الحكومة تتعهد بدعم استقلال السلطة القضائية

التزمت الحكومة في برنامجها الذي قدمه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الأربعاء الماضي، أمام مجلسي البرلمان، بمواصلة ورش إصلاح منظومة العدالة الذي قطع تنزيله أشواطا مهمة وذلك بهدف تمكين هذه المنظومة من الاضطلاع بدورها كاملا في تعزيز النزاهة وتكريس سيادة القانون.
وتفعيلا لهذا الطموح، تتعهد الحكومة تكريسا لمبدأ فصل السلط وتوازنها وتعاونها بدعم استقلال السلطة القضائية من خلال وضع الوسائل المادية والبشرية اللازمة رهن إشارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والتنسيق مع هذا المجلس في مجال الإدارة القضائية وبرامج التكوين بما لا يتنافى واستقلال السلطة القضائية.
وبهدف تحقيق فعالية القضاء ونجاعته، يلتزم البرنامج الحكومي باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تبسيط المساطر والإجراءات القضائية وتوحيدها بما يساهم في تقليص الآجال وتسريع إجراءات البت في القضايا إلى جانب تسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم وتحسين ظروف استقبالهم عبر إحداث وبناء عدد من المحاكم الجديدة وتوسعة أخرى مع العمل على تحويل عدد من المراكز القضائية إلى محاكم ابتدائية بمجموع يصل إلى 83 بناية جديدة.
كما ستحرص الحكومة على المساهمة في تسريع وتيرة تنفيذ الأحكام القضائية بما فيها الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة وأشخاص القانون العام بالإضافة إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للمهن القانونية والقضائية بهدف مواكبة المستجدات التشريعية وتطوير فعالية أدائها خدمة للعدالة مع تحيين الإطار القانوني المنظم للوكالة القضائية للمملكة وتأهيل هذه المؤسسة لتأمين الدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء والوقاية من المنازعات على أحسن وجه.
ولتحديث الإدارة القضائية، ستعمل الحكومة بتنسيق تام بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمحاكم على اعتماد عدة تدابير بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين وتسهيل الولوج إليها والارتقاء بفعالية الأداء القضائي في أفق تحقيق “محكمة رقمية ” بالإضافة إلى دعم وتعزيز الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري في المجال القضائي لتمكين المسؤولين القضائيين والإداريين من الصلاحيات اللازمة لتقريب الخدمات القضائية من المواطنين مع العمل على دعم وإشاعة مبادئ المسؤولية والمحاسبة وترسيخ قيم الأخلاقيات المهنية بما يعزز ثقة المواطنين في منظومة العدالة .
وفي ما يتعلق بتعزيز دور القضاء في حماية الحقوق والحريات ومحاربة الجريمة، تؤكد الحكومة التزامها وتشبثها بمراجعة المنظومة التشريعية في مجالات التجريم والعقاب والإجراءات الجنائية وحماية الحريات بالإضافة إلى إحداث مرصد وطني للإجرام وبنك وطني للبصمات الجينية وتنظيم بعض المهن كالطب الشرعي مع تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة بما يكفل كرامة المواطنات والمواطنين وحماية حرياتهم فضلا عن تعزيز الحماية القانونية والمؤسسية للنساء ضحايا العنف والأطفال في وضعية صعبة أو في نزاع مع القانون وكذا الأشخاص في وضعية الإعاقة والمهاجرين الأجانب إلى جانب إقرار آليات قانونية للتعويض عن الخطأ القضائي .
وبخصوص تأهيل وتجويد المنظومة التشريعية الوطنية واستكمال تنزيل الدستور ستعمل الحكومة على مراجعة التشريعات القائمة والعمل على تحيينها وفق مقاربة جديدة من خلال إحداث لجنة عليا لتدوين وتحيين التشريعات بالتنسيق مع القطاعات المعنية بها وفق برامج سنوية ومتعددة السنوات مع العمل على ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع الالتزامات الدولية للمملكة عبر اقتراح مشاريع النصوص المغيرة للتشريعات التي لا تتوافق والاتفاقيات المذكورة بالإضافة إلى تسريع وتيرة إصدار النصوص التطبيقية للقوانين الصادرة بالجريدة الرسمية وضمان دخولها حيز التنفيذ في أقرب الآجال .
كما ستحرص الحكومة على وضع نظام معلوماتي لرقمنة مسلسل إعداد وتتبع مشاريع النصوص القانونية منذ إعدادها من طرف الوزارة المعنية إلى حين نشرها في الجريدة الرسمية .
