قال الدكتور يوسف الكمري، أستاذ التعليم العالي في علوم البيئة واستشاري في النوع الاجتماعي والتنمية، إن الأسر المعيشية التي تعيلها النساء تواجه سنويا خسائر في الدخل بنسبة 8 في المائة بسبب الإجهاد الحراري، ونسبة 3 في المائة بسبب الفيضانات مقارنة بالأسر المعيشية التي يعيلها الرجال.
وأكد الدكتور الكمري، العضو الاستشاري لدى العديد من الشبكات والمنظمات غير الحكومية الإقليمية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، في حوار مع جريدة بيان اليوم، (أكد) على أن الإجهاد الحراري يؤدي إلى اتساع الفجوة في الدخل بين الأسر المعيشية التي تعيلها النساء وتلك التي يعيلها الرجال بمقدار 37 مليار دو لار أمريكي سنويا، أمّا الفيضانات فتؤدي إلى اتساع الفجوة بمقدار 16مليار دو لار أمريكي في السنة الواحدة.
وشدد الدكتور الكمري على أن المرأة القروية تحافظ على الطبيعة من أجل مستقبلنا الجماعي، داعيا إلى التركيز على بناء وتعزيز القدرات لديهن في مجال التكيف مع تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وصون الأراضي لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
واعتبر الدكتور الكمري، أنه يمكن لربط برامج الحماية الاجتماعية بالخدمات الاستشارية أن يشجّع على التكيّف مع تغيّر المناخ وأن يعوض للمزارعات عن الخسائر التي يتكبّدنها.
واستطرد المتحدث نفسه: “لا بد من النهوض بالسياسات والبرامج لكي تتصدّى لمواطن ضعف نساء القرى والأرياف في مواجهة تغيّر المناخ”.
وهذا نص الحوار:
< ماذا يعني اليوم العالمي للمرأة القروية ؟
> اليوم العالمي للمرأة القروية، هو يوم حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 136/62 بتاريخ 18 دجنبر 2007 ليكون يوما عالميا للمرأة الريفية، اعترافا بما تقوم به من أدوار طلائعية وإسهامات حقيقية في سبيل تعزيز التنمية الفلاحية والزراعية، ودعم الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأوساط القروية.
لقد تم تحديد الخامس عشر (15) من أكتوبر من كل عام يوما عالميا للمرأة القروية/الريفية، وذلك بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يحتفي بدور نساء القرى في ضمان الأمن الغذائي بناء على أساليب عيش مستدامة وتقليدية.
< هل هناك تعريف خاص بالمرأة القروية ؟
> المرأة القروية أو المرأة الريفية هي عماد الحياة في القرى والأرياف والجبال والصحاري، فهي امرأة عاملة في مختلف الأوساط القروية التي تعتمد على الموارد الطبيعية والزراعة لكسب العيش اليومي.
تحافظ المرأة القروية/الريفية بناء على أدوارها التي تمارسها بشكل يومي، على الطبيعة من أجل مستقبلنا الجماعي.
< ما هي العلاقة بين المرأة القروية والأمن الغذائي ؟
> إن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ليس هو الأمر الواجب وحسب، وإنما هو كذلك عنصر حاسم في مكافحة الفقر المدقع والجوع وتغير المناخ. بحيث تعد المرأة مسؤولة عن نصف إنتاج الغذاء في العالم.
في البلدان النامية، تنتج ما يصل إلى 80 في المائة من الغذاء. لقد تعلمت النساء، كمزارعات، كيفية التعامل مع تغير المناخ والتكيف معه، على سبيل المثال، من خلال ممارسة الزراعة المستدامة في انسجام مع الطبيعة أو التحول إلى البذور المقاومة للجفاف أو استخدام تقنيات منخفضة التأثير أو إدارة التربة العضوية أو قيادة جهود إعادة التشجير وتأهيل واستصلاح الأراضي على مستوى المجتمعات المحلية.
