مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية.

وذلك خير وفاء لقسم المسيرة الخالد، ولروح مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وكافة شهداء الوطن الأبرار.

ونغتنم هذه المناسبة، لنعبر لشعوبنا المغاربية الخمسة، عن متمنياتنا الصادقة، بالمزيد من التقدم والازدهار، في ظل الوحدة والاستقرار”.

وإحياء لهذه المعلمة التاريخية المجيدة، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يومه الاثنين برنامجا للأنشطة والفعاليات بجماعة اكلمام ازكزا بإقليم خنيفرة يشتمل على زيارة لضريح الشهيد موحى أو حمو الزياني والترحم على شهداء الحرية والاستقلال، ومهرجانا خطابيا تلقى خلاله كلمات وشهادات للإشادة بفصول هذه الملحمة البطولية وإبراز مكانتها المتميزة في تاريخنا الوطني بمشاركة الفاعلين الإقليميين والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، سيتم خلاله تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الفئة المجاهدة الجديرة بموصول الرعاية والعناية.

ومعلوم أن برنامج تخليد هذا الحدث المجيد سيتم في تقيد والتزام تام بضوابط وقواعد التباعد الاجتماعي والتدابير الاحترازية والسلامة الصحية التي توصي بها التوجيهات الحكومية.

إعداد : سعيد ايت اومزيد

Related posts

Top