الفلاحة المغربية بين رهان الاستدامة وتحديات التغيرات المناخية

بهدف تطوير فلاحة مستدامة وأكثر مرونة، تسعى وزارة الفلاحة إلى مواصلة وتعزيز مجهوداتها في إطار الاستراتيجية الجديدة “الجيل الأخضر2020-2030″، وذلك من خلال مجموعة من التدابير الهادفة على الخصوص إلى تحسين النجاعة المائية عبر مواصلة برامج الري والتهيئة الفلاحية وكذا تعبئة الموارد المائية غير التقليدية؛ وتشجيع استخدام الطاقات المتجددة في القطاع الفلاحي (الطاقة الحيوية، الطاقة الشمسية،…) وتشجيع تحول الفلاحين لاستعمال هذه الطاقات؛ مواصلة برامج غرس الأشجار بما في ذلك الأصناف الأكثر ملاءمة للمناطق القاحلة؛ تنمية الزراعة البيولوجية؛ تعزيز ونشر التقنيات المحافظة على التربة؛ مواصلة برنامج التأمين الفلاحي؛ اعتماد ونشر التكنولوجيا الخضراء وتطوير الرقمنة الفلاحية، ومواصلة تعبئة التمويلات المناخية لدى المانحين المتخصصين في تمويل المناخ، خاصة من خلال ولوج وكالة التنمية الفلاحية للموارد المالية لصندوق المناخ الأخضر وصندوق التكيف.
فاستراتيجية « الجيل الأخضر 2020 – 2030 » تم استلهامها من التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتي تروم إطلاق جيل جديد من المخططات الاستراتيجية القطاعية. وتندرج هذه الرؤية الجديدة للقطاع الفلاحي، التي تجمع بين الطموح الكبير والعقلانية وقابلية التحقيق، في إطار الالتقائية مع باقي الأوراش المهيكلة التي أطلقها صاحب الجلالة. وفي هذا السياق، يتجلى التكامل بين البرامج سواء المخطط الوطني للماء، وبرنامج دعم وتمويل المقاولات، أو خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني، وتعتبر استراتيجية « الجيل الأخضر 2020 – 2030 » ثمرة لمجموع مكتسبات مخطط المغرب الأخضر، الذي حقق نتائج لافتة من حيث نمو واستدامة القطاع الفلاحي. وشكل هذا الأخير موضوع تقييم دقيق أنجز بمساهمة التنظيمات الفلاحية البيمهنية والغرف الفلاحية الجهوية. ومكن فحص المكتسبات المحققة منذ 2008، سواء على مستوى سلاسل الإنتاج أو الجهات أو الأوراش الأفقية، من إظهار جوانب التطوير التي ستمكن من الارتقاء بالتنمية الفلاحية إلى مستوى جديد حيث تضع استراتيجية « الجيل الأخضر 2020 – 2030 »، كما يشير إلى ذلك الاسم الذي أطلق عليها، العنصر البشري في صلب اهتماماتها، وتهدف إلى تقوية الطبقة الوسطى الفلاحية وضمان استقرارها وتشكل استدامة التنمية الفلاحية الركيزة الثانية لهذه الرؤية التي تسعى إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام الفلاحي والصادرات. لتحقيق هذا الطموح، الذي يستند على مقاربة مقاولاتية، تمكين الفاعلين في القطاع من مسؤولية أكبر ومزيد من الاستقلالية من أجل تدبير فعال للموارد العمومية.
وكانت قد ارتفعت صادرات الأغذية المغربية إلى المملكة المتحدة بنسبة 40% تقريبا بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي حيث ارتفعت الصادرات الغذائية المغربية إلى المملكة المتحدة بنحو 40% منذ يناير 2021، 80% من هذه الصادرات هي الطماطم و الحمضيات حيث تستورد المملكة المتحدة حاليا 25% من احتياجاتها من الطماطم من المغرب فقد تجاوزت الخضروات والفواكه القادمة من المغرب حاجز الـ 4 مليارات درهم بينما يشتري المغرب في الوقت نفسه الحبوب من المملكة المتحدة بقيمة 300 مليون درهم . واستمرت الصادرات المغربية من البطيخ و الخيار إلى المملكة المتحدة في الزيادة خلال العام الماضي كما أنه في أكتوبر 2019 وقع البلدان اتفاقية شراكة بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2021 وبموجب هذه الاتفاق الثنائي تعهدت كل من المملكة المغربية و بريطانيا بالحفاظ على العلاقات التجارية و توطيدها وزيادة حجم التجارة الثنائية.
اليوم المغرب يسجل آفاق جيدة للزراعات الربيعية، والقطيع في حالة صحة جيدة، كما يسجل برنامج توزيع الزراعات الربيعية زيادة بنسبة 20٪ في المساحة مقارنة بإنجازات الموسم السابق، في الوقت الذي بلغت نسبة توزيع الخضروات الربيعية المسقية 62٪ من البرنامج المرتقب بينما أدى تحسن الظروف المناخية منذ بداية شهر مارس مع عودة التساقطات المطرية الجيدة إلى تغيير إيجابي في تطور الموسم الفلاحي وخلق ظروف ملائمة لموسم ربيعي جيد. وهكذا، تميزت الفترة من 1 مارس إلى 22 أبريل 2022 بتوزيع جهوي جيد للأمطار وبمعدل تراكمي وطني للتساقطات المطرية خلال هذه الفترة بحوالي 102 ملم، أي بزيادة قدرها 44٪ مقارنة بمتوسط ​​30 عاما (71 ملم) و90٪ مقارنة بالموسم السابق في نفس التاريخ (54 ملم).

