السلطة والانتخابات

حث وزير الداخلية الولاة والعمال على استلهام عملهم من فحوى الخطاب الملكي، داعيا إياهم إلى تطوير عمل الإدارة الترابية والارتقاء به انسجاما مع روح الدستور الجديد، وأيضا إلى انخراطهم الكامل في إنجاح أوراش الإصلاح الكبرى التي تعرفها المملكة. إن الأدوار الموكولة لمسؤولي الإدارة الترابية في المناطق، خصوصا في منظومات العملية الانتخابية، تجعلهم عنصرا استراتيجيا وحاسما إما في حماية نزاهة الانتخابات أو في إفسادها، وبالتالي فرملة مسلسل الإصلاح برمته.
لنفتح أعيننا على ما يجري في بعض الأقاليم والعمالات، حيث العلاقات تتشابك بين عمال وولاة ورؤساء جماعات وبرلمانيين، والمصالح والمنافع تنتقل بين الأطراف، ويوم «الامتحان» كل ذي مصلحة يعمد ألا ينسى ولي النعمة، وهنا تحصل الكوارث.
لننصت إلى أحاديث الناس وحكاياتهم المتداولة في مجالس الحديث عن «منتخبين» كانوا معدمين وباتوا اليوم من كبار الأثرياء، وعن رجال سلطة صاروا من كبار الملاك في المناطق التي عملوا فيها…
الناس يوردون أسماء هؤلاء وصفاتهم ويستعرضون تاريخهم الشخصي والعائلي والوظيفي، وليست كل الحكايات خاطئة أو متحاملة.
وعندما يطالب فاعلون سياسيون اليوم بإجراء تغييرات في سلك رجال السلطة بالعمالات والأقاليم، فلأن منظومة انتفاعية وعلائقية تتشكل في المناطق، وهي قادرة على هزم القوانين والمراسم والتعليمات، والانتصار فقط لمصالحها ولكائناتها الطيعة.
المناخ السياسي السليم الذي شدد عليه جلالة الملك في خطاب العرش، يوجد أيضا في بعث إشارات التغيير هنا والآن، حتى يحس الناس أن المملكة تسير نحو زمن مختلف، ونحو…نبل السياسة.
عندما تجري مراجعات على قانون الأحزاب، ويعتمد قانون لمراقبة الانتخابات يتيح الملاحظة المدنية المستقلة المغربية والأجنبية لسير الاستحقاقات، وعندما يقع التنصيص على محورية دور الأحزاب، فكل هذا يندرج في سياق تأهيل الحقل السياسي والانتخابي ببلادنا، وهو التأهيل الذي سيكون بلا معنى ما لم تنخرط فيه الإدارة الترابية وطنيا وأيضا محليا وفي الجهات..
لقد جاء خطاب العرش واضحا وحاسما في توجهات واختيارات المرحلة القادمة، وعندما نرى اليوم من يحاول الخروج من الجحور ليبحث عن مفردات لاستمرار الفساد ولإدامة المنظومة الفاسدة التي تشكلت في عدد من الأقاليم، فإننا ندرك بسرعة أن هناك بيننا من يحاول إيقاف الدينامية التي انبعثت من اختيارات الخطاب الملكي ومن توجيهاته.
إن إعداد السياق السياسي الوطني المساعد على جعل الانتخابات المقبلة مختلفة، هو مسؤولية الجميع، والسعي للالتفاف عليه اليوم معناه الوقوف ضد إرادة ملك وشعب.
[email protected]

Top