العالم ضد العقيد المجنون

بصدور قرار مجلس الأمن الدولي 1973 مساء أول أمس الخميس، يكون المجتمع الدولي، قد انتقل من مرحلة التردد إلى مرحلة الحسم في مسألة التدخل العسكري في ليبيا، وبالتالي تكون القضية الليبية قد دخلت فعلا مرحلة جديدة. كان المأمول أن تحقق الانتفاضة الشعبية الليبية انتصارها من دون القوة العسكرية الغربية، على غرار ثورتي تونس ومصر، لكن اختلاف السياقات والبنيات المجتمعية، وعناد حاكم دموي مجنون، حول إيقاع الأحداث، وبات الوضع مفتوحا اليوم على كل شيء.
قبيل صدور قرار مجلس الأمن، لم يتردد القذافي في شتم سكان بنغازي وتهديدهم بقصف مدينتهم بالطائرات، كما هدد باستهداف الملاحة الجوية والبحرية، المدنية والعسكرية، في منطقة المتوسط، ردا على أي عمل عسكري أجنبي ضده، وأعلن أنه سيقصف بنغازي في ليل الخميس مستبقا صدور قرار مجلس الأمن، لكن بعد القرار الدولي الذي استخفت السلطات الليبية به، واعتبرت أنه لا يساوي قيمة الورق الذي كتب عليه، عادت لتؤكد أنها مستعدة لوقف إطلاق النار شريطة بحث «طرق تنفيذ ذلك مع طرف محدد»، وكل هذه المعطيات تفيد أن نظام العقيد يسير نحو الانهيار فعلا.
لقد علقت جامعة الدول العربية عضوية نظام القذافي فيها، وفتحت قنوات اتصال مع المجلس الوطني المعارض، ونفس الأمر حصل على مستوى الأمم المتحدة وعديد مؤسسات دولية أخرى، وقد دعت عواصم كثيرة عبر العالم العقيد الديكتاتور للرحيل عن الحكم، واليوم بصدور قرار مجلس الأمن يكتمل الطوق، خاصة أن الأخبار تفيد بمشاركة دول عربية في تنفيذ القرار الأممي، وكل هذا يبين أن النظام الدموي في ليبيا حقق إجماعا دوليا حول رفضه ومطالبته بالرحيل، وهو ما يضاف إلى الغضب الشعبي الداخلي، والى انفضاض العديد من أركان النظام ومريديه من حول العقيد الذي يدرك أن نظامه يتفتت يوما عن يوم، ولذلك فهو مستعد لفعل أي شيء، ومن هنا تبرز الخطورة أيضا على المحيط الإقليمي لليبيا.
إن تهديدات القذافي، وإن كانت تصدر اليوم عن نظام يحتضر، فهي تستدعي يقظة إقليمية ودولية لحماية استقرار وأمن المنطقة المتوسطية، وبذات القوة لا بد من التشديد على عدم تكرار السيناريو العراقي جراء التدخل الأجنبي، وأيضا حماية ليبيا من السيناريو الصومالي، وبالتالي توجيه قرار مجلس الأمن، طبقا لمنطوقه، إلى حماية المدنيين، ومنع نظام القذافي من قصف بنغازي وباقي المناطق وعموم الشعب بالطائرات، والعمل على وقف النار والمجازر المرتكبة في حق السكان.
من دون شك سيشهد الوضع في ليبيا في الأيام والساعات المقبلة تغيرات على الأرض وفي الحسابات المحلية والدولية، لكن الأساسي أن ينجح الشعب الليبي في تحقيق أهدافه واستعادة حريته وأمنه واستقراره في إطار السيادة والوحدة الترابية للبلاد.

[email protected]

Top