اختتم الائتلاف المغربي للجماعات الترابية من أجل المناخ، مؤخرا، لقاء وطنيا بمدينة مراكش يهدف إلى تعزيز قدرات المنتخبين الجهويين الجدد. هذا اللقاء الذي نظم بشراكة مع جمعية جهات المغرب والسفارة الفرنسية بالمغرب ركز على الأهمية القصوى التي يكتسيها وضع التكيف مع التغيرات المناخية في صلب المشاريع التنموية للجماعات الترابية، لما يكتسيه التمويل المناخي في المغرب من أهمية بالغة لدى الفاعل الترابي الجهوي والمحلي، وفي نفس السياق الوطني التي يتسم بحشد التعبئة الجماعية لإدماج المقاربات المناخية “التكيف والتخفيف” وبمبادرة من البرنامج الإنمائي لهيئة الأمم المتحدة بالمغرب ومركز الكفاءات في مجال تغير المناخ تنطلق يوم الأربعاء المقبل بمدينة الرباط ورشة عمل وطنية لتقوية قدرات الفاعل المحلي في مجال إدماج التغير المناخي في المخططات الجهوية والمحلية للجهات والجماعات الترابية.
من بين التأثيرات التي تركتها المؤتمرات المناخية هي حتمية إدماج البعد المناخي ضمن ترسانة القوانين لمختلف الدول التي صادقت على توصيات تلك المؤتمرات، ومن أهمها بروتوكول كيوتو واتفاق باريس وقبلها بروتوكول مونتريال، وبعدها بآفاق ومقتضيات التنمية المستدامة، وهذا ما لم يتغاضى عنه المشرع المغربي من خلال مجموعة من النصوص القانونية التي أقرت جميع التدابير والآليات القانونية التي تهتم بالمجال المناخي والبيئي، من أجل التوفيق بين حماية البيئة قانونيا و تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها وآفاقها، وفي إطار النهوض بالمجال الاقتصادي وتشجيع المنافسة الحرة وفقا لضوابط ومعايير بيئية وقانونية محضة. واستقطبت مشكلة تغير المناخ اهتمام المجتمع الدولي وانعكس ذلك في مجهودات ومساعي الدول للاتفاق على تدابير فعالة كالحد من انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وما نجم عن ذلك من آثار أدت في الأخير إلى المساس بالأمن البيئي في الدول، وإضعاف التنمية الاقتصادية والصحة العامة. لهذا بات التحدي ليس فيما إذا كان تغير المناخ يحدث أو لا؟ يجب التعامل معه أو لا؟ وإنما يجمع أمم العالم على قضية واحدة مشتركة حتى لا تكون الجائزة مجرد خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، ولكن عودة الالتزام الشامل بأهداف حماية البيئة والتنمية المستدامة، وقد أكدت الملكة المغربية على انخراطها في المساعي الدولية للتكيف مع تغيرات المناخ عن طريق وضع سياسات لتجسيد ذلك، يتم تنفيذها في نهاية المطاف من قبل السلطات في قطاعات مختلفة، والمسؤولين المحليين والمواطنين أنفسهم، بالإضافة إلى التعاون الإقليمي والدولي لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ. وهذا ما ستركز عليه الدينامية الوطنية التي تهم التركيز على دور الجماعات الترابية في تجسيد الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغيرات المناخ والبرنامج الوطني للمناخ، حيث من المرتقب أن يتضمن اللقاء الوطني للجماعات الترابية المرتقب عقده بعد غد الأربعاء 22 دجنبر 2021، والذي سيدوم مدة يومين، تكوينا عمليا لاسيما أنه سيطلب من المشاركين دراسة بعض الحالات من أجل البدء في إعداد مشاريع لتمويل المناخ في انتظار أن تستضيف الجهات الأخرى من المملكة قريبا ورشات عمل لبناء القدرات في مجال تمويل المناخ. وفي هذا السياق ينظم مركز الكفاءة في مجال تغير المناخ بدعم من مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ستة ورشات عمل تدريبية حول التمويل المناخي في الأسابيع المقبلة للمنتخبين والخبراء من الجهة الشرقية، جهة كلميم واد نون، جهة بني ملال خنيفرة، جهة مراكش آسفي، جهة درعة تافيلالت وجهة سوس ماسة. ويبقى الهدف الرئيسي من هذا التدريب هو تزويد الخبراء من الجماعات الترابية والمديريات الجهوية للوزارات بالكفايات اللازمة لتحديد مصادر التمويل الأخضر وتطوير القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية وتقنية تركيب المشاريع التنموية التي تأخذ بعين الاعتبار بعد التخفيف من غازات الاحتباس الحراري في أفق تعيين خبراء على صعيد الجهات يعتبرون كمرجع في إعداد المخططات الجهوية للمناخ، وفي الواقع سيتضمن هذا البرنامج التدريبي الذي سيأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة جلسات لعرض الإطار العام للمخطط الوطني للمناخ بالمغرب والفوائد والفرص التي يوفرها تمويل المناخ والأنواع المختلفة من التمويل المتاحة على المستويين الوطني والدولي، وسيتضمن البرنامج أيضا عنصرا عمليا يتعلق بالشق التطبيقي للتكوين حيث سيطلب من الخبراء والمنتخبين والفاعلين الترابيين المشاركين فحص دراسات الحالة من أجل البدء في تركيب مشاريع ذات العلاقة بتمويل المناخ، وكجزء من إطلاق البرنامج التدريبي الذي يستفيد منه الفاعلون الترابيون حول موضوع تمويل المناخ والتمويل المستدام ومن أجل ضمان تعبئة قوية عبر إشراك الجهات الفاعلة الجهوية، حيث في إطار هذا البرنامج التدريبي سيتم تنظيم ورشة عمل لتوعية أصحاب القرار المحليين في أفق الفهم الجيد للإشكالية المناخية مع التركيز على أهمية بناء جهات الغد هذه الجهات التي ستكون قادرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية،
هذا اللقاء الوطني الذي يتسم بصفة الملتقى البيئي حول موضوع إدماج المناخ في التخطيط الجهوي والمحلي مع الأخد يعين الاعتبار مؤشر تمويل المناخ والتمويل المستدام، تكوين يسعى إلى تحقيق الدعم المؤسساتي والاستراتيجي والتقني من أجل تكامل وإعداد وتمويل المشاريع المحلية والإقليمية المتوافقة مع التغييرات المناخية، إنه برنامج يأتي استجابة للحاجة والالتزام للتكيف وتقوية قدرات أطر الجماعات الترابية على اعتبار أنها مؤسسات لتوطين السياسة المناخية، حيث أصبحت في المغرب القضية المناخية تمثل قضية تنموية رئيسية والتي يجب أن تحشد لها جميع مكونات المجتمع لجعل الأراضي المغربية وساكنتها أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ، مع ضمان الانتقال السريع إلى اقتصاد منخفض الطاقة الكربون على النحو الموصى به في الرؤية الموضوعة في المساهمات المحددة وطنيا للمغرب، انتقالي إيكولوجي ينزل أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030، وللاستمرار في ذلك ولمواجهة هذه التحديات يتعين على جميع الجهات الفاعلة في المجتمع تعزيز قدراتها لفهم طبيعة مشكلة المناخ وصياغة وتنفيذ إجراءات التخفيف والتكيف وأخيرا تعبئة التمويل الوطني والدولي.
إن تجليات الآثار الأولى لتغير المناخ على المغرب ولاسيما تأثيرها السلبي على المنظومات الايكولوجية: “الجبل والغابة والواحة والساحل” تحث على اعتماد استراتيجية طويلة الأمد وعلى جميع مستويات صنع القرار هذا على الرغم من أن الاضطرابات المناخية هي حتمية بينما لا تزال الشكوك قائمة بشأن نطاقها ومظاهرها المحلية، في حين للتكيف والتخفيف من حدتها سوف يعتمد ولو جزئيا على قدرات الجماعات الترابية على التفاعل لاسيما فيما يتعلق بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فمنذ وقت ليس ببعيد ينظر إلى هذه الظاهرة على أنها بعيدة وافتراضية وتتشكل تدريجيا بينما هي تتفاقم مع الاستجابة المتزايدة للمجتمعات المحلية بسبب السياقات الملحة الدولية منها كاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس والوطنية المتمثلة في المخطط الوطني للمناخ حيث يمكن تجسيد إرادة الجماعات الترابية في العمل في المغرب عن طريق آلية محددة، وهكذا قام المغرب بمأسسة وتفعيل اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي؛ ومناقشة مشروع مقترح قانون بشأن المناخ؛ وتحيين المساهمة المحددة وطنيا في إطار تنفيذ مقتضيات اتفاق باريس حول المناخ؛ وبلورة المخطط الوطني للمناخ 2020-2030 والمخطط الوطني الاستراتيجي للتكيف 2021-2030، ودعم إنجاز تسع مخططات ترابية لمحاربة التغير المناخي؛ وإعداد خارطة طريق لإستراتيجية وطنية لتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050، وتعبئة الدعم التقني من أجل بلورة مخططات قطاعية ذات بصمة كربونية منخفضة في إطار تنزيل للاستراتيجية الوطنية لتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050، وإنجاز منصة رقمية لنظام المتابعة والإبلاغ والتحقق في إطار تنفيذ المساهمة المحددة وطنيا؛ وتعبئة موارد مالية وتقنية عبر الصندوق الأخضر للمناخ لتقوية قدرات الفاعلين على المستوى الوطني والجهوي من جماعات ترابية، وقطاع خاص في مجال اقتراح مشاريع قابلة للتمويل.
