أكدت منظمة الصحة العالمية، مؤخرا، أن اللقاحات المتاحة والمعتمدة حاليا فعالة ضد “كل متحورات فيروس” كورونا، لكنها دعت في الوقت نفسه إلى مواصلة التحرك “بحذر” في مواجهة “كوفيد-19” في وقت تخفف دول عدة إجراءات الحجر التي فرضتها للحد من الوباء.
وردا على سؤال عن فعالية لقاح أسترازينيكا (AstraZeneca) على المتحور الذي رصد للمرة الأولى في جنوب أفريقيا، قالت منظمة الصحة إنه يقلل من الحالات الشديدة لـ “كوفيد-19”.
ومع أن الوضع الصحي في أوروبا يتحسن، فإن مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة هانز كلوغه أكد أنه ما زال يجب تجنب السفر الدولي “في مواجهة تهديد مستمر وشكوك جديدة” خصوصا تلك المرتبطة بالنسخة الجديدة من الفيروس التي اكتشفت في الهند وانتشرت بدول أخرى.
وقالت كاثرين سمولوود مسؤولة الطوارئ في “الصحة العالمية” بأوروبا “الوباء لم ينته بعد”.
وشددت المنظمة في مذكرة نشرت على موقعها الإلكتروني على وجوب “مراقبة تطور المتحورات بين السكان واتخاذ الإجراءات الأكثر ملاءمة لاحتوائها والسيطرة عليها. هذا هو المفتاح لمنعها من الخروج عن السيطرة”.
وتأتي هاته التأكيدات متزامنة مع انعقاد الجمعية الرابعة والسبعون لمنظمة الصحة (من 24 ماي الى 1 يونيو) افتراضيا لتسريع عمليات التلقيح في الدول الفقيرة المتأخرة جدا، من أجل وقف الوباء الذي لا يزال منتشرا في العالم، وإنهاض الاقتصاد العالمي.
ويعرض رؤساء الدول والحكومات والامم المتحدة خلال الاجتماع أفكارهم لوقف تفشي كوفيد-19 والاستعداد لمواجهة الأوبئة الاخرى مستقبلا وتقاسم اللقاحات وصولا إلى المعاهدة حول الأوبئة.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لدى افتتاح النقاشات أن “العالم في حرب ضد فيروس. نحتاج إلى المنطق والعجلة اللذين يمليهما اقتصاد الحرب لتعزيز إمكانيات أسلحتنا”.
التحدي الكبير في هذه الجمعية التي وصفها مدير منظمة الصحة تيدروس ادهانوم غيبريسوس بانها إحدى أهم الجمعيات في تاريخ منظمة الصحة العالمية”، هو إصلاح المنظمة وقدرتها على تنسيق الاستجابة لأزمات صحية عالمية ومنع انتشار أوبئة في المستقبل.
وخلال الجمعية ستقرر الدول ما اذا كانت ستطلق مفاوضات حول معاهدة دولية بشأن الأوبئة تهدف إلى مواجهة الأزمات المستقبلية بشكل أفضل وتجنب الأنانية التي ظهرت مع كوفيد-19.
وبدلا من أن تؤدي الأزمة إلى موجة من التضامن، زادت من التوترات كما أظهر التفاوت في حملات التلقيح التي وصفها مدير عام المنظمة بـ”المعيبة” مطالبا بان يتم تطعيم 10% على الأقل من سكان كل بلد بحلول شتنبر ودجنبر و30% على الأقل قبل نهاية العام.
رصد فيروس كورونا لدى الكلاب
وكشفت دراسة أنه تم رصد نوع جديد من فيروس كورونا، يعتقد أنه نشأ لدى الكلاب، بين مرضى دخلوا المستشفى للعلاج جراء التعرض لالتهاب رئوي عامي 2017 و2018. وربما يكون، في حالة التأكد من ذلك، ثامن نوع فريد من فيروس كورونا يعرف أنه يسبب المرض لدى البشر.
وقال الباحثون الذين أعدوا الدراسة التي نشرت في دورية الأمراض المعدية السريرية -ونقلتها رويترز إن نتائجهم تلقي الضوء على التهديد الذي تشكله فيروسات كورونا في الحيوانات على الصحة العامة.
وذكروا أنهم فحصوا عينات مسحة أنف مأخوذة من 301 مريض بالالتهاب الرئوي في مستشفى بولاية ساراواك شرق ماليزيا. وتبين أن 8 عينات، معظمها لأطفال تقل أعمارهم عن 5 أعوام، كانت إيجابية وتحمل فيروس كورونا الموجود في الكلاب.
وقال معدو الدراسة إن النتائج تشير إلى أن الفيروس انتقل على الأرجح، الآونة الأخيرة، من الحيوانات إلى البشر، لكنهم شددوا على الحاجة لإجراء مزيد من الدراسات لتحديد ما إذا كان من الممكن أن ينتقل بين البشر.
وأضافوا أنه لم يتضح أيضا ما إذا كان الفيروس يتسبب في إصابة الناس بالمرض، مشيرين إلى أنه من المحتمل أن يكون “موجودا” في الشعب الهوائية للمرضى دون أن يسبب مشاكل صحية.
وتوجد 7 أنواع معروفة من فيروس كورونا تسبب أمراضا للإنسان، 4 منها تسبب نزلات البرد العادية و3 تسبب أمراض “سارس” (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد SARS) و”ميرس” (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS-CoV) وكذلك “كوفيد-19”.
السلالة البرازيلية.. الأشرس
على الأطفال
يعتقد الخبراء أن المستشفيات المكتظة بالبرازيل، والوصول غير المتكافئ لمرافق الرعاية الصحية، من بين الأسباب التي جعلت الرضع والصغار أكثر عُرضة لعدوى “كوفيد-19”.