التساقطات المطرية تنقذ الزراعات الخريفية

مكنت هذه الأمطار من تدارك الوضع بخصوص الزراعات الخريفية، لا سيما الحبوب بالمناطق البورية المواتية، أي الجزء الشمالي من البلاد من الشاوية العليا والدار البيضاء والرباط وفاس مكناس واللوكوس والجبال. كما مكنت هذه التساقطات من تغيير الغطاء النباتي وموفورات العلف للمراعي بشكل تام.
القطيع محصن وفي حالة صحية جيدة. وقد مكنت الأمطار من تحسين وضعية قطاع تربية الماشية الذي استفاد من الدعم المباشر لفائدة مربي الماشية، من خلال توزيع العلف المدعم على المربين، وتوريد الماشية والحملات الوقائية للعلاج والتلقيح، بفضل تنفيذ المحور المتعلق بحماية الثروة الحيوانية، والذي يعد جزءا من برنامج التخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية الذي تم إطلاقه في فبراير وفقا للتعليمات الملكية السامية، وقد كان للتساقطات المطرية في شهري مارس وأبريل أثر إيجابي على معظم الأشجار التي توجد في مرحلة الإزهار والتي تعتبر مرحلة حساسة وحاسمة لإنتاج هذه الأنواع. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالورديات والحوامض وأشجار الزيتون والنخيل، ويستغل الفلاحون الظروف المناخية التي أصبحت مواتية لتدارك توزيع الزراعات الخريفية التي تضررت بسبب النقص الكبير في تساقط الأمطار الذي ميز هذا الموسم في نهاية فبراير.