< في نظركم، ما السر في قدرة النساء القرويات على التكيف مع التغير المناخي وتدبير قلة الموارد الطبيعية ؟
> بناء على عدة دراسات وتقارير، لطالما كانت نساء الشعوب الأصلية في واجهة المحافظة على الموارد والأوساط الطبيعية والبيئة. إذ يجلبن معارف وممارسات الأسلاف التي لا تقدر بثمن والتي تبني القدرة على الصمود في مناخ متغير.
نظرا لوجود النساء على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، فإنهن في وضع مميز يؤهلهن ليكن عوامل تغيير – للمساعدة في إيجاد طرق للتخفيف من أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري والتكيف مع آثارها على أرض الواقع.
< ما هي التبعات السوسيو-اقتصادية لأزمة المناخ على النساء القرويات ؟
> تواجه المجتمعات الريفية في جميع أنحاء العالم تحديات متزايدة ناجمة عن أزمة المناخ؛ ومع ذلك، فإن النساء هن من يعانين من وطأة هذه الآثار، بما في ذلك الخسائر المالية الكبيرة.
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في الأجل الطويل إلى زيادة اعتماد الأسر المعيشية الفقيرة على الزراعة الشديدة التأثّر بتغيّر المناخ مقارنةً بالأسر المعيشية غير الفقيرة.
إن ارتفاع متوسط درجات الحرارة في الأجل الطويل درجة (1) مئوية واحدة يسهم في ارتفاع المداخيل الزراعية للأسر المعيشية الفقيرة بنسبة 53 في المائة وإلى انخفاض مداخيلها غير الزراعية بنسبة 33 في المائة، مقارنةً بالأسر المعيشية غير الفقيرة.
وفي هذا الصدد، ممكن الوصول إلى حقائق مفصلة في تقرير المناخ غير العادل الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة سنة 2024.
< النساء القرويات والتغير المناخي في أرقام ؟
> تواجه الأسر المعيشية التي تعيلها النساء سنويا خسائر في الدخل بنسبة 8 في المائة بسبب الإجهاد الحراري ونسبة 3 في المائة بسبب الفيضانات مقارنةً بالأسر المعيشية التي يعيلها الرجال.
ويؤدي الإجهاد الحراري إلى اتساع الفجوة في الدخل بين الأسر المعيشية التي تعيلها النساء وتلك التي يعيلها الرجال بمقدار 37 مليار دو لار أمريكي سنويا، أمّا الفيضانات فتؤدي إلى اتساع الفجوة بمقدار 16مليار دو لار أمريكي في السنة الواحدة.
كما يسهم ارتفاع متوسط درجات الحرارة في الأجل الطويل بمقدار درجة (1 (مئوية واحدة في انخفاض الدخل الإجمالي للأسر المعيشية التي تعيلها النساء بنسبة 34 في المائة مقارنةً بالأسر المعيشية التي يعيلها الرجال.
< هل تراعي السياسات المناخية ظروف النساء القرويات ؟ وهل هناك تقدم محرز في هذا الشأن ؟
> لقد أشار نفس التقرير، على أن السياسات المناخية الوطنية، تكاد لا تراعي سكان القرى والأرياف ومواطن ضعفهم في مواجهة تغير المناخ.
ففي المساهمات المحددة وطنيا وخطط التكيّف الوطنية الخاصة بالبلدان الأربعة والعشرين التي جرى تحليلها في هذا القرير، تذكر النساء في 6 في المائة وحسب من الإجراءات المناخية المقترحة والبالغ عددها 1644 إجراء، ويذكر الشباب صراحة في 2 في المائة منها،
ويذكر الفقراء في أقل من 1 في المائة منها، أمّا المزارعين في المجتمعات المحلية الريفية فيشار إليهم في حدود 6في المائة منها.
لهذا تتطلب مواطن ضعف سكان الريف المتعددة الأبعاد في مواجه تغيّر المناخ إعداد سياسات وبرامج متعددة الأبعاد تتصدّى لمواطن الضعف الزراعية وغير الزراعية لسكان القرى والأرياف وتخفف من اعتماد المزارعين على استراتيجيات التصدي غير المكيفة.
