انتعشت الليرة التركية مساء الاثنين بعد أن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان إجراءات جديدة للدعم النقدي فسرها محللون على أنها رفع غير مباشر لأسعار الفائدة.
وارتفعت الليرة التركية بنحو 10% مساء الاثنين بعد الإعلان عن الإجراءات الجديدة، متجاوزة بذلك خسارة بنحو 10% من قيمتها عانت منها سابقا خلال اليوم.
وقال محللون إن أردوغان رضخ لضغوط السوق ورفع أسعار الفائدة بشكل غير مباشر حيث أعلن عن سلسلة من الإجراءات المعقدة لإنقاذ العملة الوطنية.
وتشمل هذه الإجراءات أداة مالية جديدة تهدف إلى تعويض الانخفاض في قيمة الودائع المصرفية الناجم عن انخفاض قيمة الليرة.
ولم يشرح أردوغان كيف ستعمل هذه الأداة. لكن المستشار السابق للخزانة التركية محفي إجلمز وصف الإجراءات الجديدة بأنها «رفع غير مباشر في أسعار الفائدة».
ودفع التراجع المتواصل لقيمة الليرة التركية الاثنين التجار الذين يتوخون عادة الحذر إلى الخروج عن صمتهم لمطالبة أردوغان بإعادة النظر في سياسته النقدية.
وإزاء تصميم أردوغان على مواصلة الدعوة إلى خفض أسعار الفائدة، دعته جمعية رجال الأعمال الأتراك التي تمثل حوالي 85 بالمئة من شركات التصدير إلى تصحيح السياسة النقدية التي تدفع الاقتصاد والبلد نحو الهاوية.
وتراجعت الليرة التركية مجددا صباح الاثنين إذ فقدت نحو عشرة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار قبل أن تعوض بعضا من خسائرها، ما دفع السلطات إلى تعليق التداول في البورصة عصرا بشكل مؤقت، وذلك للمرة الثانية منذ يوم الجمعة.
وتواصل الليرة التركية تراجعها إلى مستويات قياسية، وتخطى سعر الصرف 17 ليرة للدولار، لتخسر أكثر من 45 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية نونبر.
ويأتي التراجع الجديد للعملة المحلية غداة تصريحات لرئيس الدولة نشرت مساء الأحد – لكنها سجلت السبت – أكد فيها أنه لن يرفع أسعار الفائدة من أجل تثبيت سعر الصرف.
وعزا أردوغان قراره إلى تعاليم الإسلام الذي يحرم الربا، وقال «بصفتي مسلما، سأفعل ما يأمرني به ديننا» و»إن شاء الله سينخفض التضخم في أسرع وقت ممكن».
وبذلك يكون أردوغان قد رد على جمعية رجال الأعمال الأتراك التي ناشدته في نهاية الأسبوع الماضي التحرك لمواجهة الأزمة.
وكتبت جمعية المصدرين في بيان نشر على الإنترنت أن «الخيارات السياسية التي تم تنفيذها لم تخلق صعوبات جديدة لعالم الأعمال فحسب، بل لمواطنينا كذلك».
وأشارت مجددا إلى «تحذيراتها من مخاطر حدوث انخفاض كبير في قيمة الليرة والتضخم المتسارع والضغط على الاستثمارات والنمو والتوظيف وإفقار بلادنا».
وأضافت «وبالنظر إلى ذلك، لا بد من تقييم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد والعودة إلى المبادئ الاقتصادية التي تم وضعها في إطار اقتصاد السوق».
وردا على هذه الدعوة، قام أردوغان بتسجيل الفيديو الذي تم بثه مساء الأحد وقال فيه «إنهم يشتكون من خفض سعر الفائدة. لكن لا تنتظروا مني شيئا آخر».
ومساء الاثنين هاجم أردوغان مجددا جمعية رجال الأعمال الأتراك في مؤتمر صحافي إثر جلسة للحكومة.
وقال الرئيس التركي متوجها إلى الجمعية «أنتم تتآمرون لإطاحة الحكومة»، واتهمها بالعمل مع المعارضة من أجل تنظيم انتخابات مبكرة.
وقال أردوغان «آمالكم ستتبدد. إنها أضغاث أحلام. عليكم أن تنتظروا يونيو 2023»، في إشارة إلى موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وأعلن الرئيس التركي مجموعة تدابير ترمي إلى جعل حسابات الادخار بالليرة التركية أكثر جاذبية مقارنة بالحسابات بالعملات الأجنبية.
وفيما يضغط الرئيس على البنك المركزي الذي أقال ثلاثة من حكامه منذ 2019، لخفض معدل فائدته، البالغ حاليا 14 بالمئة، وصل معدل التضخم السنوي إلى 21 بالمئة، وقد يبلغ 30 بالمئة في الأشهر المقبلة، وفقا لخبراء الاقتصاد.
لكن المعارضة تتهم مكتب الإحصاء الوطني بتعمد التقليل، إلى حد كبير، من زيادة الأسعار، بحيث شهدت أسعار السلع الأساسية مثل زيت عباد الشمس ارتفاعا بنسبة 50 بالمئة خلال عام.
ويسعى الأتراك إلى استبدال عملتهم المحلية بالدولار والذهب حفاظا على قدرتهم الشرائية.
وأشارت منظمة رجال الأعمال إلى ذلك مستنكرة «فقدان الثقة والبيئة غير المستقرة» مؤكدة أن «الطلب الهائل على العملات الأجنبية يعرقل سائر التوازنات الاقتصادية».
وتم تداول صور على نطاق واسع والتعليق عليها مؤخرا في تركيا، تظهر طوابير طويلة أمام مستودعات الخبز المدعومة من قبل بلديات المعارضة، في أنقرة واسطنبول بشكل خاص، حيث يباع الخبز بنصف سعر السوق.
في هذا السياق، رفع الرئيس الخميس الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 بالمئة إلى 4250 ليرة (240 يورو) اعتبارا من العام المقبل.
وخسرت الليرة التركية أكثر من 57 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية يناير، وقد أدى هذا الانهيار إلى ارتفاع غير محتمل في الأسعار، في ظل اعتماد الدولة بشكل كبير على الواردات، وخصوصا بالنسبة للمواد الأولية والطاقة.
أ.ف.ب