البرنامج الوطني للزراعات الربيعية

توفر الأمطار المسجلة آفاقا جيدة للزراعات الربيعية. وقد تزامنت عودة التساقطات المطرية مع المرحلة المواتية لتوزيع هذه الزراعات، خاصة الحمص وذرة الحبوب وعباد الشمس وزراعة الخضروات الربيعية، وتبلغ المساحة الإجمالية المبرمجة للزراعات الربيعية في المناطق البورية، باستثناء الخضروات، خلال هذا الموسم، حوالي 272.000 هكتار، مسجلة زيادة بنسبة 20٪ مقارنة بإنجازات الموسم الفلاحي السابق. ويخصص ما يقارب 220.000 هكتار من هذه المساحة الإجمالية للزراعات الربيعية الرئيسية التي تشمل الحمص والذرة وعباد الشمس والفاصوليا الجافة؛ أما البقية فتشغلها زراعات ثانوية أخرى وحتى الآن، وصلت مساحات الزراعات الربيعية (الحمص، ذرة الحبوب، عباد الشمس، الفاصوليا الجافة) إلى 211.000 هكتار، أي ما يعادل 97٪ من البرنامج المحدد، بزيادة قدرها 19٪ مقارنة بإنجازات الموسم الفلاحي السابق. فيما يلي الإنجازات حسب الأنواع فذرة الحبوب سجلت زيادة في المساحة تقدر ب 16٪ مقارنة بالموسم الفلاحي السابق (94.930 هكتار)، مساحة الحمص بلغت 64.712 هكتار، بزيادة 4٪ مقارنة بالموسم الفلاحي السابق (62.490 هكتار)، عباد الشمس : 28.447 هكتار، بزيادة 49٪ مقارنة بالموسم الفلاحي السابق (19.110 هكتار)، الفاصوليا الجافة : 8.183 هكتار، بزيادة 14٪ مقارنة بالموسم الفلاحي السابق (7180 هكتار)، أما بالنسبة لزراعات الخضروات المسقية لفصل الربيع، وصلت عملية البذر إلى حوالي 50.000 هكتار، أي 62٪ من البرنامج المحدد (80.000 هكتار). ويبلغ مدى تقدم إنجاز الأنواع الرئيسية: 50٪ للبطاطس، 68٪ للبصل، 39٪ للجزر واللفت، 72٪ للقرع والكوسة، 41٪ للدلاح و37٪ للبطيخ. وتجدر الإشارة إلى أن عملية البذر تستمر إلى النصف الأول من يونيو، وسيمكن الإنتاج من تغطية احتياجات السوق المحلية من الخضروات خلال فترة الصيف، ويضل تطور هذه الزراعات وكذا توقعات الإنتاج رهينة بالظروف المناخية (الرطوبة ودرجات الحرارة) لشهر ماي 2022، وسبق لوزارة الفلاحة أن أطلقت برنامج توزيع الزراعات الربيعية على مساحة قد تصل إلى 320 ألف هكتار مع تتبع شامل للموسم الفلاحي وتقدم برنامج التخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية في المناطق المتضررة التي تخضع فيها محاصيل الحبوب للتأمين، أنهت التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (مامدا) الخبرات الميدانية حيث بدأت عملية تعويض الأراضي المتضررة في الأسبوع الأول من شهر أبريل 2022
وتشرف وزارة الفلاحة والصيد البحري على عملية تتبع تقدم موسم الزراعات الربيعية. الذي أعطيت انطلاقته في ظرفية مناخية تتسم بعودة الأمطار بعد التساقطات المطرية المسجلة خلال شهر مارس 2022 حيث بلغ متوسط التساقطات التراكمي الوطني خلال شهر مارس 60 ملم، أي زيادة قدرها 46٪ مقارنة بمتوسط ​​30 سنة (41 ملم) و52٪ مقارنة بالموسم السابق (39 ملم). هذه التساقطات لها تأثير جد إيجابي على الغطاء النباتي للمراعي والأشجار المثمرة وتبشر بآفاق جيدة بخصوص توزيع الزراعات الربيعية أي القطاني وخاصة الحمص والبذور الزيتية خاصة عباد الشمس والخضراوات والذرة.
وكما كان متوقعا أن تصل المساحة المتوقعة للزراعات الربيعية الرئيسية (الذرة والحمص وعباد الشمس والفاصوليا الجافة) 320 آلاف هكتار إذا استمرت الظروف المواتية، مع العلم أنه بعدة جهات، يقوم الفلاحون بتدارك الأمر بخصوص الزراعات الخريفية المتضررة من نقص التساقطات المطرية، فيما يتعلق بزراعة الخضروات الربيعية، تبلغ المساحة المبرمجة 80000 هكتار وسيمكن الإنتاج المتوقع لهذه الزراعات من تغطية الاحتياجات الاستهلاكية للسوق المحلي خلال فصل الصيف، وفي هذا الإطار، أعلنت مجموعة القرض الفلاحي للمغرب عن وضع خط قروض مهم مخصص للزراعات الربيعية “الفلاحة الربيعية” لتمويل هذا الموسم. وفي المناطق المتضررة التي تخضع فيها محاصيل الحبوب للتأمين، أنهت التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (مامدا) الخبرات الميدانية وسيبدأ تعويض الأراضي المتضررة في الأسبوع الأول من شهر أبريل وقد عبر ممثلو التنظيمات البيمهنية عن التزامهم لمواصلة التعبئة من أجل تشجيع المنتجين على وضع الزراعات الربيعية.

