الكتلة

محتات الرقاصاحلت أمس الذكرى ال18  للكتلة الديمقراطية، وذلك وسط تزايد النقاش حول التحالفات الحزبية، وحول المشهد السياسي والحزبي ببلادنا.


لقد مثل الإعلان عن الكتلة فعلا حدثا سياسيا في مسار الأحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية، وساهمت الدينامية التي أحدثها هذا التحالف في مجمل ما عاشه المغرب المعاصر من تحولات وإصلاحات، لكن الكل يقر اليوم، ومنذ مدة طويلة، بالجمود الذي مس الكتلة.

واليوم عندما يصف إسماعيل العلوي ممارستنا السياسية ب”السريالية”، وفي الوقت الذي تطالعنا كل يوم خطابات وتصريحات من هنا ومن هناك عن نوايا تحالفات هي بلا معنى في العديد من الحالات، وعندما يستلم البعض المقص ويبدأ في تصنيف الأحزاب وتشكيل الخرائط المزاجية، أو يصير التحالف مقترنا في عقل البعض الآخر بالركض وراء تأمين مواقع أو نتائج انتخابية حتى، هنا يحق فعلا استدعاء “الكتلة” كتجربة وكمسار وكدلالة.
لكن إذا كانت مكونات الكتلة تتميز بتقارب في الأفكار والمواقف والأهداف، وهو ما يجعلها مؤهلة لتكون نواة لتحالف وطني ديمقراطي أوسع، باستطاعته تشكيل قطب انتخابي منافس، فلماذا إذن فشلت المكونات المذكورة حتى في تعزيز ديناميتها الوحدوية ؟
بغض النظر عن مختلف التقييمات التي أوردها الكثيرون في أكثر من مناسبة، ومع استحضار الانطلاقة الجديدة التي أعلن عنها مؤخرا من خلال اللقاءات الثنائية بين الأحزاب الثلاثة المكونة اليوم للكتلة، فإن المرء يكاد أحيانا يتفق على أن الجانب السيكولوجي والتاريخي قد يكون  التفسير  لتعثرات العلاقة بين بعض هيئات هذا التحالف.
إن المشهد الحزبي في المغرب اليوم يشهد عديد تحولات، ليس شرطا أن تكون كلها ايجابية، ومن الراجح أن تتكثف في المستقبل، وفي أفق الانتخابات المقبلة، وربما قد تعرف أحزاب ديناميات داخلية  قد تدفعها إلى اصطفافات جديدة، وربما قد تبرز عوامل من خارجها بغاية إجراء تركيبات حزبية معينة، وثالثا قد يؤدي النقاش الجاري اليوم حول مراجعة نظام الاقتراع والقوانين الانتخابية وقانون الأحزاب، وحتى نظام الجهوية الموسعة، إلى تموقعات حزبية مختلفة، وهذه الرهانات كلها تجعل استدعاء “الكتلة” لطاولة الدرس بين مكوناتها  أمرا لا يخلو اليوم من أهمية .
الكتلة الديمقراطية، تحالف موجود، وباستحضار قليل من النضج “السيكولوجي”، وقليل من بعد النظر، يمكن الانطلاق من هذه الدائرة، لتعزيزها بقوى لها تقارب برنامجي وسياسي  يتطلع إلى مستقبل المغرب وضرورات تنميته وتقدمه والرقي بشعبه، وهنا اليسار يمكنه أن يكون حليفا قويا للكتلة الديمقراطية، ضمن لقاء استراتيجي.
من مصلحة المغرب أن يبتعد الحديث عن التحالفات الحزبية عن الأحداث الظرفية مثل انتخاب رئيس لمجلس النواب أو اجتماع تنسيقي للأغلبية أو مناسبة تقديم التصريح الحكومي، والتموقع ضمن هدفية إستراتيجية  تهتم بتحديات  مغرب اليوم.

 

Top