في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قالت الكاتبة آنا إيونوفا إن “كوفيد-19” اجتاحت البرازيل بشكل كبير ومقلق. واتخذت، الفترة الأخيرة، منحى جديدا حير العلماء، حيث ارتفعت وفيات الرضع والصغار بشكل غير عادي بسبب فيروس كورونا.
ووفقا لوزارة الصحة، توفي 832 طفلا في سن الخامسة أو أقل بسبب الفيروس منذ بداية الجائحة. وتعد البيانات القابلة للمقارنة نادرة لأن البلدان تتعقب تأثير الفيروس بشكل مختلف. ففي الولايات المتحدة، الأكثر سكانا من البرازيل يرتفع فيها عدد وفيات “كوفيد-19” منهم حوالي 139 طفلا في سن الرابعة ودونه.
في هذا الشأن، قالت الدكتورة فاطمة مارينيو، عالمة الأوبئة في جامعة ساو باولو، إن العدد الرسمي لوفيات الأطفال في البلاد ربما يكون أعلى بكثير من المعلن عنه باعتبار أن الافتقار إلى الاختبارات على نطاق واسع يحول دون تشخيص العديد من الحالات الإيجابية.
وبحسب تقديرات مارينيو، التي تقود دراسة حول إحصاء عدد الوفيات بين الأطفال بناء على كل من الحالات المشتبه بها والمؤكدة، لقي أكثر من 2200 طفل دون سن الخامسة حتفهم منذ بداية الجائحة، بما في ذلك أكثر من 1600 طفل في أقل من عام.وتؤكد الدكتورة مارينيو أن فيروس كورونا المستجد بات يؤثر بشكل كبير على الأطفال في البرازيل حسب الأرقام، مشيرة إلى أنه لم يشهد مثل هذا في أي مكان آخر في العالم.
من جهتهم، يتفق الخبراء في البرازيل وأوروبا والولايات المتحدة على أن عدد وفيات الأطفال جراء “كوفيد-19” في البرازيل يبدو مرتفعا بشكل خاص.
وصرح الدكتور شون أوليري، نائب رئيس لجنة الأمراض المعدية بالأكاديمية الأميركية لطب الأطفال وأخصائي أمراض الأطفال المعدية بجامعة كولورادو أنشوتز، أن هذا العدد يُعتبر مفاجئا وأعلى بكثير مما نراه في الولايات المتحدة.
ولا يوجد دليل متاح على تأثير السلالات المتحورة للفيروس، التي يقول العلماء إنها تؤدي إلى الإصابة بحالات أكثر خطورة لدى الشباب والبالغين الأصحاء، وتؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات الرضع والأطفال بالبرازيل.
في المقابل، أشار الخبراء إلى أن السلالة البرازيلية المتحورة -التي انتشرت على نطاق واسع في البرازيل- أدت إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين الحوامل.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أندريه ريكاردو ريباس فريتاس، عالم الأوبئة في كلية ساو ليوبولدو مانديك في كامبيناس، الذي قاد دراسة حديثة حول تأثير السلالات المتحورة، إن بعض المصابات بـ “كوفيد-19” يلدن أطفالًا ميتين أو في وقت سابق لأوانه، من الذين يكونون مصابين بالفعل بالفيروس.
في هذا الإطار، صرح الدكتور ريباس فريتاس قائلا “يمكننا أن نؤكد بالفعل أن السلالة البرازيلية تؤثر بشكل كبير على الحوامل”.
وتابع “في الكثير من الأحيان، إذا كانت الحامل مصابة بالفيروس، فقد لا ينجو الطفل أو قد يموت كلاهما”.
وبحسب الخبراء، ربما يكون عدم توفر الرعاية الصحية المناسبة في الوقت المناسب للأطفال، بمجرد إصابتهم بالمرض، السبب في ارتفاع عدد الوفيات في صفوفهم.
في المقابل، يوضح الخبراء في الولايات المتحدة وأوروبا أن “العلاج المبكر كان عاملا أساسيا في تعافي الأطفال المصابين بالفيروس”.
من جهتها، قالت الدكتورة مارينيو إن المستشفيات المكتظة بالمرضى في البرازيل سببت تأخر تأكيد إصابة الأطفال بالعدوى في الكثير من الأحيان. وأوضحت أنه “في الغالب، لا يتم إجراء اختبارات للأطفال حيث يجري إرسالهم للمنزل. وعندما يعودون في حالة سيئة حقا، يشتبه الأطباء آنذاك بإصابتهم بـ “كوفيد-19”.
وتوضح الدكتورة لارا شيكرديميان، رئيسة قسم الطوارئ بمستشفى الأطفال في تكساس، أن معدل وفيات الأطفال الذين يصابون بـ”كوفيد-19″ لا يزال منخفضا للغاية، لكن الأطفال الذين يعيشون في البلدان التي تقل فيها مستويات الرعاية الطبية معرضون لخطر أكبر.
وتقول “الطفل الذي يحتاج إلى القليل من الأكسجين حاليا قد يكون بحاجة إلى جهاز تنفس صناعي بعد أسبوع إذا لم يحصل على الأكسجين والستيرويد في وقت مبكر من الإصابة. لذا فإن الطفل الذي يدخل المستشفى بحالة غير خطيرة قد تتطور حالته إذا تأخر حصوله على الرعاية اللازمة”.
وقد وجدت دراسة نشرت بمجلة “أمراض الأطفال المعدية” (Pediatric Infectious Disease) في يناير الماضي، أن أطفال البرازيل و4 دول أخرى بأميركا اللاتينية عانوا من حالات أكثر حدة من “كوفيد-19” ومتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال، مقارنة بأطفال الصين وأوروبا وأميركا الشمالية.