البرنامج الوطني لتدبير وعقلنة مياه السقي

حظي السقي الفلاحي بمكانة مركزية ضمن البرامج الإصلاحية الأفقية والمهيكلة الرامية إلى مواجهة ندرة الموارد المائية. وفي هذا الإطار، أولى مخطط المغرب الأخضر أهمية خاصة لترشيد استعمال مياه الري كوسيلة لتحسين الإنتاج الفلاحي والإنتاجية الفلاحية ، مع ضمان استعمال ناجع ومستدام للموارد المائية في سياق يتميز بالتغيرات المناخية . تتمحور سياسة التحكم في المياه وتدبيرها في إطار مخطط المغرب الأخضر حول ثلاثة برامج مهيكلة للري:
+ البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه السقي: الذي يهدف إلى تطوير السقي بتقنيات الري الموضعي على مساحة تناهز 000 550 هكتار في أفق 2020، وذلك بهدف تحسين نجاعة استعمال مياه السقي في المجال الفلاحي، مما سيمكن في نهاية المطاف من اقتصاد وتثمين 1.4 مليار متر مكعب سنويا . وبلغت المساحة المجهزة بتقنيات الري الموضعي إلى غاية 2019 حوالي 585 ألف هكتار، متجاوزة الهدف المحدد لسنة 2020 الذي كان 000 500 هكتار.
+ برنامج توسيع الري بسافلة السدود: ويهدف إلى توسيع السقي على مساحة 130 ألف هكتار بسافلة السدود المنجزة أو المبرمجة، سواء عبر إحداث مجالات سقوية جديدة أو عن طريق تعزيز السقي في النطاق السقوي الموجود. ويتوخى هذا البرنامج مواجهة ضعف تثمين حوالي 1.2 مليار متر مكعب من الموارد المائية المعبئة في السدود والموجهة للسقي الفلاحي. وقد بلغت المساحة المجهزة أو في طور الإنجاز في إطار هذا البرنامج حوالي 280 82 هكتار إلى غاية متم سنة 2019.
+ برنامج تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص: في مجال الري والذي يهدف إلى تحسين الظروف التقنية والاقتصادية والتمويلية لتدبير خدمات مياه الري داخل المجال الفلاحي المسقي. ويهدف هذا البرنامج إلى الحفاظ على المياه الجوفية، عبر تعبئة الموارد المائية غير التقليدية من خلال العديد من المشاريع منها مشاريع المحافظة على مياه السقي ومشاريع تحلية مياه البحر. وفي هذا السياق، تم إبرام 4 اتفاقيات شراكة بين القطاعين العام والخاص إلى حدود نهاية سنة 2019 ، ضمنها مشروعين لتحلية مياه البحر بغرض استعماله في الري الفلاحي على مساحة 000 15 هكتار في منطقة شتوكة آيت باها و000 5 هكتار في الداخلة.
وقد مكنت هذه البرامج السقوية، التي تم إطلاقها في إطار مخطط المغرب الأخضر، من تجهيز وتحديث حوالي 800 ألف هكتار بتقنيات الري الموضعي إلى حدود نهاية سنة 2019 ، أي ما يمثل 50% من المساحة المسقية على المستوى الوطني .وبلغ حجم الاستثمارات المنجزة في إطار هذه البرامج حوالي 36,1 مليار درهم، استفادت منها 235 ألف ضيعة، الشيء الذي مكن من اقتصاد وتثمين أكثر من 2 مليار متر مكعب من مياه السقي سنويا، منها 1.6 مليار متر مكعب في إطار البرنامج الوطني لاقتصاد مياه السقي. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج مكن زيادة نسبة المساحات المسقية بتقنيات الري الموضعي ضمن المساحة المسقية الإجمالية من 9% سنة 2008 إلى 37% سنة 2019.

