انشغل المغاربة بأخبار راجت عن شبهة فساد وتلاعب بتذاكر الدخول إلى الملعب أثناء متابعة مباريات الفريق الوطني بمونديال قطر، وتشير أصابع الاتهام في ذلك إلى مسيرين بجامعة كرة القدم، وهم في نفس الوقت فاعلون سياسيون ومنتخبون معروفون، ويتطلع الناس اليوم لمعرفة مآل ما يروج، ومصير التحقيق في الشبهات والأخبار التي يتناقل الكثيرون تفاصيل مثيرة حولها.
ليس المقام هنا لتصفية أي حساب مع أي كان، وليس الهدف “القتل” المعنوي أو السياسي لأي كان، ولكن الأساس اليوم هو حماية صورة وسمعة بلادنا، وتحصين فرح شعبنا بتألق منتخبنا الوطني في كأس العالم بقطر.
لقد سبق أن صرح مدرب المنتخب وليد الرگراگي بسعادته لأن العالم اكتشف روعة الجمهور الرياضي المغربي بملاعب الدوحة، ويعرف الجميع أن آلاف المغربيات والمغاربة تحملوا مصاريف السفر وكلفة الحضور في الدوحة، وعانوا من الغلاء والتعب والإرهاق، وتحملوا كل هذا ليحضروا خلف أسود الأطلس ومساندتهم داخل الملعب، ومن ثم كان لهم دورهم الحاسم أيضا في صنع الملحمة الكروية المغربية بقطر.
ومقابل هذا، هناك من تربص بكامل هذا الفرح الشعبي وركب عليه لتحقيق أرباح مالية، وسعى لمراكمة غنيمة الريع على حساب تعلق المغاربة بمنتخبهم الوطني وحبهم له، وانتصارهم لصورة البلاد والعلم الوطني.
حتى إذا كان ما يروج لحد الآن مجرد شبهات، فإن الأمر يقتضي تحقيقا جادا ونزيها وصارما، وإخبار الرأي العام الوطني بكل تفاصيله وحيثياته، والحرص على الضرب بقوة على أيدي كل من تورط في هذا الفساد البشع، ومنع أي إفلات من العقاب.
لا يمكن التساهل مع زمرة فاسدين بلا نظر أو إحساس أو غيرة على سمعة البلاد، والسماح لهم بمحاصرة فرحة المغاربة بالإنجاز التاريخي غير المسبوق لمنتخبهم الوطني.
رفاق حكيمي وزياش وبونو وامرابط وأوناحي والآخرين رسموا لوحة الفرح وأهدوها للشعب المغربي ولشعوب أخرى عبر العالم، وذلك بقتاليتهم وجهدهم وعرقهم، ومن غير المقبول التغاضي عن فساد بعض الصغار الساقطين الذين تعمدوا تشويه المنجز وقتل الفرجة في نفوس وقلوب المغاربة، ولم يروا في المونديال سوى ما يستطيعون غنيمته أو سرقته، بصريح القول والمعنى.
هؤلاء لا يستحقون الثقة، ولا يستحقون تمثيل بلادنا في أي وفد أو مؤسسة أو محفل، وهم عملوا على تشويه النجاح الذي حققه اللاعبون والمدرب والجمهور والأطقم المساعدة الحاضرة.
قد يقول البعض بأن المقام هو مقام الفرح والانتشاء وليس مقام اللوم والعتاب والمحاسبة، لكن الآن، والمونديال قد انتهى، فالحساب والتحقيق مطلوبان وواجبان، وأيضا اتخاذ القرارات اللازمة في حق كل من تثبت عليه الاتهامات، وإعطاء الإشارة بأن درس المونديال هو محاربة الفساد والمفسدين، وتمتين منظومة الكرة على قاعدة التدبير الحديث والقانوني والنزيه.
لقد انتهت المشاركة في مونديال قطر الآن، وعاد الأسود إلى وطنهم، واحتفل المغاربة بهم، وفرحت شعوب عديدة لما حققه المنتخب الوطني في الدوحة، ويحق لنا اليوم تلمس التغيير، والإحساس بأن القائمين على شأننا الكروي، وربما باقي شؤوننا المجتمعية الأخرى، قد استوعبوا دروس المونديال ورسائله، وأنهم شرعوا فعليا في العمل بها على أرض الواقع.
البداية هي التحقيق النزيه والصارم في شبهة التلاعب بتذاكر الملاعب والدخول إلى المباريات، وما يروج، بشأنها، من اتهام بالنصب والتحايل، ثم العمل على إبعاد المفسدين وأباطرة الريع والعبث من محيط الكرة والرياضة، وبالتالي البناء والتأسيس لانطلاقة جديدة ومختلفة لكرة القدم والرياضة الوطنيتين تستثمر الصورة الرائعة التي كرسها اليوم فريق وليد الرگراگي.
إلى العمل إذن..
<محتات الرقاص