الحرارة تغزو قارة أوروبا

 أظهرت موجة حارة تجتاح جنوب أوروبا وتسببت في مقتل المئات وحرائق غابات هائلة في الأسابيع الماضية بعض علامات التراجع أول أمس الاثنين لكنها استمرت في التحرك شمالا بما في ذلك في اتجاه بريطانيا حيث أصدرت السلطات تحذيرات شديدة بخصوص الطقس.

وتشهد مناطق كثيرة بأوروبا موجة حارة يقول العلماء إنها تتماشى مع تغير المناخ وارتفعت فيها درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية في بعض المناطق مع اندلاع حرائق غابات في مناطق ريفية جافة بالبرتغال وإسبانيا وفرنسا.

وبدأت درجات الحرارة في بعض مناطق جنوب أوروبا في الانخفاض مطلع الأسبوع، لكن الآلاف من رجال الإطفاء في جميع أنحاء المنطقة ما زالوا يكافحون لاحتواء مئات حرائق الغابات، وقالت السلطات إن خطر اندلاع المزيد من الحرائق لا يزال مرتفعا للغاية.

وواجهت إسبانيا الاثنين اليوم الثامن والأخير من موجة حارة استمرت أكثر من أسبوع وتسببت في أكثر من 510 حالات وفاة مرتبطة بالحرارة، حسب تقديرات معهد كارلوس الثالث الصحي.

واحترق أكثر من 173 ألف فدان في إسبانيا حتى الآن هذا العام، وهو أسوأ عام خلال عشر سنوات بحسب البيانات الرسمية. وفي الشهر الماضي دمر حريق هائل في سييرا دي لا كوليبرا وقشتالة وليون نحو 30 ألف هكتار من الأرض.

وفي البرتغال، انخفضت درجات الحرارة في مطلع الأسبوع لكن المعهد البرتغالي للأرصاد الجوية يقول إن خطر حرائق الغابات ما زال مرتفعا للغاية في معظم أنحاء البلاد.

وقالت السلطات إن أكثر من ألف من رجال الإطفاء، تدعمهم 285 مركبة و14 طائرة، يكافحون تسعة حرائق غابات مستمرة لاسيما في المناطق الشمالية من البلاد.

ويُتوقع أن تجتاح موجة حارة في الأيام المقبلة كلا من بلجيكا وألمانيا.

وشهدت بريطانيا معدلات حرارة الأكبر في تاريخها الاثنين إذ من المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية للمرة الأولى، وفرض مترو أنفاق لندن قيودا مؤقتة على السرعة على شبكة القطارات مما يعني خفض الرحلات مع طول زمن الرحلة بسبب خفض السرعة. كما نصحت شركة القطارات الركاب بالبقاء في منازلهم وقالت إن بعض الخدمات ومنها خط رئيسي بين شمال شرق إنجلترا ولندن لن يتحرك في أوقات معينة الثلاثاء.

وأعلنت الحكومة حالة تأهب “طوارئ عامة” مع توقع أن تتجاوز درجات الحرارة  الاثنين والثلاثاء 38.7 درجة مئوية التي سُجلت في حديقة جامعة كامبريدج النباتية عام 2019.

وقال نيكوس كريستيديس، عالم المناخ بمكتب الأرصاد الجوية، “أثر تغير المناخ بالفعل على احتمال بلوغ الحرارة درجات قصوى في المملكة المتحدة. قد تكون فرص رؤية أيام تتجاوز فيها درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية في المملكة المتحدة في المناخ الحالي أكثر احتمالا بعشرة أمثال مقارنة بالمناخ الطبيعي الذي لم يكن يتأثر بأفعال البشر”.

حرارة لا تطاق

وتواجه شركات توفير المياه في بريطانيا مشكلات في الإمدادات جراء الطقس الحار، وأشارت إلى انخفاض مستوى الضغط، كما حذرت من المزيد من عمليات انقطاع المياه.

وقالت شركة “أفينيتي ووتر” إن درجات الحرارة المرتفعة نتج عنها انخفاض في ضغط المياه بمناطق مثل العاصمة لندن، ومقاطعتي إسيكس وسري.

ودعت الشركة المستهلكين إلى ترشيد المياه وتجنب الاستخدام لغير الأغراض الضرورية، وقالت إنها تتوقع أن تكون هناك حاجة لـ 164 مليون لتر مياه إضافية خلال أيام الحر مقارنة بمستويات الطلب المعتادة.

وقالت شركة “نجليان ووتر”، التي تعمل في شرق إنجلترا، إن الزيادة المفاجئة في الطلب على المياه بسبب “الطقس شديد الحرارة” قد تكون عاملا يسهم في انقطاع إمدادات المياه ببلدة “كينجز لين”.

كما ظهرت مشكلات في إمدادات المياه مرتبطة بالطقس الحار في بريستول، وحذرت “هيئة مياه بريستول” من أن الموجة الحارة قد تؤثر على ضغط المياه ومذاقها.

وفي فرنسا، انتشرت حرائق الغابات على مساحة 27 ألف فدان في منطقة جيروند بجنوب غرب البلاد، وأعلنت السلطات الإقليمية بعد ظهر الأحد إجلاء أكثر من 14 ألف نسمة.

وقالت السلطات في بيان إن أكثر من 1200 رجل إطفاء يحاولون السيطرة على الحرائق.

وأصدرت فرنسا تحذيرات حمراء، هي الأعلى الممكنة لعدة مناطق وحثت السكان على” توخي الحذر الشديد”.

ملاذ منعش لمقاومة الحرارة الشديدة

في بعض المدن، استقبلت المتاحف الزوار الهاربين من الحر. في بوردو في جنوب غرب البلاد حيث بلغت الحرارة 40 درجة مئوية، فتحت المتاحف أبوابها مجانا.

في باريس في متحف التحرير، قالت السائحة البلجيكية صونيا دو مان (70 عاما) التي أتت مع ابنتها إنها فضلت “زيارة متحف” على التوجه إلى تلة مونمارتر كما كان مقررا. وفي العاصمة الفرنسية فتحت المتنزهات والحدائق العامة أبوابها طوال الليل.

وفي إيطاليا التي شهدت حرائق أصغر في الأيام الأخيرة يتوقع خبراء الأرصاد أن تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية في عدة مناطق في الأيام المقبلة.

كما عانت سويسرا من آثار الموجة الحارة. وأعلنت شركة أكسبو، التي تدير محطة بيزناو النووية الاثنين أنها اضطرت إلى خفض الإنتاج حتى لا تتسبب في ارتفاع درجة حرارة نهر آر الذي تستمد منه مياه التبريد.

وأصدرت السلطات الكرواتية في شبه جزيرة إستريا الاثنين تعليمات تحظر استخدام مياه الشرب لغسل السيارات وفي الشوارع والأماكن العامة الأخرى، وبالمثل ري المساحات الخضراء الخاصة أو العامة.

وأشارت سلطات مقاطعة إستريا إلى الجفاف المستمر وكذلك توقعات الطقس، والتى لا تبشر بهطول الأمطار في المستقبل القريب.

Related posts

Top