كل هذه الاستراتيجيات التي تم تطويرها في هذا الخصوص هي ناتجة عن بناء قضايا المناخ على الصعيد الجهوي والمحلي، حيث تهدف الإجراءات التي تم تبنيها على المستوى المحلي بشكل أساسي إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكن إجراءات التكيف بدأت بالظهور، هذه الاستراتيجيات هي نتيجة كذلك لنهج حذر سلكه المغرب مما يزيد من فرص النجاح في مواجهة تحد جديد يضاف الى التحدي الحقيق ألا وهو تغير المناخ الذي أصبح موضع اهتمام جديد للمجتمعات المحلية على الرغم من المعرفة العلمية الدقيقة بشكل متزايد لا يزال عدم اليقين مرتفعا إن لم يكن بشأن وجود الظاهرة ذاته، على الأقل على نطاقها ومظاهرها المحلية ومع ذلك، يحث العلماء المسؤولين المنتخبين على التصرف بشكل عاجل لتحقيق النتائج طويلة المدى التي يأملون فيها تتمثل الإجراءات التي يمكن اعتمادها بهذه الطريقة في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع آثار تغير المناخ.
إدماج البعد المناخي في المخططات الجهوية والمحلية
على اعتباره قضية عالمية بامتياز لم يدخل تغير المناخ إلا مؤخرا في مجال اهتمام الجماعات الترابية، فقد شجعت المشاركة المكثفة للفاعلين الترابيين المغاربة في المؤتمرات الدولية للمناخ واللقاءات الثنائية مع عمداء ورؤساء المدن والجماعات الترابية الأخرى التي تعقد على هامش هذه المؤتمرات مكنت من خلق حماس كبير في صفوف الجماعات الترابية في أفق إدراج قضية المناخ في السياسات العامة المحلية من خلال تطوير المعرفة حيث من المرتقب أن يتم تجميع التجارب وتحليلها وتقليدها وإرساء أرضية مواتية لبدء العمل الذي عززه تسليط الضوء بقوة على تغير المناخ خصوصا وأن المغرب أصبح يتحمل بالفعل وطأة تغير المناخ خصوصا مع تعرضه لموجة جفاف حادة عام 2015 أثرت على المحصول الزراعي وأصابت الاقتصاد كذلك، ولمواجهة تغير المناخ تبنى المغرب سلسلة من السياسات الخضراء للحفاظ على موارده الطبيعية وزيادة قدرة الزراعة على مجابهة هذه التغيرات هذا النهج الذي يسلكه المغرب يهدف إلى تحقيق مكسب ثلاثي يتمثل في التكيف مع تغير المناخ مع الحد من آثاره وخلق فرص جديدة، حيث يدرك المغرب عن يقين أنه سيتأثر بتغير المناخ، فقد أطلق المغرب مخطط المغرب الأخضر لمواجهة الخطر الذي يمثله تغير المناخ، إنه مكسب ثلاثي يتضمن تأهيل البلاد للتكيف مع حقيقة تغير المناخ واتخاذ خطوات نحو تقليص آثاره على الناس والبيئة تزامنا مع خلق الفرص كمساعدة المزارعين على تبني التقنيات الذكية مناخيا وزيادة إنتاجيتهم ومساعدتهم على توفير روابط أفضل مع الأسواق من أجل بضائعهم، ويعد الحفاظ على المياه المخزنة في المكامن الجوفية الطبيعية خير مثال على ذلك فثمة سياسات جديدة تحمي هذا المورد الطبيعي الثمين، مع التأكد من وجود مياه كافية لتلبية احتياجات الزراعة التي تعد مصدرا مهما للتشغيل، فقد أدرك المغاربة أهمية تنظيم كميات المياه الجوفية التي يضخها الناس،
إلا أن التكنولوجيا الحديثة فاقمت من سوء الوضع حيث يمكن للمضخة الآن أن تصل إلى عمق 200 متر وليس 40 مترا فقط وهذا أكثر خطورة حيث يؤدي إلى نضوب مكامن المياه الجوفية، فقد أصبحت الحاجة ملحة إلى وضع تدابير أكثر صرامة لوقف هذا النزيف، وفي الوقت نفسه، تحسنت شبكة الري لتجعل استخدام المياه أكثر كفاءة مع إدخال التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط، وإتاحة حصول المزارعين على المياه بطريقة مضمونة، كما يتضمن مخطط المغرب الأخضر إجراءات استباقية لتشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الشجرية بدلا من الحبوب، وتساعد جذور الأشجار على حماية التربة بالحفاظ على تماسكها، كما تشجع الإستراتيجية البذر المباشر وهي طريقة موائمة بيئيا وتقوم بغرس البذور في الأرض مباشرة بدون حرثها حتى لا يفقد سطح التربة العناصر المغذية به، ويسعى المغرب اليوم إلى توليد 52% من احتياجاته من الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ويحفز الصناعات التحويلية المحلية من خلال الحصول