الرفيق كمبال

غادرنا إلى دار البقاء الإعلامي السوداني عبد الواحد كمبال، ووري جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء في الرباط.
نزل الخبر…
هوت الكلمات على القلب مثل السكاكين…
يا الله…عبد الواحد مات …هل أتجرأ على الحزن، على الغضب، على البكاء ؟؟؟؟؟ الذكريات كلها تعود الآن، وكل التفاصيل والحكايات…
تحضر في البال…
تتزاحم…
تبكي…
تمرعبر مقهى «باليما» حيث عبد الواحد الحاضر في كل الزوايا، وفوق أنخاب الأحبة والرفاق والساهرين…
تصل الذكريات عند «الروبيو»، بائع الصحف وشاهد العاصمة، لتسلم عليه، وتكمل الجولة لتعبر كل أركان المدينة…
الرباط التي أحبها عبد الواحد، وسكنها وسكنته، وكان دائما يوصي أن يدفن تحت ترابها…
الرباط اليوم، بالنسبة لمئات من محبيها في السودان والبلدان العربية وبلدان الخليج، تخسر عنوانا كبيرا لها كان يمثله عبد الواحد.
عبد الواحد عرفه السياسيون والوزراء والمثقفون والفنانون والصحفيون، أحبوه، أعجبوا بمهنيته وبثقافته وبتاريخه النضالي في السودان وخارجه…
عبد الواحد أحبنا دائما، وأحب بلدنا ودافع عن قضاياه الوطنية بصدق وقناعة وكفاءة.
عبد الواحد هام بحب الرباط، وعشق بهاء الليل في مجالسها..
لم يعد عبد الواحد لوطنه السودان منذ سنوات، لكن كل من عرفه عن قرب، يعرف أن السودان وأوضاعه وتاريخه شكل اللازمة الضرورية التي تعود في كل حديث لعبد الواحد، وكان معروفا بذاكرته القوية، وبتشدده الكبير في مبادئه وفي …كرامته.
لم يقبل يوما أن يكون لاحس أحذية…
قبل أن يقعده المرض اللعين، كان يستحيل على عبد الواحد أن يبقى جامدا أو أن يغيب…
عندما نفترق، كان في كل مرة يعود إلينا بلا مسافات…
يعود امتدادا، وسؤالا عن الحال والأحوال…
وحتى عندما انحنى للوجع وللمرض الخبيث، وكنا نحاول إخفاء حقيقة المرض عنه، كان يفاجئنا بمعرفته، ويبدأ هو يخفف عنا، ويسخر من المرض، حتى أن ذلك كان يبكينا أكثر، ويجعل بعض الأصدقاء لا يقدرون أصلا على مشاهدة عبد الواحد ممدا على سرير، أو يمشي متكئا على عكازة..
واجه عبد الواحد مرضه ووجعه وقدره بشجاعة تكاد فعلا تكون غريبة..
رفيقي عبد الواحد..
زميلي، أستاذي، صديقي وأخي
لن أنسى الحكاية… كل الحكاية.
الرحمة لك، والدعاء..

Top