الذكرى العشرون

تحل الذكرى العشرون لإنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهي مناسبة أخرى لتعزيز التفكير الوطني بخصوص الانتقال الديمقراطي في بلادنا. من دون شك أن آراء موجودة في الوسط الحقوقي، لا زالت توجه للمجلس الاستشاري  انتقادات تتعلق ببنيته وبأنظمته وبالتمثيلية داخله،علاوة على صلاحياته وعمله، وربما هناك من يعتقد أن المجلس لم يجب بالجرأة الكافية على أسئلة كبرى ذات صلة بماضي الانتهاكات، أو انه لا يتصدى بشكل تلقائي لما قد يحدث اليوم من انتهاكات أخرى، وغير ذلك من الانتقادات…
لكن مع ذلك، لابد من التأكيد على أن  المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان كان قد أنشئ في مرحلة خاصة من مسار المغرب،سمتها بداية مخاض الانتقال نحو بناء دولة تحترم حقوق الإنسان وتؤسس لتحول مجتمعي، مثل استثناء إقليميا ودوليا.
العودة لظرفية التأسيس هنا، مسألة جوهرية لبلورة تقييم موضوعي للحصيلة، وهذه الأخيرة، بالضرورة، تندرج ضمن ميزان القوى داخل المجتمع، وترتبط بمسيرة شعبنا وبلادنا نحو الديمقراطية.
لقد شهد المجلس مراجعة صلاحياته وتوسيعها، وارتبط الحديث عنه منذ سنوات بعمل هيئة الإنصاف والمصالحة، وخصوصا بتوصياتها التي أسند له أمر متابعة تنفيذها، ومن ثم ليس غريبا اليوم أن يتركز التقييم على إعمال توصيات الهيئة فقط.
وهنا إذا كان الجميع يتفق على  المكاسب المحققة على صعيد جبر الضرر الفردي وتعويض الضحايا،مع استمرار وجود مطالب وانتقادات أيضا على هذا المستوى، وإذا كانت برامج جبر الضرر الجماعي متواصلة في عدد من مناطق المملكة،فان الانتقادات تكاد تكون محصورة في  كشف الحقيقة في ملفات الاختطاف والاختفاء القسري، وبعض الملفات الأخرى.
ورغم كل ما ذكر، لا بد من الإشارة إلى أن المجلس مثل ،لدى إنشائه،آلية مبتكرة للانكباب على ملفات انتهاكات سنوات الرصاص، وسمح للحوار الوطني حول هذه الملفات أن يتمأسس، ويستحضر مطالب المنظمات الحقوقية والضحايا، وهذه الدينامية هي التي أوصلتنا اليوم إلى المرحلة الحالية حيث الإجماع على خيار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، والمجلس مدعو للاهتمام بأسئلتها المستجدة ، وبالتالي تطوير الدينامية نفسها إلى ما يجعلها توفق بين احترام حقوق الإنسان وإشعاع الديمقراطية وسط المجتمع،وأيضا تفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الحصيلة ايجابية ارتباطا بسياق مرحلة التأسيس،وبالأفق الذي أسست له هيئة الإنصاف والمصالحة وتقريرها الختامي، أما التحديات فهي  كبيرة اليوم،  من جهة تعزيز الدينامية وتطبيق توصيات الهيئة،و أيضا توسيع مجالات الاهتمام بقضايا الديمقراطية والتنمية.
الحصيلة أيضا تستوجب استحضار دور وانخراط كل الأطراف في الدولة في دينامية إعمال توصيات الهيئة والاستجابة لمطالب بقيت عالقة ،وليس المجلس وحده من يملك أجوبة عنها.

Top