على 35% من مكونات المرحلة الثانية لمحطة نور 2 من مصنعين محليين في الوقت الذي ألغى فيه المغرب كل أشكال الدعم على الديزل والبنزين وزيت الوقود الثقيل لتشجيع المزيد من الاستخدام الجيد للطاقة وتحرير الموارد من أجل الاستثمار في الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر المراعي للبيئة، بينما يهدف مخطط المغرب الأخضر إلى حماية البيئة وسبل كسب الرزق للمغاربة، وتشكل الزراعة 15% فقط من إجمالي الناتج المحلي للمغرب، إلا أنها مازالت تشغل 40% من القوى العاملة، كما بدأ المغرب في التعامل مع المحيط الأطلسي باعتباره موردا طبيعياً لا يقل أهمية عن اليابسة، مع تحسين إدارة المنطقة الساحلية وتطوير المزارع السمكية المستدامة، كما يشكل صيد الأسماك 56% من الصادرات الزراعية للبلاد، ويبذل المغرب جهودا كبيرة للحفاظ على مستودعاته من المياه الجوفية، وهي مصدر طبيعي للمياه العذبة وتمتاز بأنها تجدد نفسها إذا ما تم الحفاظ على نظافتها وعدم العبث بها، وتعتبر المياه الجوفية مكسب للبيئة ولأجيال الحاضر والمستقبل بالمغرب.
وكان المغرب قد أعد خطة وطنية لمكافحة الاحترار المناخي وقدمها خلال الدورة الخامسة عشر لمؤتمر الأطراف التي انعقدت في العاصمة الدانمركية كوبنهاجن عام 2009، وتنص الخطة على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تنمية مصادر الطاقة النظيفة وتنويعها مع تنفيذ تدابير تكيف مع ظاهرة المناخ تعتمد في الأساس على استراتيجية المياه والخطة الخضراء للزراعة في المغرب، التي أطلقت أيضا في عام 2009، وتنطوي الخطة على إجراءات تخفيف من أثار تغير المناخ، وتكيف معها وتدابير تشمل عدة قطاعات كما تعتمد على ركيزتين استراتيجيتين: التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة عبر تنفيذ سياسة منخفضة الكربون، وبوجه خاص من خلال “مشروع الطاقة الشمسية الطموح للغاية لانتاج 2000 ميغاوات وتقييم الهشاشة وقابلية التأثر بظاهرة تغير المناخ والتكيف مع تأثيراتها، كما وضع المغرب مع الخطة الوطنية لمكافحة الاحترار المناخي عملية موازية لإدارة هذه السياسات تمكن من إنجاز تقدم كبير مع ضمان رصد وإدارة فعالة، وترتكز السياسة المغربية للتخفيف من أثار تغير المناخ بشكل أساسي على تدابير نجاعة الطاقة وإنتاج الطاقة المتجددة والتي تنبثق من استراتيجية الطاقة التي أطلقت في عام 2008، وتعد هذه الاستراتيجية من بين استراتيجيات الطاقة الطموحة والطوعية التي تهدف للوصول إلى نسبة 42% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، توزع بالتساوي بين الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية علاوة على برنامج كفاءة طاقة يرمي إلى التوصل لنسبة 12% من توفير استخدام الطاقة بحلول عام 2020، ولتحقيق هذه الأهداف، تم وضع إطار قانوني ومؤسسي جذاب كما أطلقت خطط وكنية متكاملة لاستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يوضح أحد التقارير الموجزة للهشاشة وقابلية التأثر بظاهرة تغير المناخ والذي أجري كجزء من النشرة الوطنية الثانية أن المصادر الطبيعية للمغرب تتعرض لتقلب مناخي وضغط بشري متزايد، ومن المرجح أن يسهم تغير المناخ المستقبلي في تفاقم هذه الهشاشة وقابلية التأثر مع وقوع أثار كبيرة على الأنظمة الإيكولوجية والقطاعات الاجتماعية-الاقتصادية، وقد أدمجت مجموعة واسعة من أدوات التكيف مع المناخ ضمن استراتيجيات المغرب للتكيف مع أثار تغير المناخ في القطاعات مثل قطاع المياه، والزراعة، والغابات، والتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر، الإسكان، والثروة السمكية، وإدارة السواحل، والصحة، والسياحة، وتتضح المظاهر الأولى لتغير المناخ في المملكة المغربية في اضطراب معدل التساقطات وارتفاع معدل درجة الحرارة. الشيء الذي يؤثر بشكل سلبي على الموارد الطبيعية، والنظم البيئية المختلفة وعلى الإنتاج الزراعي، وإدراكا منها لتداعيات تغير المناخ على النظم البيئية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية في السنوات الأخيرة، اعتمدت بلادنا نهجا طوعيا ومتكاملا وتشاركيا ومسؤولا في جهودها للتكيف والتخفيف، والتي تشكل إحدى الركائز الرئيسية للإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وانضمت المملكة إلى الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ من خلال التوقيع في عام 1992 والتصديق في عام 1995 على الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ كما صادق المغرب على بروتوكول كيوتو في عام 2002 وعلى اتفاقية باريس في عام 2016، لذلك يؤيد المغرب السعي المستمر لتنفيذ اتفاق باريس الذي ينص في مادته الرابعة على الإبلاغ عن المساهمة المحددة وطنيا كل خمس سنوات ابتداء من 2020، بينما بدأت المملكة المغربية عام 2020 مراجعة مساهمتها المحددة وطنيا التي أنجزت في 19 شتنبر 2016 وقدمها محينة في شهر يونيو 2021، أما على المستوى الوطني فقد وضع المغرب مخططه الوطني للمناخ 2020-2030 الذي يهدف إلى إرساء أسس تنمية منخفضة الكربون ومقاومة لتغير المناخ، في حين يتم وضع اللمسات الأخيرة على المخطط الوطني للتكيف، وكجزء من تنفيذ سياسة المناخ على المستوى الجهوي، يعمل المغرب على وضع مخططات مناخية جهوية لجميع جهات المملكة، مع الاستفادة من مزايا الجهوية المتقدمة، تم إطلاق دراسات لإعداد مخططات مناخية جهوية لفائدة الجهات التالية: جهة بني ملال خنيفرة،جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، جهة الدار البيضاء-سطات، جهة درعة تافيلالت، جهة الشرق، جهة كلميم-واد نون، جهة العيون – الساقية الحمراء، بينما قدم المغرب في إطار التزامه بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، ثلاثة بلاغات وطنية، أولها في عام 2001 والثاني في عام 2010 والثالث في عام 2016، والبلاغ الوطني الرابع عام 2021، هذا في الوقت الذي نشر فيه المغرب أيضا تقرير التحديث الأول لفترة السنتين في عام 2016 والتقرير الثاني لتحديث فترة السنتين في عام 2019، ويقدم هذا التقرير معلومات عن قوائم جرد غازات الاحتباس الحراري، وعن تدابير التخفيف وعن احتياجات والدعم المحصل عليه.
الجماعات الترابية وحشد التمويل المناخي
تم اعتماد تمويل المناخ كآلية لجلب مصادر التمويل المحلية والوطنية والدولية، والتي يمكن استخلاصها من مصادر التمويل العام والخاص والبديل، هذه الموارد المالية تهدف إلى تغطية تكاليف الانتقال إلى الاقتصاد عالم منخفض الكربون والتكيف مع التأثيرات الحالية والمستقبلية تغير المناخ، فالتقرير الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتطور المناخ أكد أنه في حالة عدم وجود إجراءات طموحة وتدابير تهدف إلى السيطرة على الاحترار العالمي تحت 2 درجة مئوية والتكيف مع تغير المناخ، سوف تزيد التكاليف بشكل كبير في المستقبل، في الواقع، يمثل تمويل المناخ رافعة أساسية لمكافحة تغير المناخ في جانب التخفيف حيث الاستثمارات واسعة النطاق ضروري لتقليل الانبعاثات بشكل كبير خاصة في القطاعات التي تنبعث منها كميات كبيرة من غازات الدفيئة، فالموارد المالية الكبيرة ضرورية أيضا لتمكين البلدان من التكيف مع الآثار الضارة والحد من آثار تغير المناخ، ففي سياق المفاوضات السياسية الدولية بشأن تغير المناخ، مصطلح “تمويل المناخ” يستخدم لوصف التدفقات المالية من البلدان المتقدمة إلى تلك التي هي في طور العملية تطوير، حيث تم إنشاء هذا التدفق المالي في اتجاه واحد بسبب المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة في انبعاثات غازات الدفيئة منذ الثورة الصناعية وبالتالي التزام الأخيرة لمساعدة البلدان النامية على تحويل اقتصاداتها بحيث تصبح أقل كثافة للكربون وأكثر مرونة تغير مناخي، ومع ذلك على المستوى العالمي لا يقتصر تمويل المناخ على تحويل التدفقات المالية من البلدان المتقدمة إلى تلك التي في الطريق التنمية على النحو الموصى به في المفاوضات الدولية ولكنه يشمل أيضا جميع الاستثمارات الوطنية أو الدولية داخل البلدان المتقدمة و تلك التي في طور التطوير.
وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس والاتفاقيات والقرارات المعتمدة من قبل مؤتمرات الأطراف هي المبادئ الأساسية التي تنظم التفاعلات المالية بين البلدان النامية والمتقدمة، ونتيجة لذلك يعتمد تمويل المناخ بشكل خاص على مبادئ الشفافية والمساءلة خاصة خلال مرحلة الإدارة والحكامة والتي تأتي بعد مرحلة التعبئة وقبل الصرف، وستساعد هذه المبادئ في بناء علاقة ثقة بين الشركاء في البلدان المتقدمة وتلك الموجودة في البلدان النامية لتنمية وتحسين فعالية التمويل، بصرف النظر عن المبادئ التي تحكم إدارة وحكامة تمويل المناخ هناك مبادئ أساسية أخرى تسمح بذلك الإشراف على مراحل جمع الأموال والتنفيذ والصرف، ويشمل تمويل المناخ تعاون العديد من الجهات الفاعلة نبدأ بالدول المتقدمة من خلال القطاعين العام والخاص، ولكن أيضا البلدان النامية الجهات الفاعلة العامة لديها مصادر تمويل متعددة الأطراف والوسطاء، ولكن أيضا مصادر التمويل الثنائية، أولئك تدفع الجهات الفاعلة نظام تمويل المناخ العالمي عن طريق الحد تكاليف ومخاطر الاستثمارات المناخية، من خلال تعزيز المعرفة والمهارات الفنية، وبناء ورقة العمل الطريق الضروري لبناء الثقة في هذه الاستثمارات الجهات الفاعلة الخاصة، والتي تتراوح من الأسر الفردية إلى الشركات متعددة الجنسيات ووسطائها لديهم موارد يمكنها ذلك المساهمة في الانتقال إلى نمو مرن ومنخفض الكربون لتغير المناخ، بينما يبقى التحدي الحالي هو زيادة المساهمات المالية بهدف حشد 100 مليار دولار بحلول عام 2020، كما كان مقررا قبل قمة غلاسكو وقبل أن يؤجل هذا القرار إلى 2023، هذا التحدي هو تتويج عدة قرارات، لقد كان لتعبئة 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 تم دمجها لأول مرة في قمة المناخ 15 بكوبنهاغن في عام 2009 والتي تم تأكيدها من خلال قمة المناخ 16 بكانكون جنوب إفريقيا سنة 2010، وهكذا تنص اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على أن البلدان المتقدمة باعتبارها أطراف المرفق الثاني مدعوة لتقديمها المساعدة المالية للبلدان النامية لتمكينها تقليل انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع الآثار الضارة، ولتسهيل التنفيذ من هذا المكون، أنشأت الاتفاقية آلية مالية لتقديم الأموال للأطراف من البلدان النامية، وتمكن المغرب من حشد مبالغ كبيرة من التمويل المناخي بفضل سياساته المناخية الطموحة والتزامها على نطاق واسع دولي، وفي الواقع سمح له هذا الالتزام بإثبات المصداقية اللازمة للحصول على هذا التمويل، حيث يحتل المغرب المرتبة الثالثة في العالم بعد الهند والبرازيل، بينما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن المغرب يحتل مكانة رائدة من حيث التمويل العام حيث تم استثمار 784 مليون دولار بشكل عام من التمويل الأخضر للمناخ.