وموازاة مع هذه الإجراءات والتدابير يلتزم البرنامج الحكومي في إطار مواصلة تنزيل إصلاح منظومة العدالة بالعمل على استكمال اعتماد القوانين التنظيمية المتعلقة بتنزيل الدستور وقوانين هيئات الحكامة والديموقراطية التشاركية المحالة على البرلمان والمتمثلة في القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين والقانون التنظيمي للإضراب والقانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وكذا القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بالإضافة إلى القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة. كما ستعمل الحكومة على استكمال إعداد القوانين المنظمة لكل من مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط وكذا على مراجعة القانون التنظيمي للأحزاب السياسية من أجل تحيين مقتضياته .
وفي إطار نفس هذا الأفق الطموح ستحرص الحكومة على إقامة علاقة تعاون بناء وتواصل مستمر مع البرلمان في إطار احترام تام لفصل السلط وتعاونها الوثيق والمثمر كما تتعهد بنسج علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون مع المعارضة خدمة للصالح العام والانفتاح على كل مبادرات تطوير علاقة الحكومة مع البرلمان والتفاعل الإيجابي مع المبادرات التشريعية والرقابية وكذا مبادرات تقييم السياسات العمومية طبقا لأحكام الدستور .
ولتقوية الأمن ودعم الاستقرار وحماية الأشخاص والممتلكات وفقا لمقاربة شمولية ومندمجة وحقوقية تتعهد الحكومة بمواصلة دعم تحديث الأجهزة الأمنية طبقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لسنة 2016 بهدف تعزيز التصدي للجريمة بمختلف مظاهرها ومحاربة الهجرة السرية والمخدرات والجريمة العابرة للحدود بالإضافة إلى تعزيز المقاربة المندمجة لمحاربة الإرهاب وشبكاته في احترام للقوانين الجاري بها العمل والتزامات المغرب الدولية مع دعم وتعزيز التنسيق بين كل المتدخلين الأمنيين ومواصلة تنفيذ الاستراتيجية الأمنية المعتمدة وفق منظور تشاركي مع كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين .
كما ستحرص الحكومة على تفعيل وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات المنتهجة منذ 2005 ودعم قدرات المصالح الأمنية على محاربة شبكات التهريب الدولي للمخدرات إلى جانب إطلاق حملات إعلامية تحسيسية وطنية للتعريف بخطورة المخدرات وخصوصا الصلبة وحبوب الهلوسة في صفوف الشباب والتعاون مع المجتمع المدني والمراكز العاملة في هذا المجال مع تعزيز التعاون الدولي في المجال الأمني .
وفي مجال صيانة حقوق وكرامة المواطن وتعزيز الحريات والمساواة يلتزم البرنامج الحكومي باعتماد سياسة مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي وتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان بدءا من سنة 2018 .
كما ستعمل الحكومة على تعزيز قيم حقوق الإنسان والمساواة والإنصاف وفق مضامين الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان بما يتلاءم مع دستور البلاد والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها بالإضافة إلى تعزيز الإطار القانوني وتطوير المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان خصوصا من خلال المصادقة على قانون جديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان يسند له اختصاصات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات وكذا الآلية الوطنية الخاصة بتتبع تنفيذ اتفاقية الأشخاص في وضعية إعاقة مع تعزيز آلية مكافحة كل أشكال التمييز وتوفير ضمانات استقلال هذه الآليات .
وستحرص الحكومة على دعم وتطوير التعاون البناء والتفاعل الإيجابي مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان واستكمال الانخراط في منظومة حقوق الإنسان الدولية والإقليمية خاصة من خلال المصادقة والانضمام إلى البروتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق العربي لحقوق الإنسان والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان إلى جانب تطوير التفاعل مع الآليات المحدثة بموجب اتفاقيات مجلس أوروبا التي انضم إليها المغرب ومواصلة جهود الدفاع عن حقوق الإنسان ومواصلة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة .

Related posts

Top