يستبعد محلّلون أن يؤدّي الإعلان المفاجئ عن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بين السعودية وإيران بعد سنوات من القطيعة، إلى حلّ سحري للنزاع في اليمن.
وتعدّ إيران والسعودية أهم قوّتَين إقليميّتَين في الخليج، وهما على طرفَي نقيض في معظم ملفّات منطقة الشرق الأوسط، وأبرزها الحرب اليمنية.
وتقود الرياض تحالفًا عسكريًا من أجل دعم السلطة الشرعية في اليمن، بينما تدعم طهران المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد، من بينها العاصمة صنعاء.
ويقول خبراء إنّ للاتفاق أبعادا إقليمية إيجابية قد تساعد على التهدئة في اليمن، لكن تحقيق اختراق فعلي لا يزال بعيدا.
يستبعد خبراء أن يكون الاتفاق السعودي – الإيراني بمثابة “الحل السحري”، مشيرا إلى أنّ “حلّ اليمن لن يأتي إلا بحوار متعدّد الأطراف”
ويرى الباحث في معهد “مجموعة الأزمات الدولية” أحمد ناجي أن التفاهمات “من حيث المبدأ (…) ستنعكس إيجابا على مسار التهدئة في اليمن”، ولكن “لا تعني الإنهاء الكامل لكل تعقيدات الصراع”.
ويقول ناجي إن اليمن يشهد “حربا متعددة الطبقات، وسيسهم التفاهم في معالجة البعد الإقليمي فيها، لكن الدوافع المحلية للصراع ستظل حاضرة وستتطلّب وقتا أطول ومعالجات متعددة المسارات لإنهائه”.
ورحّبت الحكومة اليمنية بالاتفاق ترحيبا حذرا، معربة في بيان عن أملها في “مرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة، بدءا بكفّ إيران عن التدخّل في الشؤون اليمنية”.
في موازاة ذلك أكّد الحوثيون على لسان المتحدث باسمهم محمد عبدالسلام أن “المنطقة بحاجة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين دولها”.
وتشير الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال إلى أنّ النزاع في اليمن “نشأ محليا حول مسائل تتعلق بمن يسيطر على السلطة والأرض والموارد”. وبحسب كيندال، فإنّ النزاع “توسّع إلى أكثر من مجرد طرفين متحاربين”.
ويبدو النزاع في اليمن أكثر تعقيدا اليوم مما كان عليه في عام 2014 حين بدأ الحوثيون زحفهم نحو مناطق الحكومة، في خضم صعود قوى سياسية وميليشيات مختلفة مع إضعاف السلطة المعترف بها دوليا.
ومنذ أشهر تقيم الرياض حوارا مع الحوثيين برعاية عُمانية. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد أكد الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى موسكو وجود “جهود للوصول أولا إلى وقف إطلاق نار دائم ومن ثم إطلاق عملية سياسية بين الأطراف اليمنية تنهي هذه الأزمة”.
خبراء يقولون إنّ للاتفاق أبعادا إقليمية إيجابية قد تساعد على التهدئة في اليمن، لكن تحقيق اختراق فعلي لا يزال بعيدا
في المقابل تخشى جهات يمنية أن يأتي أي اتفاق إيراني – سعودي على حساب السلطة، كأن تنسحب المملكة من النزاع وسط ضمانات بعدم استهدافها وتترك السلطة وحدها في مواجهة المتمردين الذين كادوا يسيطرون على كامل البلاد لولا التدخل السعودي في مارس 2015.
وقد يقرّب الاتفاق السعودي – الإيراني وجهات النظر بشأن التوصل إلى اتفاق على إنهاء الحرب التي تسبّبت في حدوث أكبر مأساة إنسانية على مستوى العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وكانت ردود فعل اليمنيين على الاتفاق متفاوتة؛ ففي صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين قالت الطاف علي “إن شاء الله يكون الاتفاق بادرة خير للوطن العربي والعالم وبشكل خاص لليمنيين واليمن لإنهاء الحرب ورفع الحصار ودفع الرواتب”.
وفي تعز المحاصرة من الحوثيين، استبعد عبدالحكيم مغلس أن يؤدي الاتفاق السعودي – الإيراني إلى السلام الشامل قائلا “قد يصنع هدنة مؤقتة وفق تفاهمات معينة لفترة قصيرة ولكنها لن تمنع الحرب وتصنع سلاما شاملا ودائما في اليمن”.
وانتهت هدنة في أكتوبر الماضي، لكن المحادثات السعودية مع المتمردين في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا، وفقًا لدبلوماسيين مطلعين على مسار المفاوضات.
ويستبعد مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي أن يكون الاتفاق السعودي – الإيراني بمثابة “الحل السحري”، مشيرا إلى أنّ “حلّ اليمن لن يأتي إلا بحوار متعدّد الأطراف”.