ذكَّرت سلوى اعبابو، عضوة المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، ومديرة الدورة الحالية للجامعة الخريفية بأكادير، التي تولت تسيير أشغال الجلسة الافتتاحية، بأهم محطات الإصلاح والمخططات التي عرفها قطاع التعليم بدء من سنة 1957 وصولا إلى سنة 2015، التي عرفت اعتماد رؤية استراتيجية جديدة لمرحلة 2015 – 2030.
ومن جانبه، شدد عزوز الصنهاجي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للجامعة الخريفية للشبيبة الاشتراكية، مساء أول أمس السبت، بأكادير، على أن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر التعليم العمومي وإصلاحه وقضاياه، أولوية قصوى، مذكرا بالفترة التي قضاها مولاي اسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، على رأس قطاع التعليم، والتي كانت إيجابية، وتم خلالها تسوية العديد من الملفات العالقة، ومنها ملف الأعمال الاجتماعية وتسوية وضعية الأطر العرضيين، زيادة على عدد من الإصلاحات البيداغوجية الهامة.
وبسط الصنهاجي الذي انتدبه الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله ممثلا للمكتب السياسي في أشغال الجامعة، بصفته مكلفا بقطب الشباب، رؤية الحزب لإصلاح المدرسة العمومية، والتي تؤكد على ضرورة أن تكون المدرسة فضاء لتكافؤ الفرص من خلال تعميم التعليم، ومحاربة الهدر المدرسي، وتحقيق المواكبة المادية، وكذا العمل على بناء مدرسة ذات جودة تساهم في تنمية واستقلالية المواطن الفرد، ووضع الموارد البشرية في صلب إشكالية التعليم، ثم جعل الجامعة منفتحة على محيطها ومنتجة للكفاءات.
وقال عزوز الصنهاجي إن الموضوع الذي اختارته الجامعة الخريفية للشبيبة الاشتراكية، والذي هو التعليم من زاوية “أزمة التعليم العمومي ومسؤولية الدولة”، يعتبر إشكالية مجتمعية حضارية واجتماعية وتاريخية، موضحا أن المغرب يعرف عددا من الظواهر السلبية، لكن في المقابل هناك مساع للحل.
ولعل ما يساعد بشكل أكثر على تحقيق هذه المساعي، يضيف المتحدث، هو أن “نجاح النموذج التنموي والسياسي للمغرب، الساعي بخطى حثيثة نحو تحقيق الديمقراطية، رهين بعنصر التعليم الذي يعتبر إصلاحه مدخلا مركزيا للانكباب على كل القضايا المجتمعية، بل هو الرافد الأساسي للتغيير نحو غد أفضل”.
في هذا السياق، أكد عزوز الصنهاجي، أن الهدف من التأكيد على الحاجة إلى إصلاح التعليم، هو إبراز حتمية ومصيرية هذا الإصلاح باعتباره محددا للإصلاح المجتمعي العام.
وفي محاولة لوضع الأصبع على مكامن الخلل، طرح الصنهاجي عددا من التساؤلات من بينها:
* لماذا لم تنجح وصفات الإصلاح السابقة كالميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي، حيث أنجزت فيه العشرات من التقارير دون نتائج مرضية.
* من أين سنبدأ الإصلاح؟ هل من الجانب البيداغوجي؟ أم الجانب المادي واللوجيستيكي؟ أم من جانب الموارد البشرية والطاقم التربوي؟ أم من الجانب التشريعي والقانوني، زيادة على الجانب النظري والميداني؟
واعتبر الصنهاجي أن طرح هذه التساؤلات استدعاه الإحساس العام السائد بكوننا بصدد “إصلاح للإصلاح الذي لا ينتهي”، وبأن هناك شعورا بارتباك الإصلاح.
وربط عضو الديوان السياسي نجاح الإصلاح بتوفر عناصر متعددة ومتداخلة فيما بينها، تتعلق بشكل أساسي بالإرادة الحقيقية للحكومات، حيث تقتضي إشكالية التعليم الحالية “إعلان قضية إصلاح التعليم، رسميا، قضية وطنية وأولوية قصوى، بما يستتبع ذلك من مخرجات متعلقة بالتمويل. زيادة على عدم ربط قضية التعليم بوزارة واحدة، بل ربطه بالدولة ككل. وفضلا عن كل هذا يجب العمل على إيجاد السبل الناجعة لانخراط حقيقي لنساء ورجال التعليم في عملية الإصلاح، على اعتبارهم المنفذون لعملية الإصلاح من الناحية الإجرائية”.
