لقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية انطلاقا من قناعتها بكون العدالة الاجتماعية مبدأ أساسيا وجوهريا من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم وفيما بينها.
إن العدالة الاجتماعية نظام سوسيو اقتصادي بهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية بين كل مكونات المجتمع حيث تسود العدالة في كافة مناهج الحياة بدلا من اقتصارها على عدالة القانون فقط.
وتعني العدالة الاجتماعية اتباع سياسة توزيع مناسبة لشروط المواطنين بشكل يشعر المواطن أن هناك عدالة اجتماعية حقيقية في سياسة الحكومة، وتوفير فرص العمل والتعليم والصحة والسكن اللائق والخدمات الأساسية دون تمييز. فالعدالة الاجتماعية مطلب فطري في النفس البشرية، إن غابت تشتعل الفتن والحروب والثورات الاجتماعية. وقد ظلت العدالة الاجتماعية هاجسا للعديد من الحركات الاجتماعية المطالبة بالمساواة ومنع التمييز أملا في الوصول إلى عولمة عادلة.. والعدالة الاجتماعية تعتبر صمام الأمان في المجتمع من خلال التوزيع العادل للثروة والمناصب.
إن السير في طريق العدالة الاجتماعية ولا سيما في القضاء على الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي والأمية وتوفير فرص العلاج والسكن اللائق والعيش الكريم، يقتضي تقليص الفوارق الاجتماعية وعدم التمييز وإقرار حقوق الإنسان.
إن من شأن العدالة الاجتماعية أن تأخذ بعدا جديدا في ظل العصر الرقمي والاقتصاد الجديد القائم على التكنولوجيا التي أخدت تخترق قطاعات الاقتصاد لتحقيق التنمية المستدامة وتقليص مستويات الفقر والتفاوت الطبقي وتوفير العمل وصولا للرفاه الاجتماعي المنشود بتعزيز العدالة الاجتماعية للجميع. فتغيير الواقع الاجتماعي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال سيادة القانون وقيم العدالة الاجتماعية لإرساء القواعد الأساسية لعمليات التغيير ولتحقيق التنمية الشاملة.
مع الأسف, لازال مفهوم العدالة الاجتماعية شعارا مبهما لدى حكومتنا الحالية وأحزابنا وتنظيماتنا النقابية. فلا كرامة إنسانية في غياب العدالة الاجتماعية.
إن تحقيق العدالة الاجتماعية يقتضي تمكين المواطنين من التمتع بحقوقهم الاقتصادية والبيئية والحريات المتكافئة. فالعدالة الاجتماعية استحقاق أساسي للإنسان نابع من جدارته كإنسان بالتمتع بكافة حقوقه المشروعة.
فعدم المساواة تمنع المواطنين من تحقيق إمكاناتهم بصفة كاملة وتؤثر على الاقتصاد.
إن الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية يجب أن يذكر الجميع بأن الحكومة الحالية ملزمة بجعل القضاء على الفقر والبطالة إحدى اولوياتها إضافة إلى تعزيز العدالة والمساواة والديمقراطية والشفافية في اتخاذ الإجراءات والقرارات الحاسمة.
لقد حان الوقت اليوم لتقليص الفوارق الاجتماعية التي تعمقت أكثر مع جائحة كورونا. فالاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية هو فرصة لتذكير الحكومة الحالية التي يترأسها حزب الحمامة بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها خلال الانتخابات السابقة خاصة تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية في ظروف تعاني فيها أغلبية المواطنين من الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الأساسية والمحروقات.
بقلم: خليل البخاري
أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا