الكتلة الديمقراطية

شرعت الأحزاب الثلاثة المكونة للكتلة الديمقراطية منذ أيام في عقد اجتماعات تنسيقية بين زعمائها في خضم المشاورات الجارية بشأن القوانين الانتخابية والاستعداد للاستحقاقات القادمة.
اللقاءان اللذان تما إلى غاية الآن كشفا عن استعداد مبدئي لإعادة الحياة للعمل المشترك بين القوى الديمقراطية، وبالتالي الانكباب على تجاوز الأعطاب التي لحقت المسار والتجربة، ما يستدعي من الجميع شجاعة أكبر قصد السير بهذه الدينامية إلى مداها.
لقد بات الكل يتفق اليوم على استحالة بروز (حزب مسيطر) أو هيئة واحدة بإمكانها امتلاك الأغلبية المطلقة لوحدها، وذلك بالنظر لواقع مشهدنا السياسي ولطبيعة نمط الاقتراع المعتمد ولمميزات سوسيولوجيتنا الانتخابية، وهذا ينبهنا إلى حاجة المغرب حاضرا ومستقبلا إلى تكتل مثل (الكتلة الديمقراطية) لضخ حركية سياسية متجددة في المجتمع، ولقيادة مسلسلات الإصلاح.
الحديث اليوم عن إعداد مذكرة مشتركة بين أحزاب الكتلة حول الإصلاحات الانتخابية، يبقى خطوة جيدة، والسعي إلى بلورة مقاربات مشتركة بشأن الانتخابات وبقية الإصلاحات السياسية أيضا يعتبر توجها ايجابيا، لكنها كلها خطوات تبقى غير كافية في السياق المجتمعي الحالي.
اليوم الكتلة مدعوة إلى طرح أسئلة مغرب اليوم، وتقديم الأجوبة بشأنها، تماما كما فعلت في بداية التسعينات عند التأسيس، وهذا من شأنه أن يدفع إلى تدقيق أجندة المرحلة الحالية والمقبلة لمغرب ما بعد فاتح يوليوز.
لقد كانت الكتلة قد شرعت في التأسيس لمرحلتها الثانية سنة 2006 عندما  وقعت على تجديد ميثاقها، وعندما أعلنت مكوناتها الثلاثة على أنها إما ستشارك في الحكومة مجتمعة أو ستتموقع كلها  في المعارضة، واليوم هي في حاجة لمثل هذه الخطوة، مع استحضار متغيرات الذات والمحيط الوطني والإقليمي، خاصة أن مغرب الدستور الجديد في حاجة إلى قوة سياسية مجتمعية  تكون المحرك الحقيقي نحو تعزيز الديمقراطية والحداثة والتنمية، وهنا الكتلة مؤهلة لهذا الدور التاريخي لمصداقية مكوناتها ولمساراتها التاريخية والوطنية.
لكن التحدي لا يمكن كسبه فقط بترديد تراتيل التاريخ، إنما الحاجة ماسة إلى تصحيح كل الاعوجاجات وتجاوز الإرباكات، وبالتالي الخروج إلى شعبنا بهوية متجددة وبميثاق متجدد وبانفتاح أكبر وبمصداقية أكثر  وبرؤية أوضح وبالتزامات أقوى، لأن المغرب في حاجة إلى القوى السياسية الوطنية ذات المصداقية وذات القرار المستقل وذات الامتداد الشعبي والمجتمعي والنضالي.
بلادنا اليوم في حاجة  إلى إعادة بناء دينامية سياسية وشعبية جديدة ومنسجمة مع ما يجري في الشارع وفي المحيط، وتتمثل أسئلة ومهام المرحلة، وهنا الكتلة قادرة على أن تكون المحرك الرئيسي شرط أن تنفتح وأن تتجدد وأن تحضر وتفعل في الميدان وعلى الأرض.

[email protected]

Top