اللبنانيون يختارون ممثليهم في البرلمان وسط انهيار اقتصادي غير مسبوق

أدلى اللبنانيون بأصواتهم أمس الأحد في انتخابات يرجح أن تبقي الكفة مرجحة لصالح القوى السياسية التقليدية التي يحملها مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين.
وتشكل الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.
وفتحت صناديق الاقتراع عند الساعة السابعة (04,00 ت غ) أمام أكثر من 3,9 ملايين ناخب يحق لهم الاقتراع.
وقالت نايلة (28 عاما) بعد اقتراعها في مركز في منطقة الجميزة في بيروت لوكالة فرانس برس “أنا مع التغيير لأننا جربنا الطبقة السياسية من قبل وحان الآن الوقت لاختبار وجوه جديدة”.
ولم تسجل مراكز الاقتراع إقبالا كثيفا حتى الساعة في معظم المناطق، مع إعلان وزارة الداخلية أن نسبة الاقتراع بلغت 1,67 في المئة بعد ساعتين من فتح الصناديق. وأفادت تقارير إعلامية محلية عن انقطاع الكهرباء في عدد من المراكز، رغم تأكيد وزارة الداخلية أن التغذية ستكون متوافرة بشكل متواصل طيلة اليوم الانتخابي.
ولا يتوقع أن يحصل نتيجة الانتخابات، تغيير في المشهد السياسي يتيح معالجة القضايا الكبرى في البلد ذي الموارد المحدودة والبنى التحتية المهترئة والفساد المستشري.
ويقول الباحث سام هيلر في تقرير نشرته مؤسسة سنتشوري للأبحاث “من المفارقة أن الانتخابات الوطنية الأولى منذ بدء الأزمة لن تحدث على الأرجح فارقا كبيرا”. ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. كما يعاني من شح في السيولة وقيود على السحوبات المالية من المصارف وانقطاع في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم.
كما تأتي الانتخابات بعد نحو عامين على انفجار الرابع من غشت 2020 الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.
وقالت سينتيا طوكاجيان (37 عاما) وتعمل في مجال الاستشارات، بعد اقتراعها في محلة الكرنتينا في بيروت، لفرانس برس “أتمنى أن يشعر الذين كانوا جزءا من هذه المنظومة المكسورة، أن من واجبهم اليوم أن يكونوا جزءا من عملية إصلاحها عبر الانتخاب” ضدها.
ويضم البرلمان 128 نائبا. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.
ويخوض عدد كبير من المرشحين الانتخابات تحت شعارات “سيادية” منددة بحزب الله الذي يأخذون عليه انقياده وراء إيران وتحكمه بالبلاد نتيجة امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة. ويطالبون بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وبين المرشحين المعارضين من يحمل الشعارات نفسها.
وساهمت الأزمات في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين الذين هاجر آلاف منهم خلال السنتين الماضيتين، ولا سيما منهم الشباب. ويبدو عدد كبير من الناخبين وفق استطلاعات الرأي غير آبه بالاستحقاق الانتخابي ونتائجه. لكن آخرين يتطلعون إلى تحقيق تغيير وإن محدود لصالح مجموعات معارضة.
وتقول ماريانا فودوليان (32 عاما) وهي من المتحدثين باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت لفرانس برس “نحن ضد المنظومة التي حكمتنا منذ ثلاثين عاما وسرقتنا وفجرتنا. الانتخابات فرصة لتغيير المنظومة ومحاسبتها”.
لكن رغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين التحقيق في الانفجار بعد الادعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيشتها خلال الحملة الانتخابية.

<أ.ف.ب

Related posts

Top