بنضراوي حجيبة فنانة تشكيلية عصامية متميزة من مواليد مدينة آزمور سنة 1981، استهوتها الألوان والريشة بالمرحلة الابتدائية فكانت من المتوجات خلال مسابقات الرسم، لتتطور موهبتها بالمرحلة الاعدادية مع أستاذها الفنان عبد الكريم الأزهر، لتلتحق بعد حصولها على شهادة البكالوريا وهي طالبة بكلية الحقوق القاضي عياض بمراكش، بنادي الفنون التشكيلية بثانوية أم الربيع بآزمورتحت إشراف الأستاذ مصطفى أوعنكيش، حيث تمكنت من الظفر بالمرتبة التالتة في المسابقة الفنية الجهوية المنظمة من طرف المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة، لتنطلق مسيرتها الفنية من خلال مشاركتها في عدد من المعارض و المهرجانات الوطنية منها و الدولية، و تترأس بعدها جمعية أزاما للفن التشكيلي والتراث و التي تعد من مؤسسيها. لعبت الانطباعية في أعمالها الفنية دوراً مهماً رغم عصاميتها، كونها استطاعت رسم أحاسيسها وانطباعاتها من خلال لمساتها خالقة مساحة تشكيلية داخل اللوحة، مستقاة من ذاكرتها التسجيلية التي تحتفظ على أحداث وأماكن وفق مفردات و دلالات بسيطة في الشكل، عميقة في الإحساس، بعضها يرتبط بالتراث وآخر بالبيئة الطبيعية والمحلية، مجسدة مشاهد اجتماعية ترتبط بالإنسان وحياته اليومية، ومشاهد أخرى تصور البيئة الطبيعية، في جدلية مستمرة لتأكيد استقلاليتها ونزوعها الذاتي و توسيع رؤاها الفنية، بالولوج للميادين الفنية الحديثة من خلال الاحتكاك والتجربة لتجد ذاتها منخمسة في التجريد بعد أن خلقت تناغما وجدانيا مع الألوان و الأشكال، و الأبعاد والفسحات اللامتناهية، محولة إياها لسيمفونية – لوحة – صاخبة تشع من الداخل تثير البهجة والدهشة في نفسية المتلقي، مشتركة بذلك مع جبرا إبراهيم جبرا عندما وصف اللوحة التجريدية الناجحة بأنها مخاض ” المزج بين المساحة اللونية وفق نسب موسيقية تتصل بالتناغم العددي والفيثاغوري “، ذلك لأن اللون في التجريد يفيض كمد البحر من تلك البؤرة المشعة التي تضفي على بنية اللوحة سحراً . يقول عنها الأستاذ و الفنان التشكيلي مصطفى أوعنكيش ” حجيبة بنضراوي فنانة تتميز بتلقائية الحركة، وعفوية الانطلاق، تلمس من أعمالها رهافة الإحساس بالألوان، تشتغل على الطبيعة بنوعيها الحية والميتة nature morte، هكذا عهدتها في نادي الفنون التشكيلية بثانوية أم الربيع.الذي كانت تعتبر من رائداته و المتميزات، وفوق كل ما هو فني فقد تمتعت حجيبة بأخلاق قل نظيرها، شفعت لها باحتلال قلوب أعضاء النادي جميعه “.
يمكن اعتبار أعمال الفنانة بنضراوي حجيبة، أعمال تحاكي اللغة اللونية من خلال مواضيع واقعية انطباعية متجددة، رغم ميولها من حين لآخر للتجريدية، تثبت تشكيليا ما تحمله من تقنيات وأفكار، تنساق لنسق الحياة التي تعيش فيها، والوسط الذي يؤثر في إبداعاتها، ويعكس رؤاها للمجتمع الذي تتشبع بثقافته، أعمال تتميز بوحدة الأسلوب و كثافة اللون، المستقاة من تأثرها بجمالية الطبيعة التي عاشت بين أحضانها سواء على مشارف نهر أم الربيع أو بفضاء البادية الزاخر بالألوان الساحرة، ضمن تطور تدريجي ونمو لا يعتمد القفزات والانتقالات، كما تأثرت بعمارتها وحجارتها الصامتة وصور حياة أهلها وعاداتهم و تقاليدهم، متأملة ومحاورة لتفرغها في منجزاتها كلوحة الأرملة و الشمعة ولوحة تازوطا ولوحة السوق والصقر والربيع و.. ببراعة و شفافية لونية تعكس اللون والضوء من جهة والظلال والمنجز في تناغم وتناسق أبهر متتبعيها من جمهور و نقاد تشكيليين، كونها أعمال تتميز أيضا بالدفء والحنين للماضي بكل تبعاته الجميل منها والقبيح، كحقائق لا يمكن السكوت عنها، وعن رأيها حول الفن التشكيلي والتشكيليين بمدينة آزمور فتقول على أنه كنهر أم الربيع جميل وخصب ووافر وهو ثروة متنوعة، لكن ليس هناك من يهتم به، ولا يعيره المسؤولون وأصحاب القرار أي اهتمام.
< محمد الصفى