تعدد المانحين ومصادر التمويل المناخي
يأتي تمويل المناخ بشكل رئيسي من البلدان المتقدمة، على وجه الخصوص الامتثال لمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة وكل من القدرات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهكذا فإن البلدان المتقدمة تلتزم بتقديم الدعم المالي للوفاء بالتزاماتهم المعلنة في مختلف القرارات التي اتخذتها مؤتمرات الأطراف، بسبب تطور التمويل المناخي ومع مرور الوقت فقد تضاعفت قنوات التمويل كذلك مما جعل احتمالات الوصول إلى التمويل من قبل البلدان المتقدمة أكثر عددا ولكنه يبقى معقدا بسبب كثرة الإجراءات المركبة للحصول على هذه الأموال، ويوجد اليوم العديد من مصادر التمويل المتعلق بالمناخ، بما في ذلك الميزانيات الحكومية والمؤسسات الوطنية، آليات تمويل التنمية الثنائية أو المتعددة الأطراف، والمؤسسات المالية التجارية المانحة، وتمكن المغرب خلال السنوات الأخيرة من الاستفادة من استراتيجياته القطاعية كشيء أساسي للتخطيط لمشاركة الدولة في تنفيذ اتفاق باريس وتحيين المساهمات المحددة وطنيا عبر تقديم جهود الدولة من حيث التكيف والتخفيف، وإشراك القطاعات الرئيسية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ولتشجيع القطاعات الضعيفة لوضع خطط عمل التكيف المناسب، وهكذا كان المغرب قد قدم يوم 19 شتنبر 2016 طموحا بامتداد الهدف المتمثل في خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 42٪ بحلول عام 2030 بحلول مقارنة بسيناريو العمل العادل منها 25٪ يقتصر على الدعم الدولي، ويتميز المغربي أيضا من خلال شفافيتها من خلال تحديد قائمة من 55 إجراء بوضوح، بما في ذلك 31 إجراء متوقفا على الدعم الدولي، والذي ينبغي أن يساهم لتحقيق الهدف الوطني، بعض هذه الإجراءات قيد التقدم التنفيذ وغيرها في التخطيط من حيث التكيف، أعلن المغرب عن عدة أهداف كمية تغطي غالبية القطاعات الضعيفة، وفي شهر يونيو الماضي تم تحيين المساهمات المحددة وطنيا للمغرب حيث تم تصنيفها كواحدة من عدد قليل من المساهمات التي ستكون “متوافقة مع هدف 1.5 درجة مئوية اتفاقية باريس يشير هذا التقييم إلى أن الالتزام بالمناخ المغرب في عام 2030 متوافق مع ارتفاع درجة حرارة أقل بكثير من 2 درجة مئوية ووقف الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، بالإضافة إلى ذلك تشير التقديرات إلى أن المغرب قريب جدا من أهداف المساهمات المحددة وطنيا غير المشروطة في ظل السياسات الحالية بسبب التمديد الطموح لقدرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، ولتنفيذ مساهماته المحددة وطنيا قدر المغرب احتياجاته بـ 85 مليار دولار أمريكي على مدى 10 سنوات بما في ذلك 24 مليار مشروط بـالدعم الدولي من خلال آليات تمويل المناخ، تشمل تكاليف التخفيف لوحدها ميزانية إجمالية قدرها 50 مليار دولار ، بينما يجب أن تحشد إجراءات التكيف حوالي 35 مليار دولار.
أدوار الجماعات الترابية
في العمل المناخي
يتطلب حجم قضية تغير المناخ التعبئة والالتزام الجماعي على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، ومن أجل أن تنجح هذه التعبئة على صعيد الجماعات الترابية في مناطق نفوذها بصفتها هي المسؤولة عن تنزيل السياسات الجهوية محليا، فيجب أن تصبح في متناول اليد من أجل وقف تدهور المنظومات الايكولوجية الهشة محليا، وفي الواقع يبقى دور الجماعات الترابية بالغ الأهمية لأنها تشتغل في الميدان ولديها من الأدوات واللوجيستيك والموارد البشرية ما يسمح لها ببدء إجراءات مباشرة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، وتتخذ الجماعات الترابية عدة قرارات استثمارية في العديد من قطاعات انبعاثات الغازات الدفيئة: النقل، النفايات، الكفاءة الطاقة، وما إلى ذلك، ولكن أيضا في القطاعات الأخرى المعرضة أيضا لخطر الإصابة تغير المناخ: حكامة تدبير المياه، إدارة الفيضانات، حرائق المنظومات الغابوية، تدهور المنظومات البيئية الساحلية تلوث الأنهار التي تعبر المدن والحواضر، وفي سياق الانتقال المناخي، يجب أن تراعي قرارات الجماعات الترابية الجانب المناخي من أجل تنفيذ السياسات الوطنية في المخطط المناخية الجهوية هذه هي نقطة القوة التي تمتلكها الجماعات الترابية تجعلها تصنف ضمن أهم الجهات الفاعلة في تنفيذ السياسات المناخية، إن المغرب اليوم أصبح ملتزما بشدة بمكافحة