برامج التخفيف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري

وتشكل التغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري إشكالية رئيسية ذات بعد عالمي، والتي يتطلب تخفيفها تدخلات واسعة النطاق. وعلى الرغم من كون المغرب يعتبر من بين البلدان الأقل تسببا في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إلا أنه انخرط بنشاط في الجهود الدولية الرامية للحد من تأثير التغيرات المناخية، خاصة من خلال المصادقة على اتفاقية باريس للمناخ وتقديم مساهمته الوطنية المحددة بشأن التغيرات المناخية والتي تتضمن أهدافا للتخفيف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع التغيرات المناخية في أفق 2030. وفي هذا الإطار، بلور المغرب مجموعة من التدابير تضم 55 إجراء، بينها 14 إجراء خاصا بالفلاحة والتي تتعلق أساسا ببرامج غرس الأشجار المثمرة.
وبلغت المساحات المغروسة في إطار الدعامة الثانية لمخطط المغرب الأخضر إضافة إلى عقود البرامج الخاصة بتنمية سلاسل الزيتون والحوامض والنخيل والأشجار المثمرة، حوالي 490 ألف هكتار ما بين 2008 و2019، متجاوزا بذلك هدف مخطط المغرب الأخضر المحدد في غرس 12 مليون شجرة في السنة، مساهمة بذلك في الرفع من قدرة امتصاص ثاني أوكسيد الكربون لمجموع القطاع الفلاحي بنسبة تتجاوز 33%.
البرنامج الوطني لتحويل المساحات المزروعة بالحبوب وتكثيف غرس الأشجار المثمرة

بهدف التخفيف بشكل مستدام من تأثير التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي وتحسين مداخيل الفلاحين، عمد مخطط المغرب الأخضر إلى إرساء برنامج تحويل المساحات المزروعة بالحبوب، والمعروفة بسرعة تأثرها بالتغيرات المناخية، واستبدالها بأصناف نباتية ذات قدرة أكبر على مقاومة التغيرات المناخية وتثمين الأراضي كالأشجار المثمرة. بالإضافة إلى ذلك، تم وضع برنامج تعزيز الزراعة المكثفة للأشجار المثمرة، وذلك عبر إعادة تأهيل وصيانة البساتين الموجودة من أجل تحسين الإنتاج الفلاحي وتثمين المجهودات المبذولة لتحسين الأراضي الفلاحية وعصرنتها، كالتجهيز بتقنيات الري والمكننة وتحسين أساليب الإنتاج وتثمينه، وفي هذا الصدد، أخذ بعين الاعتبار، التدبير النشط والاستباقي لتغير المناخ، وعلى الخصوص الجفاف والحفاظ على الموارد الطبيعية، عند بلورة جميع مشاريع مخطط المغرب الأخضر، بما في ذلك استهداف نوعية الزراعات المناسبة لكل ضيعة ، وتنويع وتكثيف الأنشطة الزراعية. وهو ما سيساهم في تحسين مداخيل الفلاحين وتنويع مصادرها والتخفيف من هشاشتها وارتباطها بالتغيرات المناخية.

البرنامج الوطني لتغطية المخاطر المناخية

بغرض تعزيز نظام تغطية المخاطر المناخية التي يتعرض لها القطاع الفلاحي، تم تطوير برنامج للتأمين الفلاحي متعدد المخاطر. يكتسي هذا البرنامج أهمية خاصة في سياق مطبوع بالتغير المناخي، إذ يمكن من الانتقال من مقاربة ترتكز على تدبير الأزمة إلى مقاربة جديدة تتمحور حول تدبير المخاطر، مساهما بذلك في تحسين قدرة الفلاحين على التأقلم والتكيف في مواجهة تداعيات تقلبات المناخ المرتبطة بالجفاف وركود المياه والبرد والصقيع والرياح القوية والعواصف الرملية.وفي هذا السياق، تم تطوير وطرح منتوجين للتأمين الفلاحي، وهما التأمين المتعدد المخاطر المناخية الخاص بالحبوب والقطاني والزراعات الزيتية : وقد مكن هذا المنتوج من الرفع من المساحات المؤمنة من 326 ألف هكتار خلال الموسم الفلاحي 2011-2012 إلى أكثر من مليون هكتار منذ سنة 2016، بينما يلعب برنامج التأمين المتعدد المخاطر المناخية الخاص بالأشجار المثمرة دزرا هاما وهو البرنامج الذي تم إرساؤه سنة 2014 لتغطية هذه السلسلة ضد المخاطر الرئيسية التي قد تهددها (البرد، ركود المياه في الحقول الفلاحية، الصقيع، الرياح القوية، الحرارة المرتفعة ورياح الشرقي).
البرنامج الوطني لحماية الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي

لحماية الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي، قامت وزارة الفلاحة بتبني استراتيجية لتنمية الواحات وشجر الأركان، والتي تهدف إلى تنمية وتطوير هذه المناطق التي تتسم بالهشاشة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛ وذلك بالإضافة إلى البرنامج الخاص بتنمية المراعي وتنظيم الترحال والذي يهدف إلى التدبير المستدام للموارد الرعوية، وإحداث مراعي احتياطية، وغرس 650 ألف هكتار من الشجيرات العلفية في المراعي، وتطوير نقط مائية بهذه المناطق. وقد مكن هذا البرنامج المُهيكِل، بالإضافة إلى التدابير المنصوص عليها في إطار القانون رقم 113-13، من المساهمة في التدبير المستدام للمراعي ومن تنظيم حركة الترحال.

البرنامج الوطني للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية

من أهم محاور البرنامج الاستثنائي للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية الذي سيكلف غلافا ماليا إجماليا يقدر بعشرة ملايير درهم، والذي أطلقته الحكومة نجد ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق الأول بحماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، ويستهدف المحور الثاني التأمين الفلاحي، في حين يهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين حيث سيساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بمبلغ ثلاثة ملايير درهم في هذا البرنامج كما يهم برنامج عمل الشق الأول، الذي تصل تكلفته المالية إلى 3 ملايير درهم، توزيع 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة مربي الماشية، و400 ألف طن من الأعلاف المركبة لفائدة مربي الأبقار الحلوب للحد من آثار ارتفاع أسعار المواد العلفية وتراجع موفورات الكلأ بكلفة إجمالية تصل إلى 2.1 مليار درهم، كما يتعلق الأمر بتلقيح ومعالجة 27 مليون رأس من الأغنام والماعز و200 ألف رأس من الإبل ومعالجة النحل ضد داء الفارواز بميزانية قدرها 300 مليون درهم، ويشتمل هذا المحور أيضا إعادة تأهيل مدارات الري الصغير والمتوسط ​​بهدف صيانة المعدات وخلق فرص عمل من خلال تطوير وتأهيل السواقي ومآخذ المياه التقليدية والخطارات بميزانية تصل إلى 255 مليون درهم؛ وتتعلق التدخلات كذلك بتوريد الماشية عبر تهيئة وتجهيز نقط مائية، واقتناء صهاريج وشاحنات صهريجية، وتهيئة المراعي على مساحة 10 آلاف هكتار بميزانية قدرها 224 مليون درهم، والري التكميلي لاستدامة البساتين حديثة الزراعة (من 2 إلى 5 سنوات) التي تم غرسها في إطار الفلاحة التضامنية على مساحة 55 ألف هكتار بميزانية إجمالية تبلغ 121 مليون درهم، أما المحور الثاني من البرنامج، فيتعلق بالتأمين المتعدد المخاطر للموسم الفلاحي الحالي، سيتم العمل على تسريع أجرأة التأمين ضد الجفاف بالنسبة للفلاحين، برأس مال مؤمن عليه من قبل الفلاحين يصل إلى 1.12 مليار درهم على مساحة مليون هكتار، بينما المحور الثالث المتعلق بتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، فقد خصص له مبلغ مالي بقيمة 6 مليارات درهم، كما يروم المحور الثالث إعادة جدولة مديونية الفلاحين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.

محمد بن عبو

خبير في المناخ والتنمية المستدامة رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

Related posts

Top