الجيش الإسرائيلي يشن “عملية برية محدودة وموضعية” في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي فجر أمس الثلاثاء أن جنوده دخلوا جنوب لبنان في إطار عملية “برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف” رغم الدعوات الدولية للتهدئة.
وبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة الماضية في ضربة إسرائيلية عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية، حذر المسؤولون الإسرائيليون من أن المواجهة مع الحزب المدعوم من إيران لم تنته.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان فجر أمس الثلاثاء إن هذه العمليات البرية “بوشرت قبل ساعات قليلة” وهي “محدودة وموضعية ومحددة الأهداف” وموجهة ضد “أهداف ومنشآت إرهابية” لحزب الله في جنوب لبنان.
ولم يوضح الجيش عدد الجنود المنخرطين في هذه العمليات البرية.
وأشار إلى أن هذه الأهداف تقع “في عدد من القرى القريبة من الحدود والتي ينطلق منها تهديد فوري وحقيقي للبلدات الإسرائيلية في الحدود الشمالية”. وتحظى القوات الإسرائيلية على الأرض بإسناد جوي ومدفعي بحسب الجيش.
وكان الجيش الإسرائيلي احتل جنوب لبنان مدة 22 عاما، قبل أن ينسحب منه في ماي 2000.
وأوضح أن  هذه العملية البرية تتم وفق “خطة تم إعدادها في هيئة الأركان العامة وفي القيادة الشمالية والتي تدربت القوات لها على مدار الأشهر الأخيرة”.
ولفت إلى أنه “تمت الموافقة على مراحل الحملة، ويتم  تنفيذها وفقا لقرار المستوى السياسي”.
وشدد الجيش الإسرائيلي في بيانه على أنه “يواصل القتال والعمل لتحقيق أهداف الحرب، ويبذل كل ما هو مطلوب من أجل حماية مواطني دولة إسرائيل”.
إلى جانب ذلك، استهدفت ست غارات جوية إسرائيلية ليل الاثنين الثلاثاء ضاحية بيروت الجنوبية على ما أفاد مصدر أمني، بعيد دعوة الجيش الإسرائيلي سكان ثلاثة أحياء في المنطقة إلى إخلاء منازلهم.
واستهدفت غارة جوية إسرائيلية فجر أمس الثلاثاء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان منير المقدح، القيادي البارز في الجناح العسكري لحركة فتح، لكن من دون أن يتأكد في الحال ما إذا كان المستهدف قد أصيب أم لا.
وفي بيان عبر منصة اكس، أعرب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن قناعته المشتركة مع إسرائيل، بضرورة “تفكيك البنى التحتية الهجومية” التابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية مع الدولة العبرية “لضمان ألا يتمكن حزب الله اللبناني من أن يشن هجمات مماثلة لهجمات السابع من أكتوبر على البلدات الشمالية في إسرائيل”.
وكان حزب الله فتح غداة هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أطلق شرارة الحرب في قطاع غزة، جبهة “إسناد” لغزة عند حدود إسرائيل الشمالية.
وفي بيانه أكد أوستن مجددا على موقف البيت الأبيض القائل إن  “حلا دبلوماسيا مطلوب” لضمان سلامة المدنيين “على جانبي الحدود”.
ولمح الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنه يعارض حصول عمليات برية إسرائيلية داعيا إلى وقف لإطلاق النار.
ونقل موقع أكسيوس الإخباري الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم قولهم إن العملية البرية التي شنها الجيش الإسرائيلي لتوه “لا تهدف إلى احتلال جنوب لبنان”.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحزب مستعد “إذا قررت إسرائيل أن تدخل بريا”. مشددا على أن حزب الله مستمر في “مواجهة العدو الإسرائيلي مساندة لغزة”، رغم اغتيال نصرالله.
من جهته، قال حزب الله في بيان صدر ليل أول أمس الاثنين إن مقاتليه استهدفوا “تحركات لجنود العدو الإسرائيلي في البساتين المقابلة لبلدتي العديسة وكفركلا بالأسلحة المناسبة وحققوا فيهم إصابات مؤكدة”.