تغير المناخ كما يتضح ذلك من خلال العديد من المبادرات بما في ذلك تطوير سياسة تغير المناخ في المغرب الذي يشجع على التقارب الجهوي وتنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة الاحتباس الحراري على المستوى المحلي مراعاة أفضل للخصوصيات الإقليمية، في الواقع، توصي بتحقيق هذا المحور من خلال تطوير الخطط المعركة الإقليمية ضد ظاهرة الاحتباس الحراري أو خطة المناخ الجهوي ويشكل الأخير أدوات التخطيط وتنفيذ مختلف إجراءات التكيف والتخفيف لمكافحة تغير المناخ، هذه خارطة الطريق التي يجب أن تكون تشاركية ومتكيفة مع المنطقة التي تستهدفها في أفق تحقيق التنمية منخفضة الكربون والمرونة لتأثيرات التغير المناخي، ويتجلى ذلك من خلال وثيقة العمل المناخي الاستراتيجي والمنظم وتحديدا وثيقة خطة المناخ ووثيقة خطة التكيف الوطنية، وتهدف هذه الوثائق إلى إعطاء أهمية كبرى للتباين الجهوي للإجراءات المناخية التي سيتم تنزيلها محليا بما يتماشى مع خصوصيات المناطق والأهداف الوطنية، وفي نفس السياق وبالنظر إلى الإطار الدولي الذي يؤطره اتفاق باريس الذي صادق عليه المغرب خلال قمة المناخ عام 2015 بباريس في نسختها الواحدة والعشرون، والتزامات المغرب الملخصة في وثيقة المساهمات المحددة وطنيا هذه المساهمات الطموحة للفوز في التحدي حيث يمتلك المغرب اليوم طموحا تدريجيا ينشده المجتمع الدولي بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث سيستفيد المغرب من العمل بسرعة عبر تنزيل ورش الجهوية المتقدمة واتخاذ الإجراءات الجهوية، إن التباين الجهوي في المساهمات المحددة وطنيا سيسمح للمغرب ليس فقط الفوز بتحدي الطموح ووضع نفسه كفاعل رئيسي في مجال البيئة والتنمية المستدامة إفريقيا وعربيا وعالميا وتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا، ولكن من شأنه أيضا ضمان استدامة الإجراءات المحلية وتطوير الآليات وابتكار الحوافز والتشجيع على البصمة الفردية للمواطن للمساهمة بشكل فعال في التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تطمح لها المملكة المغربية في أفق 2035 كما نص على ذلك تقرير النموذج التنموي الجديد.
خيارات التكيف والتخفيف في مخططات العمل المحلي
توجد مجموعة واسعة من خيارات التكيف، ولكن التكيف الأوسع نطاقا من التكيف الحالي مطلوب للحد من التعرض لتغير المناخ. وهناك حواجز وحدود وتكاليف لا تزال غير مفهومة فهما كاملا، فللمجتمعات سجل حافل في إدارة آثار الأحداث التي تقع في أحوال الطقس والمناخ، ومع ذلك يظل مطلوبا اتخاذ تدابير إضافية في تدابير التكيف المطلوبة للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ المتوقعة بحسب الإسقاطات، بغض النظر عن نطاق التخفيف الذي ينفذ في أثناء العقدين القادمين أو العقود الثلاثة القادمة، وقد يتفاقم التعرض لآثار تغير المناخ بفعل ضغوط أخرى، وهذه الضغوط تنشأ مثلا عن الأخطار المناخية الحالية، والفقر، وعدم المساواة في الحصول على الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، واتجاهات العولمة الاقتصادية، والصراعات، وانتشار الأمراض، ويبقى التكيف مع تغير المناخ هو تكيف مخطط جار فعلا بقدر محدود، فالتكيف يمكن أن يقلل الضعف في وجه تغير المناخ، وبخاصة عندما يكون التكيف في صلب مبادرات قطاعية أوسع وهناك ثقة عالية في وجود خيارات عديدة للتكيف قابلة للتطبيق في بعض القطاعات بتكلفة منخفضة، و/أو بفائدة مرتفعة نسبة إلى الكلفة، وعلى الرغم من ذلك، فإن التقديرات العالمية لكلفة التكيف وفائدته محدودة للغاية، بينما توجد خيارات عديدة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية من خلال التعاون الدولي، وهناك درجة عالية من الاتفاق وأدلة كثيرة على أن من الإنجازات الملحوظة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو إنشاء استجابة عالمية لتغير المناخ، والتحفيز على وضع مجموعة من السياسات العامة الوطنية، وإنشاء سوق دولية للكربون وآليات مؤسسية جديدة قد تشكل الأساس لجهود التخفيف التي تبذل في المستقبل، وقد أحرز تقدم أيضا في التطرق إلى التكيف في سياق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واقترحت بعض المبادرات الدولية الإضافية.
محمد بن عبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامةرئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة