الرفيق محسن أوفقير في ذمة الله

انتقل إلى عفو الله صباح الثلاثاء الماضي بفاس الراحل محسن أوفقير المعتقل السياسي السابق ضمن مجموعة مناضلي حزب التقدم والاشتراكية بأزرو.
ووري جثمان الراحل بمسقط رأسه بأزرو عصر اليوم ذاته بحضور ثلة من رفاقه ومحبيه ومعارفه وأهله الذين شيعوه إلى مثواه الأخير.
يشار إلى أن الراحل كان ضمن مجموعة من الرفاق، أطلق عليها اسم “مجموعة الـ 28 بأزرو” والذين جرى اعتقالهم والحكم عليهم بخمس سنوات سجنا نافذا بين عام 1984 و1989.
وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم أصدقاء الراحل ورفاقه، بأحر التعازي والمواساة لوالدته للا يامنة، وإخوته مصطفى وخالد، وكافة أفراد أسرته وذويه، راجين من الله أن يتغمده برحمته الواسعة.

“إنا لله وإنا إليه راجعون”.

محسن أوفقير .. رحيل رفيق وصديق

تشاء الظروف ورفاق حزب التقدم والاشتراكية بأزرو يخلدون الذكرى ال 34 للافراج عنهم ، يوم السبت 18 فبراير 2023 وكان من ضمن أهداف هدا التخليد هو تجديد اللقاء بين الرفاق المعتقلين السياسيين سابقا الذين قضوا خمس سنوات سجنا نافذة بين السجن المدني بافران وسجن سيدي سعيد بمكناس في الفترة ما بين 1984 و1989 ضمن مجموعة أزرو 28 ، وكذلك للترحم على الراحلين منهم : عبد الرحمان اسمارن ( توفي سنة 2004) مصطفى بومغيت (توفي سنة 2009) ووعلي بوزيان (توفي سنة 2022) ، خاصة وأن ظروف الحياة قد فرقت بينهم ليعيش كل واحد في مدينة.. وخلال هدا اللقاء حال المرض بين عدد من الرفاق للحضور، عبد القادر السويدي ، محسن أوفقير وآخرين.

تذكرنا الغائبين وتمنينا الشفاء لمن ألم به المرض ، وسئلنا عن أحوال بعضنا البعض ،وقلنا نتمنى أن نلتقي في الذكرى ال 35 ، على أن نكون مجتمعين كلنا ، دون أن يكون بيننا غائبا أو مريضا أو شقيا أو محروما .

لم يكن القدر رحيما بنا ، والتحق رابع المجموعة بالثلاثة الذين غيبهم الموت من قبل. لم نكن نستطيع كلنا تحمل هدا النبأ المفجع الذي هوى على الرأس والقلب يوم الثلاثاء 18 أبريل 2023.

رن هاتفي ، بدا الاسم على شاشتي مكتوبا ،سرني رنين هذه المكالمة ، وفرحت بأني سأسمع صوت عزيز كنت أعلم أن المرض أنهكه ، لكن الرقم كان نفسه ، والصوت كان لشقيقه الذي لم يترك لي الفرصة وسارع بإلقاء النبأ على مسمعي :
محسن مات يا أخي مصطفى ..

صدمت ، وارتبكت وقفتي ، انحبست دموعي ، اعتقل لساني ،صمت المكان …

لم أعرف كيف أجيب ، لأن الكلمات بدت عاجزة ، وفرت مني …

أوقفت المكالمة، وأغلقت هاتفي ، وكم تمنيت لو امتلكت جناحين أطير بهما نحو مدينتنا أزرو، كي أقبل العزيز الذي رحل قبل مواراته الثرى …

احتميت بالشعر، وتذكرت الشاعر ناصيف اليازجي :

مضى الشقيق لروحي فهي موحشة وبان شطر فؤادي فهو منفطر
قد كنت أنتظر البشرى برؤيته فجاءني غير ما قد كنت أنتظر
إن كان قد فات شهد الوصل منه فقد رضيت بالصبر لكن كيف أصطبر

عزيزي محسن :

لقد لفتني الحيرة ولم أقدر على توزيع النبأ الأليم على رفاقك الذين كانوا ينتظرون أن أخبرهم بأن حالتك الصحية بدأت في التحسن ، خاصة وأنك كنت حديث جلستنا بأزرو يوم الجمعة الماضي…

مع ذلك غالبت دموعي وصدمتي وأساي، وبدأت أتصل وأجري المكالمات ، وأنعيك لرفاقنا معا.

عمتنا الصدمة جميعنا، وتناقلت الهواتف عبراتنا وشهقاتنا ، ثم انتصبت أمامنا ذكرياتنا المشتركة .

لقد كنت المحبوب بيننا ضمن المجموعة ، الهادئ في كل مراحل مسارالإعتقال ، المتعقل في ردود الفعل ، الأنيق في كل خطواتك ، محب الخير للجميع ، كثير الذكريات مع رفاقك داخل السجن وخارجه ، الخفيف على قلوب الجميع ، والحريص على معرفة أخبار كل واحد منا ، المحب للحياة على الرغم من مرضك المبكر الذي حرمك من متابعة دراستك الجامعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس ، المتفائل على الدوام بغد مشرق، الحاضر دوما في كل مناسبة حزبية أو خاصة ، تغمرنا بلطفك وابتسامتك التي توزعها علينا بحب كبير .

سنذكرك ، رفيقي العزيز دائما، أسلوبك الخاص الذي كان ينتبه له الجميع في ليالينا وأمسياتنا الثقافية خلال سنوات الاعتقال، تحكي لنا مسارك الدراسي قبل وبعد التحاقك بثانوية طارق بن زياد التي اعتقلت منها . وسنذكر أيضا علاقاتك الإنسانية التي أدركنا من خلالها طبيعة شخصيتك الأمازيغية المنحدرة من الأطلس الكبير ، وما شكلته قبائل غجدامة من وفاء للقيم الاجتماعية المغربية والتسامح والتعايش والألفة ، وكنت تجسد قوة هذه القيم كلها طيلة فترة اعتقالك مع رفاقك، وحتى عندما غادرت السجن ، وعملت في بلدية أزرو ، ظللت حريصا على تحويل كل المتناقضات التي واجهتك في الحياة ، إلى أسلوب للتعايش وقضاء حاجات الناس قدر ما تستطيع ..

لم يمهلنا مرضك الوقت لكي نفيك حقك في التعبير عن الحب الذي نكنه لك، ونحن لا نملك الآن حيث ودعناك جسدا ،إلا أن نمسك ونتمسك ونصر على روحك حاضرة بيننا ، وعلى ذكرياتنا المشتركة ، تماما مثل الرفاق الآخرين الذين رحلوا : عبد الرحمان ومصطفى وبوزيان ..

فنم قرير العين رفيقي محسن … الحاضر في القلب والبال والذكريات .

رفيقك المصطفى عديشان
عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية

Related posts

Top