وأكد مصدر مقرب من الحزب أن تلك التحركات كانت “عند الحدود” مع لبنان.
ولم يصدر عن حزب الله أي تعليق فوري على إعلان الجيش الإسرائيلي بدء العملية البرية، لكن  قناة المنار التابعة للحزب نقلت عبر قناتها على تطبيق تلغرام مضمون البيان الإسرائيلي.
وقبيل الإعلان الإسرائيلي، أفاد مصدر في الجيش اللبناني بأن  “قوات الجيش اللبناني تعيد التمركز وتجميع القوى” في أجزاء من جنوب لبنان قرب الحدود.
كذلك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان لم تتمكن من القيام بدوريات بسبب شدة الضربات الإسرائيلية وصواريخ حزب الله التي تستهدف إسرائيل.
وعلى وقع هذا التطور الخطير، استهدفت سلسلة غارات جوية إسرائيلية فجرأمس الثلاثاء دمشق، مما أسفر وفقا للإعلام الرسمي السوري عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم إعلامية في التلفزيون الحكومي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري قوله إن  “العدو الإسرائيلي شن  عدوانا جويا بالطيران الحربي والمسير من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفا عددا من النقاط في مدينة دمشق”، ما أدى إلى “استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة تسعة آخرين بجروح”.
ودعا قادة العالم إلى الدبلوماسية ووقف التصعيد.
وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، “لا نريد رؤية اجتياح بري من أي نوع كان”، فيما صرح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه يجب تجنب أي عمليات إسرائيلية إضافية في لبنان، عقب اجتماع افتراضي لوزراء خارجية الكتلة.
وأعلنت دول عدة عن إجراءات لإجلاء رعاياها، بما في ذلك استئجار رحلات جوية أو حجز رحلات تجارية بأكملها، بينما أعلنت فرنسا أن  إحدى سفنها الحربية ستتمركز قبالة الساحل اللبناني “احترازا” للمساعدة في إجلاء الرعايا إذا ما استدعى الأمر ذلك.
وأدت الغارات إسرائيلية أول أمس الاثنين على لبنان إلى مقتل 95 شخصا على الأقل، بينهم ثلاثة أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقائد حركة حماس في لبنان فتح شريف أبو الأمين وجندي لبناني، بحسب مصادر مختلفة.
وقتل أكثر من ألف شخص في لبنان وفق السلطات منذ ارتفاع مستوى التصعيد بين حزب الله وإسرائيل منتصف سبتمبر.
يومها، نقلت إسرائيل ثقلها العسكري من غزة إلى لبنان مؤكدة أنها تريد بذلك السماح بعودة عشرات آلاف السكان إلى المناطق الشمالية الحدودية مع لبنان بعدما فروا منذ بدء تبادل إطلاق الناربين الدولة العبرية وحزب الله.
من جهتها، أكدت إيران أن “لا داعي لنشر قوات إيرانية مساعدة أو تطوعية” في لبنان وفي غزة لمواجهة إسرائيل. وقالت وزارة الخارجية إن “حكومتي لبنان وفلسطين لديهما القدرة والقوة اللازمتين لمواجهة عدوان النظام الصهيوني”.
ووجه وزير الدفاع الأميركي تحذيرا شديد اللهجة لطهران، متوعدا إياها بـ”عواقب وخيمة” إذا ما شنت هجوما عسكريا مباشرا على إسرائيل.
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إيران أول أمس الاثنين من أنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا يمكن لإسرائيل الوصول إليه.
في قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء حرب متواصلة منذ سنة تقريبا، يستمر الجيش الإسرائيلي في هجومه رغم تراجع حدة الضربات في الأيام الأخيرة.
وأمس الثلاثاء قتل 12 شخصا في مخيم النصيرات للاجئين في وسط القطاع جراء قصف صاروخي إسرائيلي بحسب الدفاع المدني في القطاع.
وقضى سبعة آخرون في ضربات على مدرسة تؤوي نازحين في حي التفاح شرق مدينة غزة وفق المصدر نفسه.
وقتل في غزة منذ بدء الحرب 41595 شخصا معظمهم من المدنيين وفق بيانات وزارة الصحة.

أ.ف.ب

Top