ولابد أن يصاحب كل ذلك، وفق عزوز الصنهاجي، الإرادة الحازمة للدولة في تنزيل الإصلاح، وعدم المساومة أو التراخي مع أي طرف، بما يعنيه ذلك من الاستعداد لأداء كلفة الإصلاح لأن “هناك دائما أطرافا متضررة منه، موضحا أن الكلفة المادية لا تعني اعتبارها كلفة بالمعني المحاسباتي للعبارة، بل اعتبارها استثمارا واستحضارا للخسائر التي نتكبدها بفعل الهدر المدرسي وغيره”.
وتطرق الصنهاجي في كلمته إلى قطاع التعليم الخاص، مؤكدا أن حزب التقدم والاشتراكية ليس ضد التعليم الخصوصي، لكن على أساس أن يكون مهيكلا ويحترم الشروط المعمول بها وأن يؤدي الواجبات التي عليه، ومن ذلك تحقيق عدالة البرامج التعليمية والمساواة فيها، وعدم الاقتيات على أساتذة التعليم العمومي.
وارتباطا بموضوع الجامعة الخريفية للشبيبة الاشتراكية، اعتبر الصنهاجي أن وضع التعليم مقلق للغاية، وهو ما يظهر من خلال انتشار سلوكات تكشف هشاشة الوضع التعليمي بالمغرب، ومنها لجوء العديد من الأسر إلى توفير الساعات الإضافية لأبنائها.
وأشار المتحدث، في السياق ذاته، إلى التقارير التقييمية الداخلية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي التي دقت ناقوس الخطر، آخر هذه التقارير كان صادما خاصة على مستوى التحصيل في مواد الرياضيات واللغات وباقي المهارات، ناهيك عن التقارير والتصنيفات الدولية، التي تطرقت إلى هذه الوضعية المقلقة، بالرغم من أن فيها الكثير مما يقال.
من جهته، قال حسن أومريبط الكاتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بإقليم أكادير إداوتنان، إن اختيار موضوع أزمة التعليم وعلاقته بالمنظومة السياسية والنقابية بالمغرب، اختيار دقيق، مشيرا إلى أن منظومة التربية والتكوين تعرف، في السنوات الأخيرة، وخاصة خلال هذه السنة، رجة قوية جدا، وفوضى عارمة، وبالتالي، فهذا الموضوع، يضيف المتحدث، نابع من إيمان حزب التقدم والاشتراكية بأهمية التعليم في بلادنا ومساهمته في التنمية.
وأضاف حسن أومريبط، أن اختيار أكادير لاحتضان الجامعة الخريفية لشبيبة حزب التقدم والاشتراكية خلال هذه الدورة، لم يأت من فراغ، وإنما جاء بناء على العمل القاعدي والاستثنائي الذي يعرفه الحزب على مستوى إقليم أكادير إداوتنان بشكل خاص وعلى مستوى جهة سوس ماسة بشكل عام.
وقال أومريبط إن الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بأكادير كان سباقا لطرح هذا النقاش المتعلق بالتعليم، وربما هو الوحيد في المغرب الذي يضم 250 منخرطا يعملون في قطاع التربية والتكوين بجميع أسلاكه، السلك الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، يعقدون اجتماعات دورية قصد الوقوف عند مكامن القوة والضعف في منظومة التربية والتكوين على الأقل في إقليم أكادير إداوتنان، وفي جهة سوس ماسة.
وزاد أومريبط قائلا إن اختيار هذا الموضوع يتماشى مع التوجه الذي يسير عليه الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بإقليم أكادير إداوتنان، وكذا التوجه الذي اختاره حزب التقدم والاشتراكية على الصعيد الوطني، بالنظر إلى الأهمية القصوى التي يوليها للتعليم، موضحا أن التغييرات التي يعرفها المشهد التربوي في بلادنا لها أثر سلبي على المردودية وعلى التحصيل وعلى العرض التربوي والذي يعرف تقلبات كثيرة بتغير الحكومات. فالتصور الذي جاء به الوزير الأسبق محمد الوفا، يضيف المتحدث، “مخالف تماما للتصور الذي جاء به الوزير الذي تلاه، والتصور الذي جاء به الوزير الحالي يضرب في التصورات السابقة كلها. يجري هذا كله في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى مدبرين تربويين بتصور شمولي وتصور ومخطط بعيد المدى، وترسيخ استمرارية الإصلاح”.
وأشاد الكاتب الإقليمي للحزب باكادير إذاوتنان بهذا الاختيار الذي يحسب للشبيبة الاشتراكية، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية مشارك في الحكومة، سواء السابقة أو الحالية، لذلك فطرح الشبيبة الاشتراكية لمثل هذا الموضوع الحساس يبين ويرسخ استقلالية الشبيبة عن الحزب، ويؤكد أن قرارات الشبيبة تحترم على مستوى اللجنة المركزية وعلى مستوى الديوان السياسي.
ونحن الآن، يقول أومريبط، مقبلون على المؤتمر الوطني للحزب الذي سينظم في غضون السنة المقبلة. وبالتالي فالشبيبة الاشتراكية باختيارها لهذا الموضوع، بالتنسيق مع قطاع التربية والتكوين داخل الحزب، تحاول خلق كتلة عمومية للدفاع عن المدرسة العمومية، وخلق ضغط لتبني مواقف ثابتة في بعض الملفات، ومنها مثلا الرفع من الميزانية المخصص للتعليم بنسبة 2 في المائة.
وبدوره أكد الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، في ذات الجلسة الافتتاحية، على الدور الطلائعي الذي تقوم به الشبيبة والدينامية التي تشهدها في طرح مختلف القضايا التي تهم المجتمع. وذكر بنشقرون أن الهدف من الجامعة ومن النقاش الذي تطرحه يتمثل في المساهمة في رفع مستوى التوعية لدى الشباب وكافة المواطنين، وذلك في سبيل تحصين المدرسة العمومية التي تشكل ركيزة أساسية في التكوين. وشدد على أنه لا يوجد بديل عن صناعة العقل البشري الذي من شأنه أن يدفع إلى تنمية الوطن والمجتمع، ولن يتأتي ذلك إلا من خلال تعليم سليم قوي ينتج فردا واعيا.
ودعا بنشقرون في ختام كلمته إلى ضرورة تضافر الجهود بين الجميع وبذل مجهودات أكبر من أجل إصلاح حقيقي للتعليم. وأشار أيضا إلى أن الجامعة الخريفية مناسبة وفرصة لرفع الخلاصات والتوصيات التي ستخرج بها إلى الوزارة المعنية، وإلى المؤسسات الشريكة، وذلك من أجل إقرار تداخل قطاعي هادف يجعل من ركيزة عمله التنشئة والتكوين الإيجابي.
هذا، وتناولت الجامعة الخريفية التي نظمتها الشبيبة الاشتراكية على مدى ثلاثة أيام بمدينة أكادير، موضوع “أزمة التعليم العمومي ومسؤولية الدولة”، حيث تطرق المتدخلون، في الجلسة الافتتاحية، مساء السبت الماضي، إلى العديد من الإشكالات التي يعرفها القطاع، وكذا إلى بعض التصورات التي يمكنها أن تساهم في اتجاه إصلاح حقيقي للتعليم.
واختارت الشبيبة الاشتراكية، خلال دورة هذه السنة، موضوع إشكالية التعليم العمومي بالمغرب، من أجل خلق نقاش عمومي حول هذا الموضوع الحيوي.
وتهدف الجامعة التي شارك فيها أساتذة، وباحثون، ونقابيون، وفاعلون في القطاع، إلى وضع اليد على مكامن الخلل بالتعليم العمومي بالمغرب والإكراهات التي أضحت تحيط بالقطاع، بالإضافة إلى النتائج المستقبلية التي من شأنها أن تؤدي إليه أزمة هذا القطاع المهم.
وتضمن برنامج الجامعة تنظيم ندوات رئيسية تتمحور أشغالها حول “المدرسة العمومية في قلب السياسات الحزبية والنقابية”، و”الجامعة المغربية بين التأطير الأكاديمي وبناء النخب الفاعلة”.
مبعوث بيان اليوم إلى أكادير: حسن أنفلوس