< كيف يمكن النهوض بالوضع الاجتماعي للنساء القرويات ؟
> يمكن لربط برامج الحماية الاجتماعية بالخدمات الاستشارية أن تشجّع على التكيّف مع تغيّر المناخ وأن تعوّض للمزارعات عن الخسائر التي يتكبّدنها.
إن الانتفاع ببرامج المساعدة الاجتماعية القائمة على النقد يعزز امتلاك نساء القرى والأرياف للأصول الإنتاجية، ويحثّهن على استعمال مدخلات محسّنة وعلى اتّباع ممارسات زراعية محسّنة، ويتيح لهن الانعتاق من ترتيبات العمل المأجور الموسمية.
ويمكن أيضا تعزيز هذه التأثيرات الإيجابية من خلال الربط بين هذه المساعدة الاجتماعية والخدمات ا لاستشارية والدعم الإرشادي في مجال المناخ.
< بناء على خبرتكم في مجال النوع الاجتماعي والتنمية، كيف يمكن دعم المرأة القروية ؟
> المرأة القروية تحافظ على الطبيعة من أجل مستقبلنا الجماعي، وبالتالي يجب التركيز على بناء وتعزيز القدرات لديهن في مجال التكيف مع تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وصون الأراضي لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
كما يجب أن تتصدى الاجراءات المناخية الفعالة للدوافع المتنوعة التي تتسبب في إضعاف سكان القرى والأرياف في مواجهة تغير المناخ، وعلى الخصوص النساء والفتيات.
كما يجب دعم قيادة المرأة القروية وتمكينها من المشاركة في صياغة القوانين والاستراتيجيات والسياسات وبرامج جميع القضايا التي تؤثر في حياتها، وعلى المجتمع المدني أيضاُ، العمل على تزويدها بالتدريب/التكوين الذي يؤهلها لمتابعة السبل الجديدة للعيش والتكيف مع الوسائل التكنولوجية المتقدمة للتوافق مع احتياجاتها.
< في اطار جهود المجتمع المدني المحلي والجهوي كيف تسهمون في دعم النساء القرويات على مستوى جهة مراكش – اسفي ؟
> في إطار مجهودات المجتمع المدني بجهة مراكش-آسفي، يسهم مركز التنمية لجهة تانسيفت -جمعية ذات صفة المنفعة العامة منذ سنة 2006-، في تنزيل مجموعة من الأنشطة والبرامج ذات الصلة ببناء وتعزيز قدرات النساء القرويات المنخرطات في الجمعيات والتعاونيات النسوية بالجهة.
وفي هذا الصدد، عمل المركز منذ سنة 20222، على تنزيل مشاريع ممولة من طرف صندوق المنح الخضراء العالمي، بحيث نذكر منها مشروع في طور الانجاز عنوانه : *مدرسة المناخ النسائية: الحلول الجديدة والمبتكرة لتخفيف آثار تغير المناخ وزيادة قدرة المرأة على التكيف بجهة مراكش-آسفي (المغرب). ومشروع ثاني أنجز سنة 2024، حول: *تأطير ومواكبة التعاونيات النسائية الفلاحية بجهة مراكش-آسفي (المغرب) من خلال تبني حلول تعتمد على الطبيعة وأساليب الإنتاج المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية في ظل التغير المناخي والتصحر*. ومشروع ثالث أنجز سنة 2023، حول *التكيف مع تغير المناخ وادماج مقاربة النوع الاجتماعي: تأطير ومواكبة لمشاريع الجمعيات المحلية على مستوى الحوض المائي لتانسيفت بجهة مراكش-آسفي، المغرب*. ومشروع رابع أنجز سنة 2022، في موضوع: *ادماج مقاربة النوع الاجتماعي في إدارة المياه والتكيف مع التغيرات المناخية : تعزيز قدرات المجتمع المدني بجهة مراكش-آسفي*.