الكتابة والقارئ

لعل من هواجس الكاتب المغربي المعاصر مدى قدرته على توسيع قاعدة قرائه، وربما مقاومة تلاشيهم، فدائرة الكتابة والقراءة  تشترط عناصر أخرى ضمن هذه الدائرة: (شروط حقوقية كالمناخ التداولي للحريات، وشروط ذاتية، وشروط معرفية، وشروط إنتاجية، وشروط تداولية، وشروط التلقي ..).

 ليست الكتابة كمعطى صياغة فكر وإبداع سوى أول خطوة في مسار طويل، فيه كثير من الأعطاب والحفر في واقعنا الثقافي، فغياب التأثير الإبداعي لما يكتب، ربما يكون مرده إلى خرق أو ثغرة أو انقطاع في سلسلة تلك الدائرة، وتفسير ذلك يعزى إلى أسباب  تقنية تواصلية معاصرة، بيد أن هذه الوسائط لم يكن لها في الدول الغربية هذا الخطر المفسر الذي نرجعه إليها، ولا ذلك التأثير السلبي، وما تزال الدائرة الثقافية في كثير من دول العالم المتقدم تنتج في ظروف سليمة وتتواصل مع القراء وتؤثر في الرأي العام، وتصنع بذلك أحداثا هامة وهوية اجتماعية تعلي من دور المثقف والكاتب، إذن العلة توجد في أمكنة أخرى وفي أحوال أخرى، لعل للفضاءات المشتركة بعض نصيب من الحل، تلك الفضاءات التي من المفترض أن تنشئ  ثقافة اجتماعية تقدر قيمة الكتابة وتثمن شريحة الكتاب، فأولى الخطوات بناء وعي جماعي بأهمية الكتابة والإبداع، ولعل الإعلام يساهم في نزع المخاوف من الممارسة الثقافية، أي نزع الفوبيا التي تسكن الفئات الهشة من المثقفين والكتاب.

 ليست القراءة وتناميها واتساعها سوى ملمح على التعافي الثقافي، ولحصول ذلك، من المفيد اجتماعيا خلق أعراف للاحتفال بالكاتب والكتاب، ليس في غرف مغلقة بل بين الناس، وبشكل يخلخل التصور البرج عاجي الذي ترسخ لدى العامة عن الكتاب والكتب.

نحن في وضع خطير، عندما نعلم أن الفئات التعليمية كجسم يتوقع أن يكون في طليعة القراء ومستهلكي الكتب هم أضعف الشرائح قراءة وتداولا للمنتوج المكتوب، وإن علمنا أن الوضع الشاذ للمكتبات وطنيا ومنها المدرسية ينبئ بسكتة قرائية!

 لا نجزم بشيء بقدر ما نفكر ونطرح قضية من القضايا التي تهم مستقبلنا كأمة طامحة للنهوض، لعل التفكير في الحلول التقليدية ولى، ولعل إشراك من يعانون من المشكل توفير للوقت، ولعل جعل الشباب في امتحان إيجاد حلول غير متوقعة هو الخروج من هذه الأزمة.

 طبع الكتاب أضحى حدثا ميتا، والاطلاع عليه معجزة وتوزيعه حلم .. ربما نمارس في هذه المقالة ما نعتقد أنه يؤسس لوعي لا يجب أن يكتفي بمرحلة التشكل ولكن أن ينتقل إلى الفعل.

 بقلم: أمجد مجدوب رشيد

Related posts

Top