تشهد أسعار الخضر في الفترة الأخيرة ارتفاعا متتاليا في الأسواق، وتتزايد، جراء ذلك،  شكاوى المواطنين خصوصا من ذوي الدخل المحدود. غلاء الخضر والفواكه، بالإضافة إلى أنه تزامن هذه الأيام  مع الدخول المدرسي، وأيضا بعد أسابيع قليلة عن انتهاء شهر رمضان وعيد الفطر وموسم الصيف والعطلة، وهذه كلها (استحقاقات)  كانت تعني لدى الأسر مصاريف وتحملات إضافية، (بالإضافة إلى كل هذا)  فإن موجة الغلاء هذه، عمت أيضا مجالات أخرى ومواد عديدة.
وحيث أن السوق في الدار البيضاء يحدد في العادة الأسعار في باقي المناطق، فإن البعض بدأ يروج  وسط الناس أن ارتفاع أسعار الخضر مرده الإجراءات الجديدة المتخذة في سوق الجملة للخضر والفواكه، كما أن لوبيات أخرى تسعى لإقناع الجميع أن مدونة السير الجديدة هي السبب، من حيث تعاملها بصرامة مع حمولة الشاحنات، ما يدفع الناقلين إلى الزيادة في الكلفة لتعويض الخسارة، وبالتالي فهذا يدفع التجار بدورهم إلى رفع سعر البيع انسجاما مع الكلفة الجديدة…
بالنسبة للمواطنين ليس مهما البحث في الأسباب وتحليلها، إنما الأساسي أنهم يتحملون وحدهم في نهاية المطاف عواقب كل هذه الزيادات الجنونية، وينعكس ذلك على ميزانياتهم الضعيفة أصلا، وعلى أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية.
وحتى إذا اتفق المحللون أو السلطات على أن دفوعات التجار الواردة أعلاه لا تبرر ارتفاع الأسعار، فإن الواقع لا يرتفع، ومن الوارد أن تتعبأ لوبيات الريع والفساد لابتداع مثل هذه الحيل لمحاصرة تنفيذ القوانين، أو لوقف كل إجراء يروم محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين ، وبالتالي  التمكن في النهاية من جعل الناس مقتنعين بضرورة رفض تطبيق القانون والتعايش مع الفساد، وربما التحرك للدفاع عنه وعن رموزه،  وهنا مكمن الخطورة.
إن رهان مدونة السير اليوم يكمن في الإصرار على تطبيق أحكامها على أرض الواقع، ومحاربة الرشوة على الطرقات، ومواصلة تنفيذ  وإنجاح باقي الأوراش ذات الصلة.
ومن جهة ثانية، فإن تنظيم السوق ومحاربة الريع سواء في قطاعات النقل والتجارة الداخلية وأسواق الجملة والبيع بالتقسيط، والحرص على حماية القدرة الشرائية للمواطنين، والضرب بقوة على أيدي المضاربين والسماسرة ورموز الفساد والمنتفعين من وراء عرق فقراء شعبنا، كل هذه الملفات تلخص المطلب الشعبي الملح لفرض القانون في المجال الاقتصادي، وبالتالي لجعل المواطنين يثقون في دولتهم وفي القانون.
هنا أيضا من اللازم أن تبرز دولة القانون.