الفيتو يذبح الديمقراطية في مهدها

عندما تشارك الدول العظمى في أكبر مجزرة للديمقراطية، بتشكيل هيئة دولية، تفتي في شؤون الأوطان. وتصدر من خلالها قرارات دامية ودرامية، باعتماد حق (الفيتو) الممنوح من طرفها. فاعلم أنه لا يحق لهذه الدول أن تدعي الديمقراطية والحريات وغيرها من الشعارات التي لا تتجسد في سلوكات وتصرفات أنظمتها. وأنه لا يحق لها أن تقدم النصائح إلى باقي الدول، ولا أن تأخذ القرارات بحق قضايا لا تخصها. لأنها ببساطة تغرد خارج سرب كل ما يمكنه أن يصلح الأوطان والشعوب. وأنه حان الوقت لوقف مسلسلها الهزلي الذي أبدعت وتبدع في إخراجه وتصويره، منذ أن خرجت منتصرة من جبهات الحرب العالمية الثانية. وقد شاركت وتشارك في تشخيص أدواره قادة باقي الدول المستضعفة. وأدت وتؤدي شعوب تلك الدول أدوار (الكومبارس)، كما أرغمت وترغم تلك الشعوب على صرف تكاليف الإنتاج من أراضيها وثرواتها ودماءها وعرقها.
مرت ستة و سبعين سنة على تأسيس هيئة الأمم المتحدة (1945)، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، من طرف خمسة دول وهي الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، فرنسا، الصين، بريطانيا. والمشكلة من 15 دولة ضمن هذه الدول الخمسة التي عضويتها دائمة. 72 سنة، وهذه الدول تفرض أمنها العالمي الخاص باعتماد حق (الفيتو). الذي وضعه ممثلوها بمجلس الأمن داخل جيوبهم. ويشهرونه في وجه الأغلبية، كلما أصدروا قرارا لا يروقهم، أو لا يخدم مصالحهم ومصالح الدول الموالية لهم. لا يهم مدى أهمية القرار ولا مدى أحقيته، ومشروعيته. فيكفي أن تتدخل أية دولة من الدول الخمسة الدائمة العضوية، وترفض القرار، لكي يتم إلغاؤه. أليس هذا منتهى الإجرام الديمقراطي؟ ألا يمكن القول والتصريح والصراخ  بأن هذه الدول العظمى (يا حسرة)، تذبح الديمقراطية داخل أكبر هيئة أمنية في العالم. وأنها تجهر بجرائمها وتتحدى باقي دول العالم. وتواظب يوميا على تقديم الدروس في الديمقراطية لأنظمة وشعوب العالم.
ألم يحن الوقت بعد للحديث عن شلة العم سام والخالة فرنسا وشركائهما الأبديين داخل الأسرة الدولية الحاكمة (الأمم المتحدة)، والنافذين داخل مجلسها الأمني الذي يعتبر أكبر وأقوى هيئة  يعهد لها اتخاذ وتنفيذ القرارات الهامة والمصيرية على الصعيد الدولي ؟ ..
تلك الشلة الدائمة في الأمم المتحدة التي وضعت التدابير والمخططات والبرامج، وقامت وتقوم بتمويل عمليات تنزيلها داخل الدول المغلوب على أمرها. بهدف إضعافها اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا وعقائديا و.. توزيع ثرواتها واستعباد شعوبها.
شلة مجلس الجبابرة المتحدين توجه كاميرات قنوات الغزو الفضائي صوب الدول المستضعفة. تدعم الهيئات والمنظمات العالمية من أجل إنجاز تقاريرها وبياناتها على تجاوزات واختلالات مفترضة عن الحريات وحقوق الإنسان والمساواة والعنصرية والتطرف بهدف ابتزاز الأنظمة واستنزاف ثروات الشعوب، ومن أجل إرغام القادة على التصويت لنزوات تلك (الشلة). التي همها الوحيد الركوب على كل شيء بحرا وبرا وجوا. من أجل قضاء مصالحها المادية والمعنوية. ومن أجل ضمان استمرار قيادتها للعالم.
هي من تشعل الثورات والحروب الأهلية والحروب بين الدول. والهدف طبعا هو إرغام الأنظمة على أن تكون أكثر سخاء وعطاء (للشلة). لتتغذى بدماءها ودموعها وعرقها.
هي من تمدد في عمر العنف والصراع العرقي والقبلي والديني لعدة عقود، حتى يصير القتل والتنكيل والتعذيب هوايات تمارس في كل لحظة وحين هنا وهناك في حق الشعوب. وتطول معه المفاوضات واللقاءات التي تنتهي بالتنديد والغضب والاستياء والإدانة والقلق. ويكتفي الإعلام بإحصاء القتلى والمنكوبين والمشردين واللاجئين، وفرز التأويلات المتفق عليها مسبقا. مواجهات مخطط لها مسبقا بضغط من تجار السلاح والبشر.
لندرك جيدا أن قادة مجلس تلك الشلة تدبروا أمر بلدانهم، وحظوا بنفس (الكعكات)، في مناطق توتر مختلفة. وأن الهدف من لقاءات مجلس الأنس والفيتو، هو تدبير تلك الصراعات والمواجهات وليس إنهاءها. كما أن إشعال فتيل الصراعات حول الحدود أو بسبب مواقف سياسية، هي سياسة معتمدة من أجل وقف نمو تلك الدول حضاريا وثقافيا، والتمكن من التحكم في أنظمتها ومساراتها. ويكفي أن هناك شعوبا إفريقية تقتات من العفن والتراب، وأطفال ونساء يموتون يوميا بسبب الجوع والأمراض والأوبئة، علما أنهم يعيشون فوق أراضي، بواطنها تحتوي على ثروات معدنية مختلفة نفيسة من نفط وغاز وذهب و…و يكفي أن هناك شعوبا محرومة من حقوقها في التربية والتعليم والتكوين والإبداع، وممنوعة من حقها في الاستقلال وترسيم حدود بلدانها، لكي لا تفرز أجيالا يصعب التحكم فيها. عندما تنتفض هذه (الشلة) بشكل مفاجئ وتعبئ عتادها وعدتها من أجل الإطاحة بعدة أنظمة باسم التدخل من أجل إنقاذ الشعوب وضمان كرامتها وحقوقها. فاعلم أن تلك الشلة طورت من عملياتها الإجرامية، و لم تعد تشتغل بمنطق قطاع الطرق ولا كالقراصنة الذي لا سكن ولا موطن لهم. وإنما تمكنت من فرض تأسيس منظمة ومقر وقوانين تخدم مصالحها. كيف إذن يكمن تفسير قدرة (الشلة) على الإطاحة بنظام صدام حسين، وعدم قدرتها على الإطاحة بمنظمة (داعش)؟. وكيف يمكن تفسير قدرة منظمة مصنفة في خانة المنظمات الإرهابية، على إنتاج وتسويق النفط؟ ومن هي تلك الدول التي تشتري النفط الداعشي مثلا؟ علما أن تسويق النفط معتمد من طرف منظمة الأوبيك بمعايير وشروط وبرامج لا يمكن تجاوزها، للحفاظ على توازن الاقتصاد العالمي.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top