الحصول على المعلومة أضحى مطلبا مجتمعيا وضرورة إنسانية في ظل الظرفية الصحية الحالية

أكد وزير العدل محمد بنعبد القادر،أول أمس الاثنين بالرباط، أن الحصول على المعلومة أضحى مطلبا مجتمعيا وضرورة إنسانية خلال الظرفية الصحية الحالية، وذلك في ظل انتشار المعلومة الزائفة والمغلوطة وندرة المعلومة الرصينة والموثوقة.
وأبرز بنعبد القادر في كلمة تلاها بالنيابة الكاتب العام لوزارة العدل عبد الإله لحكيم بناني ، خلال لقاء دراسي نظمته الوزارة بمناسبة تخليد اليوم العالمي للحصول على المعلومة، أن الحصول على هذه الأخيرة ، بشتى أنواعها، خلال الظرفية الصحية العصيبة التي تمر بها البلاد وكافة بلدان العالم، أضحت مطلبا مجتمعيا وضرورة إنسانية في ظل انتشار المعلومة الزائفة والمغلوطة وفي ظل ندرة المعلومة الرصينة والموثوقة.
وشدد على أن ضرورة توفير المعلومة الصائبة لم تعد ترفا بل لزاما بهدف بناء الثقة والمساعدة في صناعة السياسات الناجعة والفعالة، خاصة خلال إدارة فترات الأزمات، مؤكدا على أهمية وخصوصية وراهنية الحق في الحصول على المعلومة بالنسبة لمرفق العدالة، لاسيما في ظل التحولات الجوهرية والمفصلية التي شهدتها منظومة العدالة بالمملكة خلال السنوات الأخيرة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وسجل المسؤول الحكومي أن هذا اللقاء الدي أقيم حول موضوع “الحق في الحصول على المعلومة في مجال الإدارة القضائية”، يشكل منبرا للتواصل والتفاعل والنقاش الجاد والمثمر بهدف الإنفاذ الأمثل والكامل للحق في الحصول على المعلومة في مجال الإدارة القضائية، بما يراعي خصوصيات المعلومات المرتبطة بقطاع العدالة والوقوف على ما قد يعترضها من صعوبات وايجاد الحلول المناسبة لها.
كما تأتي مبادرة عقد هذا اللقاء العلمي، يبرز بنعبد القادر، بهدف تسليط الضوء على جانب مهم يهم مبدأ الحق في الحصول على المعلومة، ألا وهو الجانب المرتبط بالمعلومات القابلة للتداول والنشر في مجال الإدارة القضائية في ظل ما تتسم به هذه الإدارة من خصوصية سواء من حيث طبيعة المعلومة والاستثناءات الواردة عليها، أو من حيث صعوبة وضع تعريف دقيق لها وتعدد المتدخلين فيها، وذلك بهدف بسط الإشكالات المطروحة وتقديم الحلول الكفيلة لتفعيل الحق في الحصول على المعلومة على الوجه الأمثل.
وأضاف أن المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية كفلت، في نطاق واسع، الحق في الحصول على المعلومة باعتبارها من الحقوق الاساسية والكونية للأشخاص ايمانا منها بأهمية هذا الحق في إقرار حرية التعبير، وحماية الحريات، وتكريس ثقافة الشفافية والمحاسبة في الحياة العامة، وإشراك المجتمع في إدارة الشان العام، وتحقيق التنمية، وتجاوز سلبية وآثار تسيير الشان العام تحت غطاء التعتيم والسرية.
وفي هذا الإطار، يقول بنعبد القادر، عملت المملكة على رفع الحق في الحصول على المعلومة إلى مصاف الحقوق الدستورية التي يتولى أسمى قانون الأمة ترسيخها وصيانتها.
وتأسيسا للإرادة الدستورية ، يبرز الوزير، انخرطت المملكة في التأسيس لهذا الحق عبر وضع برنامج حكومي لإصلاح الإدارة عبر التعجيل بإصدار قانون رقم 13-31 المتعلق بالحصول على المعلومات، معتبرا مرفق العدالة من بين المؤسسات والهيئات المعنية بأحكام هذا القانون فيما يخص المعلومات التي ينتجها أو التي يتوصل بها المرفق كيفما كانت الدعامة الموجودة بها.
وتابع أن المشرع قد أفرد لها في القانون المذكور أحكاما خاصة أملتها طبيعة المعلومة وما تكتسيه من خصوصية ومبادئ قانونية كونية متعارف عليها تقيد ممارسة الحق في الحصول على المعلومة في حدود مضبوطة، وذلك حماية للمعطيات الشخصية للأفراد وحميميتهم واحترام قرينة البراءة وسرية الأبحاث والتحريات الجنائية.
