الطاس.. أبيض البيضاء

انتظر عشاق فريق الاتحاد البيضاوي 72 سنة كاملة ليحتضنوا أول لقب في تاريخ هذا الفريق العريق، مدة طويلة جدا لا تعكس أبدا قيمته أو عطاءه، ولا مستوى اللاعبين الذين أنجبهم وساهم في بروزهم على الصعيد الوطني.
شكل فريق الحي المحمدي، والذي يعرف اختصارا بالطاس مدرسة حقيقية، بقميصه الأبيض، وطريقته في اللعب التي تشد الناظرين، نافس بقوة ولسنوات طويلة قطبي العاصمة الاقتصادية الوداد والرجاء، وهو لا يقل عراقة أو قاعدة جماهيرية أو مواهب متعددة، وله خصوصية في طريقة اللعب على غرار “واقعية” الوداد و”فرجة” الرجاء، حيث كان للاتحاد البيضاوي أسلوب خاصة به يجمع بين جمالية الأداء والانصهار في قالب جماعي يجمع بين الميزتين.
فريق تأسس على الوطنية، ومن مكارم الصدف أن أول تتويج في تاريخه الطويل كان يوم 18 نونبر، أي يوم عيد الاستقلال، مع ما يحمله من رمزية ودلالات عميقة، فأول شرارة للمقاومة انطلقت من الحي المحمدي، لتمتد إلى باقي المدن على الصعيد الوطني، ليساهم مجموعة من الوطنيين في تأسيس فريق لكرة القدم كواجهة لتعميق الوعي الوطني، واستحضار أهمية المقاومة ورفض استمرار عهد الحماية.
في عز الفرحة ونشوة الفوز، استحضر كبار السن التاريخ العريق لفريقهم كما تذكروا بكثير من الافتخار أسماء كبيرة ارتدت القميص الأبيض، الكثير منهم أنجبتهم مدرسة الطاس، كما أن هناك لاعبين متميزين انتموا للفريق في سن مبكرة بعد أن رصدتهم أعين تقنية ثاقبة، شكلت خلية دائمة مهمتها البحث عن المواهب بجل الأحياء ومن خلال تنظيم دوريات خاصة بالأحياء في فصل الصيف.
لا يمكن الحديث عن الطاس دون إبراز عطاءات رجل استثنائي بكل المقاييس وهب حبه وحياته للفريق الأبيض، العربي الزاولي لعب ودرب وسير على امتداد عشرات السنين، وحتى هو على فراش المرض، كان يتابع كل تفاصيل صغيرة كانت أم كبيرة، شكل بالفعل قلعة حقيقية، ضحى بكل شيء خلال حياته من أجل مجد الفريق الثالث بالعاصمة الاقتصادية.
الفوز بكأس العرش، شكل مناسبة عظيمة أحيت الكثير من الذكريات الجميلة، وعرفت الجيل الحالي بتاريخ وعراقة هذا الفريق المرجعي، وهذا يحسب حقيقة للمسيرين الحاليين الذين آمنوا في قدراتهم، وذهبوا إلى أبعد حد في إمكانية عودة الاتحاد البيضاوي للواجهة مرة أخرى، إلا أن الأهم من كل هذا ضمان الاستمرارية المطلوبة، والبحث عن إمكانية العودة لحظيرة الكبار وهو المكان الطبيعي لهذا الفريق.
نعم بالدار البيضاء هناك لونان طاغيان، الأحمر الودادي والأخضر الرجاوي، لكن للبيضاء لون آخر ألا وهو الأبيض الطاساوي، بكل ما يحمله من معاني السلام والهدوء والتصالح مع الذات والآخرين …

محمد الروحلي

Related posts

Top