الدين في المدرسة

أعادت الزميلة نرجس الرغاي من (ليبراسيون)  إلى واجهة الحديث موضوع مضامين بعض الكتب الدينية  الموجهة للتلاميذ، والتي تطفح بالعديد من التجاوزات في حق ديانات سماوية أخرى، وفي حق قيم كونية مثل المساواة بين الجنسين والتسامح وغيرها. وقدمت نموذجا عن ذلك، من خلال كتيب مستورد من سوريا يحكي قصة النبي زكريا، جرى توزيعه ضمن الجوائز المسلمة لتلاميذ متفوقين في نهاية العام الدراسي، وذلك في مدرسة مغربية، فضلا على أنه مليء بالأخطاء في اللغة الفرنسية التي كتب بها.
الكتاب المدرسي بصفة عامة حظي بكثير نقاش وبحث من طرف مختصين، وأيضا من طرف منظمات تربوية وحقوقية، وجرى في مناسبات وطنية عديدة استعراض الكثير من الاختلالات، وطرحت العديد من مقترحات الإصلاح والتقويم، لكن في كل مرة تطفو على السطح حالات مثيرة تخترق مضامين المعارف التي يتم تلقينها لأطفالنا، ما يجعل الأمر موجبا لـ»مخطط استعجالي» لوحده.
وتزداد خطورة الأفكار المسربة من خلال المقررات المدرسية، عندما يتعلق الأمر بكتب التربية الإسلامية والمؤلفات ذات الصلة بتعليم الدين للأطفال والتلاميذ، حيث من الهام جدا اليوم الحرص على جعل كتب التربية الإسلامية تهتم بمبادئ وقيم العدل والمساواة وباقي حقوق الإنسان، وأيضا العناية بتربية الأطفال على التعامل مع الآخرين من المسلمين ومن معتنقي الديانات السماوية الأخرى وغيرهم، وبالتالي تعزيز قواعد الانفتاح والتفاعل مع باقي الحضارات والثقافات والمعارف.
إن من شأن هذا المنحى التربوي أن يرسخ في أذهان الأطفال أخلاقيات التعامل مع الغير، خصوصا أثناء تدريس وعرض المراحل التاريخية للدولة الإسلامية، ولدى تقديم قصص الأنبياء، ومن ثم سيجعلهم يقبلون على كل جديد في العلم ولدى الشعوب الأخرى.
أما النقل الأعمى لبعض الكتب المتداولة في بلدان مشرقية، ففي كثير من الأحيان تقدم مضامينها الدين الإسلامي بأساليب ودعامات تطفح بالترهيب والنفور، ما يؤدي إلى تكريس الخوف لدى المتلقين، وجعلهم تدريجيا يتبنون موقف المقاومة لكل جديد، وبالتالي يرتمون في منحى انعزالي لا تخفي خطورته.
تدريس الدين الإسلامي، يجب أن يعنى كذلك بالتربية على المواطنة، وبالاهتمام بالشأن العام عبر الأشكال الديمقراطية السلمية، ويجب ألا يسكت عن الانشغالات التي تحياها أجيال اليوم، وبهذا  ستساهم هذه المقررات في تشكيل التوازن النفسي للمتلقين، وستمنحهم الثقة في النفس والطمأنينة، وستبتعد بهم عن كل ما يدفعهم للإحجام والانزواء عن المجتمع.
الانزواء المذكور هو الذي يؤدي في النهاية  إلى الانقلاب عن المجتمع وعن المحيط، وتكفيره حتى، والشعور الدائم بأن «الضلالة» تتربص بالكل، ولابد من «النهي عن المنكر»، وتعرفون بقية الحكاية…
المقررات المدرسية فعلا شهدت إصلاحات ومراجعات، لكن الأمر يتطلب حرصا دائما، ويقظة مستمرة..

Top