وتوقف الوزير عند مختلف التدابير المتخذة من طرف وزارة العدل في إطار إعمال حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات، كاشفا أن الوزارة ستواصل توسيع مجال المعلومات القابلة للنشر الاستباقين حيث ستتولى نشر أجندته الأسبوعية على موقعها الإلكتروني الرسمي، وكذلك قائمة الأسئلة الكتابية والشفوية التي يتوصل بها من البرلمان.
من جهته، أكد أحمد العمومري الكاتب العام لقطاع إصلاح الإدارة بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن تخليد هذا اليوم يشكل مناسبة سانحة لاستحضار ما تم تحقيقه من منجزات لتنزيل مقتضيات القانون رقم 31.13، وذلك تفعيلا لمقتضيات الفصل 27 من دستور المملكة الذي يخول “للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام”، وكذا للإعلانات والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما يشكل هذه اليوم، وفق الكاتب العام، فرصة لتشجيع واستنهاض همم مختلف الفاعلين الإداريين وحثهم على تطوير واعتماد مبادرات حكومية فعالة وناجعة للدفع قدما بجعل الحق في الحصول على المعلومات واقعا عمليا من شأنه تعزيز باقي الحقوق الأساسية المكفولة بدستور المملكة.
واعتبر أن معالجة المعلومة القضائية، موضوع هذا اللقاء، جاء مؤطرا في التشريع المغربي بشكل متفرق سواء كانت مجالاته تتعلق بالمجال الزجري أو الإداري أو المالي أو المدني. وأن كسب رهان هذا الورش يستدعي، لامحالة، من الإدارة العمومية إعادة تكييف آليات اشتغالها وتحديد أدوارها وتحديث طرق عملها لتكون أكثر سرعة وشفافية وانفتاحا وأكثر فعالية في تمكين المواطنين من الولوج إلى الخدمات العمومية، عبر تحسين التواصل مع محيطها من خلال توفير وتقديم كل المعلومات الضرورية للمرتفق.
وأضاف أنه تم ، منذ إصدار القانون رقم 31.13 ، اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير تندرج ضمن خارطة طريق ممتدة عن فترة 2018-2020، شملت محاور التنظيم والتكوين والتواصل والتحسيس، وذلك ضمانا للتنزيل السليم لهذا القانون، مشددا على أن إنجاح هذا الورش الهام، يتطلب الانخراط القوي لجميع الإدارات العمومية وباقي المؤسسات التابعة لها في إعمال هذا الحق الأساسي والدستوري باعتباره مدخلا لكل إصلاح ومرتكزا لمكافحة الفساد، وكذا لما له من انعكاس مباشر في ترسيخ روح الشفافية والمساءلة في المرفق العام، والتحفيز على المشاركة في مراقبة عمل الإدارات وبالتالي دعم المشاركة في اتخاذ القرار.
أما الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة جمال الدين العلوة، فأبرز ، بدوره ، أن تنامي أهمية البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والانفتاح المتواصل للمجتمعات على بعضها البعض ، أفرادا ومؤسسات ، يجعل العالم أشبه إلى حد كبير بقرية صغيرة أصبحت اليوم واقعا ملموسا لم تعد فيها المعلومة مجالا للاحتكار أو السرية بل مجالا للانفتاح والتقاسم، باعتبارها عملية تسهم في خلق جو يتسم بالشفافية وتدعيم الديمقراطية التشاركية.
واعتبر أن التنزيل السليم للقانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة سيساهم في تعزيز إشعاع المملكة على المسويين الإقليمي والدولي في مجال الحريات العامة، والنهوض بأداء وتعزيز الثقة في علاقة الإدارة بالمتعاونين معها، فضلا عن مساهمته في تخليق الممارسات الإدارية، ضمانا للمصداقية والنزاهة في تدبير الشان العام وترسيخ مبدأ المشاركة المواطنة، بما يستلزم اتخاذ التدابير اللازمة والاجراءات الكفيلة لتنمية الوعي القانوني والإداري وجذب الاستثمار وتنشيط الاقتصاد.
وأشار إلى أن الحصول على المعلومة في جميع الميادين بات يكتسي أهمية بالغة سواء المطلوبة منها من طرف المواطنين أو من طرف الهيئات الوطنية او الدولية، مؤكدا ، في هذا السياق ، على ضرورة إعمال المنهجية الاستباقية في هذا المجال وفق مقتضيات القانون المتعلق بالحصول على المعلومة في ما يخص نشر واستباق المعلومة الذي يلزم المؤسسات المعنية في نشر الحد الأقصى منها بشكل استباقي وتلقائي حتى في حالة غياب أي طلب.

Related posts

Top